لا صوت يعلو فوق ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية في مصر، إلا أنه، رغم قوته، يبدو أنه من جانب واحد، فلا يمر يوم إلا والشعب المصري يأن من شدة ألم ارتفاع الأسعار، وتأزم الظروف المعيشية والاجتماعية، في الوقت الذي يتزامن مع تصريحات المسؤولين المتتابعة حول تحسن الوضع الاقتصادي واتخاذ خطوات جادة لإحداث طفرة حقيقية في المشهد الحالي.
خطة الحكومة
خارطة الحكومة للحد من الأزمة لم تكن واضحة بقدر كافي، رغم تعدد القرارات المعلنة في الفترة الماضية، بدأ من المؤتمر الاقتصادي للدول العربية بالقاهرة، مرورا بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي على دعم مصر ب12 ميار دولار، وحتى تعويم الجنيه وتحديد سعر الصرف، إلا أنه في المقابل ارتفعت الأسعار بشكل كبير مما تسبب في تزايد الأعباء على المواطنين وافتقادهم الإحساس بالإصلاحات الاقتصادية نوعا ما.
خطابات السيسي عن ارتفاع الأسعار
الرئيس السيسي أثار قضية ارتفاع الأسعار، فلم تخلو خطاباته في أغلب الأحداث عن تفهمه للأزمة، ففي يناير الماضي، أعرب الرئيس عن رفضه الشديد لارتفاع الأسعار، وموجة الغلاء التي يعاني منها الشعب المصري، قائلًا: "الله وحده يعلم ما أشعر به.. وسكوت الناس يؤلمني.. والأمل في الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على تحقيق الخير.. من أجل الشعب المصري الصابر".
الرئيس السيسي، أعلن الحرب على أزمة ارتفاع الأسعار، كما وجه بضرورة العمل المشترك بين كافة المؤسسات لدفع عجلة الاقتصاد ووضع حد للأزمة الراهنة.
وعلى هامش الإصلاحات الاقتصادية، قال عمرو الجارحي وزير المالية، خلال اجتماع لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب، اليوم، إن جميع المستندات المتعلقة باتفاقية قرض صندوق النقد الدولي متاحة وتم إرسالها للبرلمان، مشددًا على أن مؤشرات تحسن الاقتصاد بدأت في الظهور خلال آخر 3 أشهر مثل زيادة طلبات التصدير وزيادة معدلات النمو.
وأضاف الجارحي، أنه شارك في اجتماع مشترك مع لجنتي الخطة والموازنة والاقتصادية بالبرلمان أمس، بوجود النواب لشرح النقاط الأساسية للاتفاقية وتوضيح خطواتها، مضيفًا: "لا نتحدث عن اتفاقية قرض بل هي بمثابة برنامج إصلاح اقتصادي"، موضحًا أن صندوق النقد الدولي هو عبارة عن جهة تقوم بمراجعة برامج إصلاح اقتصادي تتقدم بها الدول التي بها مشكلات.
يبدو أن الحرب بين الرئيس السيسي وارتفاع الأسعار، لازالت قائمة، ولم تظهر الأزمة مؤشرات تتوقع بانتهاءها، فمن سينتصر في النهاية وعود الرئيس وخطة الحكومة، أم ارتفاع الأسعار وتعقد الأزمة ؟.
غياب الرقابة
وردا على تساؤلات "أهل مصر" يقول الدكتور محمد سمير الخبير الاقتصادي، إن أزمة ارتفاع الأسعار، لها أبعاد أخرى خارج إطار الأزمة الاقتصادية، إلا أنها تعد من العوامل الأساسية بها، لكن الأمر يتعلق أكثر بعدم وجود رقابة حقيقية على الأسواق، واستغلال التجار للأزمة في وضع أسعار وهمية تؤثر بشكل سلبي على المواطنين.
وتابع سمير في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إن الحرب التي أعلنها الرئيس السيسي على الأسعار، لن تجدي نفعا إلا بالعمل المشترك ومساندة المؤسسات الحكومية له، قائلًا "الرئيس بيشتغل لوحده.. الله يكون في عونه"، مؤكدا أن الحل الوحيد هو وضع رقابة شديدة على تلك الأسواق، والإعلان رسميا عن الأسعار المحددة، وتطبيق عقوبات مشددة على من يخالفها من التجار، لافتا إلى أن هناك جهود بالفعل تبذلها الدولة لدفع عجلة الاقتصاد والقضاء على الأزمة، إلا أن الشعب لايشعر بتلك الجهود في ظل استمرار معاناته.
جشع التجار
ومن جانبه قال الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إن أسباب عودة ارتفاع أسعار الدولار مرة أخرى، واستمرار ارتفاع أسعار السلع الغذائية، يرجع لوجود حالة الجشع لدى التجار وممارسة الاحتكار لتحقيق الأرباح المالية، مشيرا إلى أن التجار استغلوا غياب رقابة الدولة على مراقبة السوق، ورفعوا أسعار السلع.
وتابع عبده، أن مافيا الاحتكار يرون أن الحكومة جميلة و"بتطبطب" عليهم ولا تحاسبهم فزادوا في رفع الأسعار دون مبرر، وهو ما أدى لزيادة التضخم، مؤكدا أن جهود الدولة في القضاء على الأسعار، تفتقد لخطة تنظيمية، كما أنها في حاجة لوضع أولوياتها في مراقبة وزيارة المسؤولين لتلك الأسواق.
وفي تصريحات تليفزيونية، قال مجدي عشماوي، إن الرقابة على الأسواق، ضروي ولا يمكن إهماله، مشيرا إلى أن انخفاض سعر الدولار كان يلزم انخفاض الأسعار، إلا أن استمرار ارتفاعها يرجع إلى جشع التجار وعدم مراقبتهم.
وطالب عشماوي، الحكومة بسرعة اتخاذ الإجراءات التي تأخرت كثيرًا بعد قرار تحرير سعر الصرف من فرض الرقابة على جميع الأسواق كي تستطيع السيطرة على السوق المصري ومحاسبة كل من يساهم في رفع الأسعار بنوع أو بآخر.
تطوير المنظومة التعاونية
ويرى على شكري نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية، أن المؤسسات الحكومية تعمل على تطور المنظومة التعاونية للقضاء على المشكلات التي يعانى منها السوق وتنعكس سلبيا على المستهلك، مؤكدا أن ارتفاع سعر الدولار الجمركي وعدم ثباته في الفترة الأخيرة، أثر على أسعار السلع بشكل كبير.
وتابع شكري، أن الغرفة تبحث باستمرار إمكانية ضبط أسعار السلع، خاصة أن ارتفاع الأسعار تسبب في تراجع المبيعات، ومن ثم هذا ليس في مصلحة حصيلة الدولة، فكلما زادت المبيعات ارتفعت هذه الحصيلة فضلا عن أن هذا يعطى أفضلية للتجار في مواجهة أعباء الحياة في ظل ارتفاع سعر معظم الخدمات.