تسبب طرد السلطات الهولندية وزيرة الأسرة التركية، بعد ساعات من منع وزير الخارجية من دخول البلاد، في عاصفة غضب داخل تركيا، بدءا من متظاهري الشوارع الذين أغلقوا محيط السفارة الهولندية وأزاحوا العلم الهولندي عنها، وانتهاء بالرئيس رجب طيب أردوغان، الذي قال: "هولندا ستدفع الثمن".
فبعدما وصلت وزير الأسرة التركية فاطمة بتول سايان كايا، اليوم الأحد، إلى إسطنبول بعد أن رحلتها السلطات الهولندية إلى ألمانيا، على خلفية رفضها حملة سياسية بسبب الاستفتاء على الدستور في تركيا.
هكذا أهانوني
ونقلت "فرانس برس" عن كايا قولها بمطار أتاتورك الدولي، حيث استقبلتها جموع تحمل الأعلام التركية: "تعرضنا إلى معاملة فظة وقاسية.. التعامل مع وزيرة بهذه الطريقة أمر غاية في البشاعة".
قالت وزيرة الأسرة التركية فاطمة بتول قايا، إن الحرية كانت معلقة في هولندا بالأمس، وحق التجمع داسته الأقدام، مبينة أن الشرطة الهولندية تعاملت مع الجالية التركية بطريقة غير إنسانية.
وذكرت قايا في مؤتمر صحفي حول المضايقات التي تعرضت لها في هولندا، إن الشرطة الهولندية ألقت القبض على القائم بأعمالها، و5 من الطاقم المرافق لها.
وأضافت الوزيرة التركية، أنها تعرضت لمعاملة غير إنسانية ولا أخلاقية، وعاشت ليلة في غاية المرارة بهولندا التي تتحدث عن الديمقراطية، لافتة إلى أن المعاملة اللإنسانية التي تعرضت لها في هولندا، أمر لايمكن قبوله.
ولفتت إلى أنها كانت على بعد 30 متر من بوابة القنصلية التركية في هولندا، بعدما منعها من الدخول، وجعلها تنتظر لساعات بعدها، مبينة أن لقائها بالجالية التركية في مقر القنصلية لا يحتاج لتصريح كونها تعتبر أراضي تركية.
أين يذهب الوزير الممنوع؟
يلقي وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأحد، خطابا أمام تجمع في مدينة ميتز الفرنسية، وسط خلاف دبلوماسي حاد بين أنقرة وثلاث دول أوروبية (هولندا وألمانيا والنمسا) بسبب قيام مسؤولين أتراك بتنظيم حملات دعائية سياسية في الخارج.
بعد أن منعت السلطات الهولندية هبوط طائرة جاويش أوغلو أمس السبت، حيث كان من المقرر أن يلقي كلمة أمام مسيرة في روتردام، وصل وزير الخارجية التركي إلى فرنسا.
وكتب جاويش أوغلو على حسابه على موقع "تويتر" الليلة الماضية :"وصلت إلى ميتز بفرنسا حيث سألتقي دبلوماسيينا وجمع من مواطنينا".
لا نرغب في عودة السفير
من جانبها، قالت مصادر بالخارجية التركية، إنه تم إغلاق سفارة هولندا وقنصليتها لأسباب أمنية، كما أغلقت السلطات التركية مقر إقامة السفير والقائم بالأعمال والقنصل العام.
وحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن متظاهرين أتراك نزعوا علم هولندا من مبنى القنصلية الهولندية في إسطنبول، واستبدلوه بالعلم التركي.
وقالت وزارة الخارجية التركية، إنها لا ترغب في عودة السفير الهولندي إلى أنقرة "لبعض الوقت"، على خلفية الخلاف بين عضوي حلف شمال الأطلسي بعد منع وزير خارجية تركيا من السفر جوا إلى هولندا.
وأوضحت الوزارة في بيان "لا نريد عودة السفير الهولندي، وهو حاليا في عطلة، لبعض الوقت. تم الشرح لنظرائنا أن هذا القرار الخطير ضد تركيا والجالية التركية في هولندا سيتسبب في مشكلات خطيرة دبلوماسيا وسياسيا واقتصاديا وفي مجالات أخرى."
