تاريخ الصراع بين الأزهر تاريخ الأزهر تحدي مستمر للحكام
إذا كان للمسلمين قبلة يتجهون إليها في صلواتهم كل يوم خمس مرات وهي الكعبة، فإن للمسلمين قبلة أخرى يتجهون إليها في كل وقت.. وهي "الأزهر".. قالها الزعيم الهندي "أبو الكلام آزاد" في حديثه عن الأزهر حينما رآه رمزًا للحريات والمقاومة الفكرية والدينية على حد سواء، فقد كان لشيوخ الأزهر عبر تاريخه الطويل السبق في تحدي الحكام والمسئولين، للذود عن حقوق البلاد والعباد، فكان المنبر هو الميكروفون الذي ينادي جهرًا بالخروج على الظالم، غير أن دور الأزهر بدأ في التراجع وبشدة في السنوات الأخيرة، ليصبح شيوخه سوطًا في يد الحكام ضد المواطنين وتتزاوج السلطة مع الدين.
في الأشهر الاخيرة الماضية كانت الخطبة الموحدة أول قطرة كشفت عن وجود خلاف بين السلطة الدينية والسياسية في مصر، لكن هذا الخلاف ظهر جليا أثناء عتاب السيسي لشيخ الأزهر أحمد الطيب، يوم الرابع والعشرين من يناير الماضي، أثناء احتفالات عيد الشرطة، فهذا العتاب كشف ما كان مستترا من صراع بين النظام السياسي الحاكم ومؤسسة الأزهر، وبات واضحا احتدام الموقف بين الرئاسة وبعض الهيئات والمؤسسات كوزارة الأوقاف، وبعض علماء الأزهر المقربين من السلطة، في جانب، وبين المشيخة التي يبدو أنها تحاول التمسك باستقلالها في الجانب الآخر.
وذلك بعد مقولة تعبتني يا فضيلة الإمام".. بهذه الكلمات، توجه الرئيس السيسي، إبان حديث له عن انتشار ظاهرة الطلاق في مصر وهى كانت في الحقيقة القضية الثانية لكن القضية التي أشعلت الموقف.
عتاب شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، كان محاولة لاقتناص فتوى منه بعدم وقوع الطلاق الشفوي وضرورة ألا يتم سوى بتوثيقه لدى مأذون شرعي.
وما هي إلا أيام حتى أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر، برئاسة الطيب، بيانا أقرت فيه وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانه وشروطه، وأكدت أن "هذا ما استقر عليه المسلمون منذ عهد النبي محمد، صلى الله عليه وسلم"، فيما حذرت المسلمين من الاستهانة بأمر الطلاق، ومن التسرع في هدم الأسرة وتشريد الأولاد.
المعروف أن الأزهر، مثل تاريخيا، دعامة أساسية للوطنية المصرية، وهو ما يتضح عبر الحركة الوطنية منذ ثورتي القاهرة الأولى والثانية في عهد الحملة الفرنسية أواخر القرن التاسع عشر، مرورا بدور الأزهر مع الثورة العرابية، حيث كان لمشايخ الأزهر دور كبير في مواجهة الخديوي توفيق، وكان منهم قيادات للثورة نفسها أمثال جمال الدين الأفغاني، ومحمد عبده، وعبد الله النديم، كما كان لعلماء الأزهر دورهم البارز في ثورة 1919 وإعلاء قيمة المواطنة، وإعلان وحدة الهلال مع الصليب.
ومن نماذج الصراع بين الأزهر والسلطة السياسية عبر التاريخ
"الشيخ الخراشي" ونداء الكرب للمصريين
الشيخ الخراشي
بدأت المواجهة بين الأزهر والسلطة مع الإمام محمد بن عبد الله الخراشي المعروف بنُصرة المظلوم وإغاثة الملهوف، وكان صاحب هيبة ومكانة لدى الحكام، يدخل عليهم مجالسهم ليرد ظلمهم عن المظلومين، وكان لا يخشى في الحق لومة لائم حتى إن الناس عندما كانت تلم بهم نازلة أو مصيبة يقولون "يا خراشي" وكانوا يشتكون الأمير أو الحاكم للشيخ، فأصبح أميرًا للكرب حتى يومنا هذا رغم مرور 300 عامًا.
وكان الأزهر الشريف تابعًا للحكام في ذلك الوقت، ثم أصدر السلطان العثماني فرمانًا سلطانيًا بتنصيب شيخًا متفرغا لإدارة شئون الأزهر يختاره العلماء، فاختاروا "الخراشي" بالإجماع وأصبح أول شيخًا للأزهر، ولم يأل جهدًا لجعل الأزهر منارة للعلم والعلماء في مصر وخارجها.
