الزنكوغراف الفن الذي لا يفنى..منذ عصر النبي الكريم وحتى ماكينات الليزر

ارتبطت مهنة الزنكوغراف منذ قديم الأزل بالأختام، والأختام التي ظهرت منذ عهد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، تدل على أن المهنة لها تاريخ يفوق كثير من المهن الأخرى التي عاصرتها وربما انقرضت أو اختفت لأنها لم تعد تفيد الجنس البشري.

وصناعة الأختام التي تأصل وجودها في شارع محمد علي، الشارع الذي يمتد من ميدان العتبة وحتى قلعة صلاح الدين الأيوبي، فإذا أردات شركة أو شخص أو محل تجاري صناعة ختم يجب التوجه إلى ذلك الشارع العريق، الذي تبدأ منه رحلة تطور الزنكوغراف، بمراحلها المختلفة بدءًا من السنبك الذي استخدمه الصناع القدامى، وانتهاء إلى الليزر الذي يعد أحدث ما توصل إليه فن الطباعة.

والزنكوغراف يسبق الطباعة في الظهور بمئات السنين، إذ لم تظهر المطابع سوى في عصر النهضة، في حين كان الزنكوغراف موجودًا منذ عهد الحضارة الفرعونية، حيث كان للقصر أو للفرعون وإدارات الحكم أختام خاصة بكل منهم، وهو الأمر نفسه الذي كان عليه الحال في الحضارة الإسلامية، ولعل أبرز ما يذكر فيها أختام النبي عليه أفضل الصلاة والسلام..

ويتميز الزنكوغراف بقدرته على البقاء ليغذي صناعة الزنكوغراف الحديث، مؤكدًا أنه الفن الذي لا يفنى، وإنما يزداد قيمة ومكانة كلما مرت الأيام عليه، ويتطور مراحل العمل من السنبك إلى الليزر، ومن الأحماض إلى الفلوكس جرافيك، فقد انتشر من الأكلاشيه البسيط واليفط والكروت إلى عنصر رئيسي مكمل لكل الصناعات، لعل أبرزها استيكر المنتجات وإعلانات الطرق الشهيرة التي تملأ الشوارع.

الزنكوغراف ظهر في مصر على أيدي اليونانيين، ثم انتقل عن طريقهم إلى بعض المصريين العاملين معهم، وشهد هذا الفن روادًا مصريين لهم شهرة فاقت الأرجاء، وكلمة زنكوغراف، يشير مجملها إلى التعبير عن الزنك، وهو مرحلة من مراحل هذه الصناعة في الماضي، أما الآن فقد يتم الاستعانة بالماغنسيوم بدلاً عن الزنك.

ويعود السبب في كون شارع محمد علي مركزًا لهذه الصناعة، إلى أن الموقع القديم للشارع كان يعتبر مقرا لإقامة الأجانب وخصوصاً الأوروبين منهم، إلى جانب أن أكثر المتعاملين مع الزنكوغراف هم من الفنانين وصناع الصحف والمجلات فضلاً عن الكثير من الشركات.

وكان الزنكوغراف يقتصر على الكروت الشخصية وبعض اليفط للاستعمال المنزلي أو الصحافي فقط، وكان الخطاط في بادئ الأمر، يقوم بالرسم أو بكتابة الشيء المراد طباعته، ثم يقوم بتصويره وعرضه على الخام، ونحته بصورة معكوسة عن طريق تركيبة من الأحماض يعالج بها الخام مستخدما السنبك في عملية الحفر على الخشب أو الزنك أو الماغنسيوم، ثم يغمس الخام في الألوان المراد الطباعة عليها، وتتم طباعة كل لون منفردا، ثم يتم تخفيف المطبوع عن طريق وضعه فوق لوحة من الفلين تسمى بودرة، ثم توضع في صناديق زجاجية يتم تعريضها لأشعة الشمس.

وتكمن في الأحماض المستخدمة سر المهنة، حيث يكون لكل وكالة تركيبة حمضية معينة تستخدم في الحفر، وتحتفظ بسرية تركيبها، وهو الحال نفسه بالنسبة إلى خلط الألوان، وكان المعلم صاحب التركيبة السرية يخفي التركيبات حتى عن العاملين معه، والذين يقومون بالتنفيذ فقط، ودائمـًا ما يدخل حمض الكبرتيك أو ماء النار في هذه الأحماض، أما أشهر الأكليشيهات في ذلك الوقت، فكانت الأختام التي كتبت عليها عبارات ذكر الله وأسماء رسوله الكريم.

وحاليا تم تبديل التركيبات بالليزر، وعن التصميم اليدوي بالتصميم على الكمبيوتر، كما أن تكنيك فصل الألوان ومعالجة الشبكات بالماكينات الحديثة، أثر في طباعة الأكليشيهات، حيث ساهم الليزر في توفير الأحماض والمعادن المستخدمة سواء كان الحفرغائرًا أو بارزًا، وكذلك وفَّر تكنيك فصل الألوان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
محمد صلاح: أشعر بخيبة أمل كبيرة ورحيلي عن ليفربول أقرب من بقائي