هولندا ستدفع الثمن
قال الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، إن هولندا ستدفع ثمن الإضرار بالعلاقات الهولندية التركية، جاء ذلك خلال كلمته، فى حفل جائزة "الخير الدولية"، اليوم الأحد. وكانت السلطات الهولندية رفضت، اليوم السبت، التصريح بهبوط طائرة وزير خارجية تركيا، جاويش أوغلو، إلى الأراضى الهولندية. وقالت وكالة الأنباء الهولندية الرسمية، إن هولندا رفضت الإذن بهبوط الطائرة، بعد سحب ترخيص دخول أوغلو إلى أراضيها، من أجل إلقاء خطاب فى مدينة روتردام.
سنرد بأشد طريقة
قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، الأحد، إن أنقرة سترد "بأشد الطرق" على منع السلطات الهولندية هبوط طائرة وزير الخارجية التركي في روتردام، ومنعها وزيرة الأسرة من دخول القنصلية التركية في روتردام.
وأضاف في بيان "تقدمنا باحتجاج شديد اللهجة على هذا الإجراء، وأبلغنا السلطات الهولندية أنه سيكون هناك رد بأشد الطرق.. سنرد بالمثل على هذا التصرف غير المقبول"، وفق ما نقلت "رويترز".
وحث يلدريم في بيان، المواطنين الأتردك الذين يعيشعون في أوروبا بالتزام الهدوء وعدم الرد على الاستفزازات.
كما طلب منهم الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المقرر في 16 أبريل المقبل، قائلا إنه سيكون أفضل رد على دول أوروبا.
نريد التهدئة
قال رئيس الوزراء الهولندي، مارك روت، إن تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ووصفه الهولنديين بـ"النازيين والفاشيين،" أمر غير مقبول، لافتا إلى أنه ورغم ذلك يريد نزع فتيل الأزمة الدبلوماسية المتصاعدة بين أنقرة وأمستردام.
جاء ذلك في تصريحات ادلى بها روت على قناة WNL الهولندية حيث بين أن حكومته حاولت تسهيل "لقاء على نطاق صغير" بين وزير الخارجية وأشخاص في القنصلية التركية بهولندا، ولكن "أوقفنا هذا بعد التهديدات التي أطلقها وزير الخارجية التركي ملوحا بفرض عقوبات على هولندا."
وتابع: "فيما يتعلق بوزيرة شؤون الأسرة التركية، فقد قدمت إلى هولندا من ألمانيا في موكب ضم عددا كبيرا من السيارات متوجهة إلى روتردام لإلقاء كلمة، وطلبنا منها العودة إلى ألمانيا، في روتردام رفضت مغادرة سيارتها، وبعد ساعات أجبرت على العودة إلى ألمانيا."
ولفت روت بالقول: "في هولندا نتمتع بحرية التعبير ولكن لا يمكننا قبول التهديدات، ولا يمكننا قبول أن نتعرض للابتزاز."
أردوغان لن يعاقب هولندا
قال جيمس جيفرى، السفير الأمريكى الأسبق فى كل من العراق وتركيا، أن هناك عددا من العوامل التى تلعب دورا هاما فى تصاعد حدة التوتر بين تركيا وهولندا، لافتا إلى أن أردوغان لن يطبق عقوبات ضد هولندا وأنه يستخدم هذه التهديدات لتحقيق عدد من المصالح، حسبما ذكرت شبكة "سى ان ان".
وأضاف: "تركيا مثل ألمانيا وغيرها من الدول لديها مئات الآلاف من المواطنين الحاملين للجنسيات المزدوجة التركية الأوروبية.. والمشكلة هو أن اليمين فى أوروبا يرى الأتراك مسلمين بصورة سلبية أما اليسار وخصوصا فى ألمانيا وهولندا يرون الأتراك بأنه مؤيدون بشدة لأردوغان وسياسته الاستبدادية، وكل هذا يهيئ للعاصفة المثالية".
وتابع: "أوروبا تحتاج تركيا وتركيا تحتاج أوروبا، تركيا تلعى دورا محوريا عبر استضافتها لملايين اللاجئين من سوريا والبعض من العراق وأيضا العمل المشترك فى هذه القضية مع الاتحاد الأوروبى، وأردوغان لن يغير ذلك، والحديث عن العقوبات فإنه (أردوغان) سيطبقها بعد الاستفتاء فى أبريل ولن يفرض أى عقوبات فى الوقت الحالى وقال هذا فقط ليظهر بأنه قوى وأن بإمكانه الوقوف بوجه الأوروبيين وهذا يكسبه أصواتا".