"العروسي".. رفض الإساءة متحديًا الوالي
الإمام العروسي
وكان من أوائل شيوخ الأزهر الذين وقفوا في وجه الحاكم، الشيخ أحمد العروسي الذي تولى المشيخة في الفترة من 1778-1793، ورفض إساءة الوالي العثماني أحمد أغا لأهالي الحسينية وهو ما تسبب في صدور فرمان سلطاني بعزل الوالي، واضطر سلفه لاسترضاء الأزهر.
"الحفني" يوقف القتال بين المماليك وعلي بك الكبير
وظهر الدور السياسي للأزهر الشريف في عهد الشيخ محمود الحفني، فحدثت الفتنة بين كبار المماليك وعلي بك الكبير، واستعد الطرفان للقتال فتدخل الشيخ وأغلظ القول للمماليك قائلا: «خربتم الديار بخصامكم».. فأجابوه: «إذا لم نحاربه سيحاربنا»، فكتب الشيخ الحفني خطابًا شديد اللهجة لعلي بك الكبير، فما كان من الجميع إلا أن نزل على رأيه وانتهت الفتنة.
"الإنبابي".. رفض حكم "توفيق" وأيد الثورة العرابيّة
الإمام الإنبابي
ومن المواقف التي رسخت صمود الأزهر في وجه الظلم، موقف شيخ الأزهر الإمام شمس الدين الإنبابي، حين أفتى سنة 1818 بعدم صلاحية الخديوي «توفيق» للحكم، واتهمه ببيع مصر للأجانب، مؤيدًا الثورة العرابية، فتدخل القصر في شئون الأزهر مؤسسًا مجلسًا لإدارته نالت من صلاحيات الشيخ.
«الشرقاوي» ومحمد علي
ويبدأ نضال شيوخ الأزهر ضد المحتل الأجنبي، في عهد الشيخ عبد الله الشرقاوي مع الاحتلال الفرنسي بقيادة نابليون بونابرت، وكان الأزهر مركزًا للتظاهرات والمقاومة، فقصف «بونابرت» الجامع بالمدافع ودخل الفرنسيون بالخيول، ثم أغلقوه وجعلوه إسطبلًا للخيول، وبعد جلاء الحملة بايع «الشرقاوي» محمد علي واليًا على مصر، مشترطًا العدل في حكمه، ولم يفِ بذلك، فاعترض الشيخ ليصبح مصيره النفي إلى دمياط.
«الجيزاوي» وقانون تقييد سلطة الملك
الإمام الجيزاوي
وعارض شيخ الأزهر الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي ما طرحه الملك فؤاد الأول حول إعلان نفسه خليفة للمسلمين بعد سقوط الخلافة العثمانية، مبررًا ذلك بأن مصر لا تصلح دارا للخلافة، لوقوعها تحت الاحتلال الإنجليزي، ورفض طلب الإنجليز إغلاق الأزهر بعد ثورة 1919، وصدر في عهده قانون تقييد سلطة الملك في تعيين شيخ الأزهر.
الشيخ المراغي.. تحدى الإنجليز ورفض مشاركة مصر في الحرب
وتعد المواجهة التي حدثت بين شيخ الأزهر محمد المراغي والحكومة البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية، نقطةً مضيئةً في تاريخ الأزهر، حيث رفض اشتراك مصر في الحرب، قائلا: «لا ناقة لها ولا جمل لمصر في هذه الحرب»، مما أقلق الحكومة البريطانية وبعثت إنذارًا للحكومة المصرية بقيادة حسين سري باشا، والذي وجه لومًا شديدًا للإمام، فرد عليه قائلا: «أمثالك يهدد شيخ الأزهر؟ وشيخ الأزهر أقوى بمركزه ونفوذه بين المسلمين من رئيس الحكومة، ولو شئت لارتقيت منبر مسجد الحسين، وأثرت عليك الرأي العام، ولو فعلت ذلك لوجدت نفسك على الفور بين عامة الشعب»، فخاف رئيس الوزراء وحاول الإنجليز طلب رضاء الإمام، خوفًا من إثارة المصريين، كما رفض طلب الملك فاروق بإصدار فتوى تحرم زواج الملكة فريدة بعد طلاقها.
الأزهر وعبد الناصر
بارك الأزهر ثورة يوليو وأيدها، وفي أعقاب حادث المنشية عام 1954، الذي شهد محاولة اغتيال الإخوان للرئيس جمال عبد الناصر، أصدرت هيئة علماء الأزهر بيانا استنكرت فيه انحراف جماعة الإخوان المسلمين، التي وصفتها بالعصابة الخارجة على منهج القرآن في الدعوة، وجاء في البيان، طبقا لكتاب “الأزهر بين اتجاهين: القومي والإسلامي” للباحث أحمد عادل أبو سعدة: “قد شذ من هذه الجماعة نفر انحرفوا عن الجادة وسلكوا غير ما رسم القرآن فكان منهم تآمر على قتل الأبرياء وترويع الآمنين وترصد لاغتيال المجاهدين المخلصين وإعداد العدة لفتنة طائشة لا يعلم مداها في الأمة إلا الله”.
في عام 1961، ومع صدور قانون تطوير الأزهر وتحويله إلى جامعة تدرس العلوم المدنية مع العلوم الشرعية كالهندسة والطب والعلوم، وقع صدام محسوس بين الرئيس عبد الناصر وبين الأزهر، وكان عبد الناصر يستهدف بشكل أساسي مواجهة النشاط التبشيري في إفريقيا، وكانت فكرته قائمة على أن يبعث إليهم الأطباء والمهندسين والمدرسين الأزهريين، ليقوموا بالدورين معا: الدعوة، وتلبية احتياجات الناس، كما كان يريد أيضا مواجهة النشاط الإسرائيلي المتزايد داخل إفريقيا، لكن شيوخ الأزهر عارضوا مشروع التطوير، في البداية، ليس بسبب رؤيته وأهدافه، لكن لأن القانون الجديد أخضع الأزهر كمؤسسة، بشيخها وعلمائها، لمجلس الوزراء، وهو ما كان يحد من استقلالية المؤسسة الكبيرة كمنارة للعالم الإسلامي.
ورغم أن الأزهر اضطر لمواءمة سياسية في تلك الفترة، ما جعله يتماشى قليلا مع توجهات السلطة وقتها، إلا أنه فيما يتعلق بالأمور الشرعية والدينية لم يقبل أن يقف عاجزا، على سبيل المثال، حينما نشرت جريدة الأهرام القومية فصولا من رواية “أولاد حارتنا” للكاتب نجيب محفوظ، إذ رأت مؤسسة الأزهر وقتها أن الرواية خادشة للحياء والقيم الدينية والإسلامية، وخاض الأزهر معركة كبيرة كي يمنع نشر فصول الرواية على صفحات الأهرام التي كان يرأس تحريرها محمد حسنين هيكل، صديق عبد الناصر، والمقرب من السلطة، وخاضت مؤسسة الأزهر الصراع لآخره، باعتبار أن الأمر يتعلق بالدين والشرع وليس السياسة، وكسب الأزهر قضيته في المحكمة بمنع نشر فصول الرواية في الأهرام، إلا أن هيكل، استبق الحكم ونشر كل فصول الرواية قبل أن تصدر المحكمة حكمها بمنع النشر.
ويرى الباحث أن الأزهر تم إضعافه وإلحاقه بركب السلطة ليصبح أداة لتبرير قراراتها وإصباغها بالشرعية الدينية، بإصدار قانون إعادة تنظيم الأزهر رقم 103 في 22 يونيو 1961، والذي استهدف ضبط إيقاع المؤسسة الإسلامية الكبرى مع أداء النظام السياسي الناصري وطموحاته الداخلية والخارجية.
الأزهر مع الرئيس أنور السادات
خلال عهد الرئيس السادات، كان الأزهر قلبا وقالبا مع السلطة؛ ففي بداية عام 1971 حدث شيء لم تكن له سابقة من قبل في تاريخ الأزهر، حيث اتفق الملك فيصل، ملك السعودية، مع شيخ الأزهر وقتها الإمام عبد الحليم محمود، على تمويل الأزهر باعتمادات تصل قيمتها إلى مائة مليون دولار، لكي يتولى شيخ الأزهر قيادة حملة دعوة ضد الشيوعية والإلحاد، ويقول حسنين هيكل، في كتابه “خريف الغضب”، إن شيخ الأزهر وقتها وضع برنامجا إعلاميا كبيرا، وكتب بنفسه عدة كتب عن الشيوعية، ثم رتب لترجمة بعض الكتب في نفس الموضوع، كان بينها كتاب "الإله الذي هوى"، كما تم بناء مساجد جديدة وصرفت مبالغ كبيرة على سفر وفود دينية تحمل تلك الدعوة بأموال الملك فيصل، وبمباركة من السادات نفسه.
في تلك الفترة كاد دور الأزهر الدعوى يتلاشي نسبيا بسبب زيادة موجة تيارات الإسلام السياسي “الإخوان المسلمين، والجماعات الإسلامية” التي كانت تغزو المساجد، وكل منها يبشر بأفكاره، فبدأ دور إمام المسجد الأزهري يتلاشى شيئا فشيئا، وتم اختزال علماء الأزهر في أسماء معدودة كانت تقود الدعوة بين الناس، على رأسهم الشيخ محمد متولي الشعرواي.
وبعد وفاة الشعراوي، اكتشف الأزهر أنه لا يملك عددا كافيا من العلماء يملأون الفراغ الذي تركه الشعراوي بين الناس كعالم ديني جليل “معجزة عصره”، فأخذ الأزهر يبحث عن شخصيات تمثل الدين الوسطي، وفي نفس الوقت تمتلك من الجماهيرية ما تجعل الناس يثقون في المؤسسة العريقة، لكن ذلك أخذ وقتا طويلا، ما ساعد السلفيين والإخوان المسلمين على الانتشار أكثر في المساجد، وغاب معها الشيخ الذي يمثل الأزهر بفكره الوسطي.
وظهرت موجة الدعاة الجدد ومنهم المتشددون “السلفيون” والوسطيون لكن بأفكار سياسية “الإخوان المسلمون”، ووجد المواطن المصري نفسه يسير بين هذه الموجات، وعزز من ذلك غياب شبه تام للأزهر، خصوصا في أواخر عهد مبارك، وقت أن كان الدكتور سيد طنطاوي شيخا للأزهر.
بعد ثورة يناير
بعد ثورة يناير، فُتحت الساحة أكثر للتيارات السلفية والإخوان المسلمين كي ينشروا أفكارهم بين المواطنين، وأصبح المسجد لفترة تجاوزت 3 سنوات مكانا للعراك السياسي وليس مكانا للدعوة أو التعبد.
هذه الحالة أدرك تفاصيلها الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر وفطن لها، فحاول أن يعيد للأزهر دوره الذي كان عليه كرمز للدين الإسلامي، وجاهد لكي يجعله مستقلا عن أي سلطة أو توجه سياسي، مهتما بدوره الدعوي في مصر والعالم، وكانت تلك هي الرؤية التي اختلف معها النظام الحالي الذي أراد من الأزهر أن يعظ الناس “بنكهة وطنية سياسية داعمة له”، وهذا ما رفضه الطيب في كل معركة خاضها مع السلطة.
الطيب، حمل على عاتقه استقلال الأزهر عن السلطة التنفيذية، ووقت ثورة يناير ضغط على المجلس العسكري لإصدار قوانين وتشريعات تضمن عدم المساس بمنصب شيخ الأزهر وسعى لتحصينه، وأصبح منصبه مستقلًا لا يقبل العزل، وأن يُختار شيخ الأزهر من بين هيئة كبار العلماء، ويعامل معاملة رئيس الوزراء من حيث الدرجة والراتب والمعاش.
«طنطاوي» وتزاوج الأزهر مع السلطة علانية
جاء الشيخ محمد سيد طنطاوي، وعُرف بمجاراته للسلطة السياسية في مواقفها، وتراجع عن أي رأي أو فتوى كان قد أصدرها إذا لم تلق قبولا لدى السلطة، وشهدت فترته اندماجًا صريحًا بين الأزهر والسلطة والسياسة، وأصدر فتاوى عديدة أبرزها: فتوى «جلد صحفيين» في 8 أكتوبر2007، بسبب نشرهم أخبارا تتحدث عن مرض الرئيس الأسبق حسني مبارك، وعلق الكاتب الصحفي فهمي هويدي عليه بقوله: «إنه ارتدى قبعة الأمن وخلع ثياب المشيخة».
"الطيب".. رفض عزل "مبارك" وشارك في عزل "مرسي"
وأخيرًا، تولى الدكتور أحمد الطيب منصب شيخ الأزهر إلى الآن، ولم يختلف الشيخ -الذي كان عضوا بلجنة السياسات في الحزب الوطني خلال عهد مبارك- في مواقفه عن سلفه «طنطاوي»، إذ وقف موقفا سلبيا من ثورة 25 يناير، وأفتى بعدم جواز الخروج في المظاهرات، وفجأة تغيرت مواقف «الطيب» وشارك مؤيدًا تدخل وزير الدفاع -آن ذاك- عبد الفتاح السيسي لعزل الرئيس السابق «مرسي»، مبررًا تصرفه بأنه اختار أخف الضررين لإنقاذ الإرادة الشعبية، خوفًا من الفتنة الطائفية.
وبين مؤيد ومعارض اختلف الكثيرون علي موقف شيوخ الأزهر الثابتة مع السلطة، واتفق الجميع على أن الأزهر كان ملاذًا للمصريين علي مدى التاريخ في طرد المستعمر ورد المظالم، ولم يؤثر تخاذل العديد من شيوخ «السلطة» في قيامه بدوره إلا بعد يوليو 1952، حيث أصبح للسلطة منبرًا يحميها ويعزز مواقفها باسم الدين، متخذين مقولة «قال الحاكم» دليلًا، بدلًا من «قال الله ورسوله»، فإلى متى سيستمر الأزهر على هذا الحال!!.