حصانة شيخ الأزهر تشعل الصراع داخل البرلمان.. رفض الطلاق الشفوى يحرك النواب لتعديل القانون.. وزارع: "الأزهر ليس جهة دينية فقط"

أحمد الطيب

بعد 5 سنوات نجح فيها الدكتور أحمد الطيب، من تغيير القانون الذى يعطى رئيس الجمهورية حق تعيين شيخ الأزهر، بحيث يتم اختياره عن طريق هيئة كبار العلماء، حيث بادر الطيب في ذلك عقب ثورة 25 يناير، وتم الحصول على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإصدار القرار بالجريدة الرسمية قبل يوم واحد من انعقاد مجلس الشعب.

ونجح الطيب، في إحياء هيئة كبار العلماء بعد توقف دام أكثر من خمسين سنة منذ عام 1961 م حتى 2012، لكن يبدو أن الأزهر لم يهنأ طويلًا بهذا القرار حيث ظهر من يرفض ويحاول إلغاء هذا القرار، لكن ليس فقط هذا القرار الذي تم تطبيقه من بضع سنوات إنما قانون تطوير الأزهر وتحويله إلى جامعة تدرس العلوم المدنية مع العلوم الشرعية، كالهندسة والطب والعلوم، والذي صدر عام 1961 في عهد الرئيس لراحل جمال عبد الناصر.

لكن من المعروف أن قرار عبد الناصر، حينها أدى إلى وقوع صدام محسوس بين الرئيس عبد الناصر وبين الأزهر، وكان عبد الناصر يستهدف بشكل أساسي مواجهة النشاط التبشيري في إفريقيا، وكانت فكرته قائمة على أن يبعث إليهم الأطباء والمهندسين والمدرسين الأزهريين، ليقوموا بالدورين معًا: الدعوة، وتلبية احتياجات الناس، كما كان يريد أيضا مواجهة النشاط الإسرائيلي المتزايد داخل إفريقيا، لكن شيوخ الأزهر عارضوا مشروع التطوير، في البداية، ليس بسبب رؤيته وأهدافه، لكن لأن القانون الجديد أخضع الأزهر كمؤسسة، بشيخها وعلمائها، لمجلس الوزراء، وهو ما كان يحد من استقلالية المؤسسة الكبيرة كمنارة للعالم الإسلامي.

ورغم أن الأزهر اضطر لمواءمة سياسية في تلك الفترة، ما جعله يتماشى قليلا مع توجهات السلطة وقتها، إلا أنه فيما يتعلق بالأمور الشرعية والدينية لم يقبل أن يقف عاجزا.

لكن هل تنجح السلطة السياسية تلك المرة في الفوز على الأزهر، هذان القراران تصدر في الواجهه لهما تلك المرة البرلمان المصري.

فتحت عنوان "حوكمة تشكيل هيئات الأزهر الكبرى" قدم النائب البرلماني محمد أبو حامد مشروعًا تشريعيًا لتعديل قانون الأزهر، وينص مقترح تعديل قانون الأزهر الذي يطالب أبو حامد، به على تدخل المؤسسات المختلفة في ترشيح أعضاء هيئة كبار العلماء، وأن يكون تعيين أعضائها عن طريق الرئاسة وليس شيخ الأزهر، فضلًا عن توسيع دائرة الأعضاء لتشمل عددًا أكبر بحيث ينضم إليها علماء ومتخصصون في أمور أخرى ليسوا في الدين فقط كعلماء النفس والاجتماع والطب والاقتصاد، وألا يقل سن العضو عن 45 عامًا وألا يزيد عن 80 سنة.

.

ويأتي مقترح أبو حامد ضمن حملة كبيرة خاضها نخبة من الإعلاميين، والسياسيين وبعض المنتسبين للأزهر، للمطالبة باستقالة شيخ الأزهر من منصبه تارةً أو إعادة النظر فى هيئة كبار العلماء التى رفضت دعوة إلغاء الطلاق الشفوي التى طالب بها الرئيس عبد الفتاح السيسي تارة أخرى، بدعوى أن الأزهر بقيادة الدكتور أحمد الطيب لم يقم بأي خطوة جادة في تجديد الخطاب الديني والمعروف أن أزمة الطلاق الشفوي كانت القشة التي أشعلت الفتيل.

أتت تلك الدعوات برفض شديد من قبل قطاع كبير من الأزهريين الذي أكدوا أنها محاولة للإطاحة بشيخ الأزهر، مؤكدين أيضًا أنه فوق الجميع وأنه لا سلطان عليه فيما يتعلق بالأمور الدينية سواء كان برلمانًا أو أي مؤسسة أخرى، فيما أصدرت حركة أئمة مساجد مصر ضد الإرهاب بيانًا طالبت فيه الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب، بعدم مناقشة القانون المقدم من محمد أبو حامد عضو مجلس النواب، وأكّدت الحركة أنّ مشروع القانون نوع من بثّ السم في العسل، وأن الهدف منه القضاء على الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.

عهود وسنوات طويلة والأزهر يخرج الأطباء والمهندسين غيرهم من وزراء وسفراء والملحقين العلميين في سفارات دول العالم ممن تعلموا في الأزهر فهل يتوقف ذلك أم يتحقق رأي بعض القوى السياسية التي رأت أن هذا المقترح خطوة لعودة "شايخ السلطان" كما كان الحال قبل ثورة يناير، حيث كان لرئيس الجمهورية الحق في اختيار شيخ الأزهر وعزله، بجانب تعيين من يريد في هيئة كبار العلماء، بحيث يضمن موقفهم من القضايا المثارة، ولا يحدث خلاف بين الرئيس والهيئة، كما حدث في قضية الطلاق الشفوي.

يذكر أن تنص المادة السابعة من الدستور المصري على أن: "الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه، وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية، ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر والعالم، وأن تلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه، وأن شيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.

أما الأزمة في هذا المقترح أن هيئة كبار العلماء، وفقا لقانون الأزهر، هي التي ستختار شيخ الأزهر، حيث نصت المادة الخامسة من القانون على أن «تختار هيئة كبار العلماء لهذا المنصب ثلاثة أشخاص من بين أعضائها الذين تتوافر فيهم الشروط المقررة.

ويتم اختيار شيخ الأزهر عن طريق الاقتراع السري في جلسة سرية، يحضرها ثلثا عدد أعضائها، ثم تنتخب الهيئة شيخ الأزهر من بين المرشحين الثلاثة في الجلسة ذاتها عن طريق الاقتراع السري المباشر، ويصبح شيخًا للأزهر إذا حصل على الأغلبية المطلقة لعدد أصوات الحاضرين، بعد صدور قرار من رئيس الجمهورية، ويعامل معاملة رئيس مجلس الوزراء من حيث الدرجة والراتب والمعاش.

من جانبه، قال النائب البرلماني محمد أبو حامد، أن الدكتور أحمد الطيب له كل الاحترام والتقدير وله منزلة دينية ووطنية كبيرة.

وتابع حامد اأن لإمام الأكبر تصدى خلال 5 سنوات الماضية للكثير من المواقف خاصة أثناء حكم جماعة الإخوان، لكن أخذ رأي الأزهر فى مشروع قانون يخصه هذا أمر لا يستطيع البرلمان تجاوزه.

ومضى يقول، هيئة كبار العلماء جانبها الصواب مؤخرًا خلال قرارها بوقوع الطلاق الشفهى خلال بيان أصدرته، فهى لم تسع إلى حل المشكلة الخاصة بالطلاق، كما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى.

وأضاف أن القانون سيطول في المقام الأول إحداث تعديلات في طريقة الانضمام لعضوية هيئة كبار العلماء، وذلك بالسماح لأعضاء جدد في مجالات أخرى ليست شرعية كالطب وغيرها من قطاعات الحياة وعلوم الدنيا من الالتحاق بعضوية هيئة كبار العلماء، خاصة أن الهيئة تفتى في أمور كثيرة ليست شرعية، الأمر الذي يتطلب ضرورة إدخال أعضاء جدد يزودون الهيئة بعلومهم حتى يخرج فى النهاية رأى الهيئة ليس مبنيًا على الجانب الشرعي فقط.

وأشار، إلى أن القانون سيتطرق لدمج أعضاء مجمع البحوث مع أعضاء هيئة كبار العلماء فى التصويت واختيار شيخ الأزهر، وأن مسألة قصر الاختيار والترشيح على عضوية هيئة كبار العلماء لمنصب شيخ الأزهر بقيامها باختيار ثلاثة وإرسالهم للرئاسة لاختيار واحد منهم أمر لا يليق، لذلك أصبح من الضرورة السماح لأعضاء مجمع البحوث فى المشاركة فى التصويت واختيار شيخ الأزهر على أن يكون المرشحون من أعضاء هيئة كبار العلماء ودور المجمع يقتصر فقط على المشاركة فى الاختيار والتصويت.

وأوضح أبو حامد، أن التعديل الذي قدمه على قانون الأزهر لن يمس المادة 7 من الدستور، ولا يهدف للتضييق على الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.

وأضاف وكيل لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، إنه انتهى من جمع توقيع ١٠٠ نائب على مشروع قانون لتعديل قانون تنظيم الأزهر رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦١، تمهيدًا للتقدم به إلى رئيس مجلس النواب.

من جانبه طالب النائب عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس النواب، الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بالمبادرة في تعديل وتطوير العامل بمؤسسة الأزهر، دون الحاجة إلى قانون ولسد الطريق على كل من يحاول المساس به وبمنصبه الجليل.

وقال حمروش، المجتمع يحتاج إلى إعادة النظر بتشريعات قوية فى طريقة اختيار وتعيين أعضاء هيئة كبار العلماء، وبخاصة أنَّ مجمع البحوث الإسلامية يمارس نفس دور الهيئة، ما يجعل مؤسسات فى الأزهر تمارس ذات المهام.

فيما نفى الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، وجود أي خلاف بين البرلمان والأزهر الشريف أو وجود تصادم بينهما.

وقال العبد، إن محاولات الوقيعة بين مؤسسات الدولة لن تنجح في المساس بوحدة المجتمع، وأن هذه المحاولات محض افتراء وأكاذيب باطلة.

وقال الدكتور أحمد زارع المستشار الإعلامي لجامعة الأزهر، ان القول باقتصار جامعة الأزهر على التدريس فيها بالكليات الشرعية فقط، أمر غير مقبول، وغير معقول، فالكليات العلمية تعمل جنبًا إلى جنب مع الكليات الشرعية.

وتابع زارع، ما طرحه النائب البرلمان، لن يتم الاعتداد، بها واحتسابه على أنه كلام يمثل البرلمان، طالما لم يخرج من البرلمان بصفة رسمية.

من جانبه، طالب المهندس ياسر قورة، المساعد الأول لرئيس حزب الوفد للشئون السياسية والبرلمانية، بضرورة إجراء تعديلات على لائحة مؤسسة الأزهر تضمن تغيير القيادات العليا بالمؤسسة بما فيها شيخ الأزهر، لضمان استمرارية تجديد الخطاب الدينى على نحو صحيح يسمح بتغيير الفكر، بحيث لا تزيد المدة عن 8 أعوام كحد أقصى أو كما يراها الأزهر كفترة مناسبة شريطة أن تكون محددة، بغض النظر عن عدد السنوات، مع مراعاة المادة الدستورية التي توضح عدم إمكانية عزل شيخ الأزهر من قبل أي قيادة سياسية بما فيها رئيس الجمهورية.

وأشار الدكتور عبد الغفار هلال، عميد كلية اللغة العربية الأسبق، إلى أنَّ مسألة إدخال غير علماء الأزهر في هيئة كبار العلماء مرفوض؛ لأن هذه هيئة لكبار علماء الدين الذين يدرسون قضايا الأمة ويعالجونها، ولا ينبغى أن يدخل فيها مهندس أو طبيب، لأن مسألة الخلط أفسدت أشياء كثيرة-.

وتابع "أما أن يوافق رئيس الجمهورية على عضوية أعضاء الهيئة فهذا يقوله رجال القضاء، ونحن لا نمنع هذا فى المناصب الكبرى، التي منها عضوية هيئة كبار العلماء، وفي كل الأحوال يجب أن يرجع إلى الأزهر لتقنين الموضوع.

وقال الدكتور على الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر: "إن هيئة كبار العلماء ليست في معزل عن الدنيا أو الأمور الحياتية، ولا تعيش في كهف بعيد عن التطور الحضاري، كما أنها تضم أكابر علماء الأزهر وأغلبهم مدارس مختلفة، ويحملون درجات الدكتوراه من دول أجنبية، ومسألة إضافة أعضاء من خارج التخصصات أمر فيه نظر حيث إن الهيئة تختص بالشؤون الدينية".

وأضاف الأزهري، أن ما يقوله أبو حامد فزاعة غير مقبولة، وكلام لا يُغني ولا يسمن من جوع"، ومسألة الحديث عن عزل الإمام الأكبر "أمر لا يستطيع أبو حامد أو غيره فعله، وذلك لأن منصب شيخ الأزهر مُحصن وفقًا للقانون والدستور بنص المادة السابعة من دستور.

وقال عبد الغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من حق أى نائب برلماني أن يقترح مشروع قوانين ولكن فيما يتعلق بموضوعنا يجب أخذ رأي مشيخة الأزهر عند وضع قانون جديد لهذه المؤسسة الكبيرة".

وتابع هندي، مقترحات أبو حامد وممثل حزب الوفد، كلام غير المدروس، ويجب أن يكف السياسيين بالكفّ على الخوض فى مثل هذه القضايا.

من جانبه أكد الدكتور محمود مهني، ان كل التخصصات موجودة داخل الهيئة؛ من الفقه، وعلوم القرآن، والسنة، وعلوم السنة، وأصول الفقه، وعلم الأحكام، والقراءات، واللغة العربية، والفقه المعاصر، حتى علم النفس موجود.

وقال مهنى أن هناك أناسًا أرادوا أن يتدخلوا في عمل الهيئة، كنوع من الظهور الإعلامي، وهناك حملة على الأزهر والهيئة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
مصادر: حزب الله مستعد لخوض حرب استنزاف طويلة مع إسرائيل