"الواو".. فن صعيدي ازدهر في عصر المماليك والأتراك

صورة ارشيفية

الواو فن شعبي انتشر في صعيد مصر، وهو فن قولي (شفاهي) أي غير مدون، ولكن تحفظه صدور رواته ومحبيه، وكما هو معروف من خصائص الشعر الشعبي التي تميزه، هو نمط تعبيري قولي يعتمد اللغة الشعبية كأداة للتشكيل الفني مع أداة أخرى هي الإيقاع الموسيقي المحدد وذلك بعد ما تجاوزت اللغة الشعبية – أداة هذا الشعر – حدود القواعد النحوية (الإعرابية) والصرفية ويضاف إلى ذلك كله خاصية مجهولية المؤلف.

ينتشر في معظم أرجاء مصر، لكن تحت مسميات مختلفة، في أقصى الشمال في (العريش) يسمى "البوشان" وهو معروف لدى عائلة واحدة هي عائلة الفواخرية - عائلي - ويتغنى به فقط أثناء زفة العريس من البيت الذي يكون فيه حمام العريس إلى بيت العريس - سيرًا على الأقدام - وهو طقس له مظاهر كثيرة.

هو فن شعري شعبى قولى سماعى وليس كتابيًا إذ أن الكتابة تكشف كل الحيل الصوتية الناتجة عن الجناس الكامل فى قوافيه وعندئذ تنحل كل مغاليقه فيفقد كثيرًا من روعته وبهائه كفن شعبى أصيل وسمي فن الواو بهذا الاسم لأن الراوي كان يبدأ الرواية بقوله: «وقال الشاعر» وتكثر فيه واوات العطف، فأصبحت لازمة لابد أن تقال، وصارت سمة مميزة لهذا القول من ثم سمي بها.

ومنه قول الشاعر أحمد بن عروس (والذي يعيد له الرواة بداية هذا الفن):

لابّد من يوم معلوم.. تترَدّ فيه المظالم

أبيض على كل مظلوم.. أسود على كل ظالم

ازدهر فن الواو في عصر المماليك والأتراك وكان كثيرا ما يلجأ إلى التورية والكلام غير المباشر حتى يستطيع أن يفلت من الرقابة الصارمة التي تفرضها عصور الاستبداد عندما يكون الفن منحازا للجماهير ضد سيوف الحكام.

هناك نوعان من المربعات هما المربع "المفتوح" الذي يسهل فهمه واستيعابه مثل المربعات التي استخدمها "بيرم التونسي"و "المربع المغلق" الذي يستعصي على الفهم إلا على أهل منطقة بعينها مثل المربعات التي يستخدمها أهالي محافظة قنا من إسنا إلى أبي تشت.

أبرز الشعراء الحاليين هو الشاعر القنائى عبد الستار سليم الذى عمل جاهدا على احياء هذا الفن، ويعتبر حاليا من اهم رواده.

اشتهرت قنا دون غيرها بفن الواو لأنها كانت منذ الفتح العربي الإسلامى لمصر محط الرحال لقبائل عربية نازحة من شبه الجـزيرة العربية ممـا أدى إلى ظهور أثر اللهجات العربية على اللسان القـنائي فجعله أقرب إلى االعربية من غيره من حيث المفردة وطريقة نطقها فكان لابد وأن تتأثر طرائق القول الشعري بالفنون القولية الواردة ومنها شكل القـصيدة العربية التى كانـت سمة أساسية منها.

أحد أبرز الشعراء القدامي هو أحمد بن عروس المولود بقنا عام 1780 مـ في حكم المماليك عاش اميًا عاطلًا لا عمل له ولا صناعة مشحون الصدر بالحقد على المماليك الحكام والأغنياء البخلاء ،فيه قوة وصلابة وله قلب كالصخر لا يلين كما انه ليس له من العلم والمعرفة إلا ما استخلصه من الحياة بنفسه ولا دهشة من كونه زجالًا عظيمًا يملأ القلب بلإعجاب ويفعم النفس بالتقديروهو الأمي العاطل وهو بين الزجالين كمنزلة المتنبى والمعرى بين الشعراء بل لعله يفوقهما حكمة وفلسفة إذا قدرنا انه رجلًا اميًا لم يحصل على نصيب من العلم والمعرفة إلا ما استطاع ان يكونه بنفسه عبر معترك الحياة ودروسها.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً