نجح المتشددون من السلفيين عقب ثورة يناير 2011، وغياب الأمن في هدم عدد من الأضرحة التي لها مكانة خاصة عند الصوفيين، فيما فشلوا في هدم أخرى، ورغم أن معظم عمليات الهدم كانت تتم أثناء الليل وأثناء غفلة الحراس عن تلك الأضرحة إلا أن الاتهامات الملصقة بهم كانت صحيحة نتيجة اعترافاتهم بذلك بعد الهدم ومهاجمتهم للأضرحة بشكل كبير حتى أضرحة آل البيت والصحابة.
وفي تلك الفترة حاول الصوفيين محاولات عديدة لحماية أضرحتهم وخاطبوا المسئولين لحماية تلك الأضرحة بأي شكل، لكن مع مرور السنوات وقيام ثورة 30 يونيو، وبعد تولي وزير الأوقاف الحالي مختار جمعة منصبه، أصبح الصراع بين الصوفيين والسلفيين، له شكل آخر ودخلت وزارة الأوقاف، كطرف في النزاع، لكن هذا النزاع لم يكن معلن بل كشف هذا النزاع بشكل علني أكثر على خلفية النزاع القائم بين الصوفية والسلفية على مسجد "سيدى على "بالمعتمدية.
ورغم أن مديرية أوقاف الجيزة، أحالت جميع العالمين بمسجد سيدى "على عبدالرحيم" إلى النقل والتحقيق، وأكد سلامة عبدالرازق، مدير أوقاف الجيزة إنه سيتقدم بمشروع قرار إلى وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، من أجل إبعاد أى خطيب يثبت إنتمائه للسلفية أو الصوفية ويثير الفتنة بين المصلين التابعين لتلك التيارات الدينية مما سيكون له اثر سلبى على سلامة المساجد فى جميع أنحاء الدولة.
وأضاف عبدالرازق أن الصوفية والسلفية تناسوا أن هناك دولة بها قانون ووزارة أوقاف لها السيطرة الكاملة على جميع مساجد الجمهورية سواء كانت حكومية أو أهلية وعلى ذلك فقد آن الآوان لكى ترجع الفئران التى خرجت الى جحورها وتعلم أن لاصوت يعلوا فوق صوت وزارة الأوقاف ووزيرها محمد مختار جمعة الذى يحاول ليل نهار جاهدًا نشر الخطاب الوسطى فى جميع مساجد الجمهورية وأبعاد أى فصيل يثبت قيامه بالتخريب فى مساجد الأوقاف ونشر الفتن بين المصلين.
ومضى يقول، الوزارة تفرض سيطرتها على مساجد الأوقاف بالمعتمدية بالجيزة وأنهم لا يستطيعون الاقتراب من هذه المساجد ولا يستطيع السلفيين هدم الأضرحة الموجودة بمسجد سيدي علي، لأن الوزارة تفرض كردونا أمنيا على المسجد والضريح وأن الوزارة تسيطر عليه.
أما وكيل وزارة الأوقاف جابر طايع، فقال إن الوزارة ليست مسؤولة عن حماية الأضرحة وليس لها علاقة إلا بالأضرحة الموجوده بالمساجد الكبيرة فقط.
من جانبه، قال مصطفى زايد، المنسق العام لائتلاف الطرق الصوفية، إن بناء المسجد تم على جزء من مساحة أرض وقف الضريح، ومن أموال أبناء الطرق الصوفية ومحبين آل البيت.
وتابع زايد: الإمام الذي بنى المسجد رجل من أبناء الطرق الصوفية، وجعل للمسجد رواد من كل قري ومراكز الجيزة لسماع خطبه ودروسه لانها تدعوا للتسامح ونبذ العنف في الوقت الذي اغلب مساجد الجيزة تحت سيطرة الجماعات المتطرفه ويدعي فيها للتطرف والارهاب خاصة مساجد قرية المعتمدية لانها موطن الداعية السلفي المتطرف ملك محمد حسين يعقوب.
ومضى يقول، في الفترة التي كانت مصر فيها مختطفه علي يد هذه الجماعات الارهابية حاول هؤلاء الارهابيين هدم المقام لكن تصدي لهم ابناء القرية قبل الصوفية وتم منعهم ولكن عن طريق اشقائهم من العاملين والمطواطئين بوزارة الاوقاف قاموا بدخول المسجد عنوه والاستيلاء علي مصلي السيدات وعمل لجنة زكاة به وهذا مخالف للقانون ومنع خطيب المسجد من الخطابة وجاءوا بامام اخر وكل يوم مناوشات مع زائرين المقام ومنع الحضرة التي تقام بالمسجد.
وأضاف زايد، وكيل وزارة الاوقاف لا يريد تنفيذ اي قرار من قرارات الوزارة بابعاد لجنة الزكاة هذه من المسجد لان وجودها مخالف، بل ان مدير اوقاف الجيزة هددنا بتصريحه الذي قال فيه "يا ايها النمل ادخلوا مساكنكم" بعد كشف تواطئه مع السلفيين لتمكينهم من مسجد سيدي علي بالمعتمدية جيزة.
وتابع زايد، نحن الصوفيين لا نقبل التهديد ومن يسميهم مدير اوقاف الجيزة سينخرون في كيان الفساد حتى يقلعونه من الجذور.
وأشار زايد، الى أن حديث وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة عن الصوفية كان مسيئا للغاية خاصة أنه يساويهم في المقام فكريا مع السلفية التي ينتمي إليها، وأن المتصوفين هم أكثر التيارات الفكرية اعتدالا ووسطية وتاريخهم الوطني المشرف يدحض إهانته لهم، كما أنه يخالف بشكل صريح تعليمات وزير الأوقاف التي أشاد فيها بخطباء الصوفية واعتدالهم ووطنيتهم ووعد أكثر من مرة بالتوسع في اختيارهم خطباء للمساجد الكبرى.
وأكد زايد، ان الصوفية سيتقدمون بمذكرة مدعمة بالمستندات لوزير الأوقاف تثبت تواطؤ وكيل الوزارة ومسئولي الإدارة الهندسية بالجيزة ومدير إدارة أوسيم ومفتش الأوقاف بالمنطقة في تسهيل التعديات على مساجد الصوفية، وكان منها مسجد الأربعين الذي تم هدم ضريحه ووضع تخطيط هندسي جديد له بدون وجود المقام، بالإضافة إلى تسهيل لجنة زكاة الاستيلاء على دور كامل بمسجد سيدي علي بدون سند قانوني وبمخالفة قرارات نيابة الأوقاف في القضية 515 لسنة 2016.
وأوضح زايد، أن وكيل وزارة الأوقاف يقدم معلومات مغلوطة لوزير الأوقاف وهو ما جعلهم يطالبو الوزير بإرسال لجنة موسعة من التفتيش العام بالوزارة للتأكد من صحة المعلومات المقدمة إليه من قبل مديرية أوقاف الجيزة.
واكد زايد، هناك تحقيقات تجري بنيابة الأوقاف في القضية رقم 515 لسنة 2016 بخصوص تواطؤ المسئولين بالأوقاف مع لجنة الزكاة المتعدية على مسجد سيدي علي إلا أن هناك تغطية من قبل وكيل الوزارة وصمت رهيب على ما يحدث، وفي نهاية المطاف قرر نقل العمال الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما ترك مفتش المنطقة المتواطئ ومدير إدارة أوقاف أوسيم الذين تورطوا بشكل مباشر في هذه التعديات.
وأضاف أن قرار وكيل وزارة الأوقاف بالجيزة بتشكيل مجلس إدارة برئاسته مخالف للقانون واللوائح المنظمة لأنه يشترط في التشكيل أن يضم رواد المسجد وليس وكيل الوزارة، كما أن توقيت القرار يخالف قرارات نيابة الأوقاف التي حظرت التعامل على المسجد إلا بعد انتهاء التحقيقات في القضية رقم 515 لسنة 2016.
ومع استمرار تفاقم الوضع، رفضت الطرق الصوفية ما أسمته حملات الإبادة التي تقودها وزارة الأوقاف والدعوة السلفية ضد أضرحتها في عدد من محافظات الجمهورية مطالبة وزير الأوقاف محمد مختار جمعة التعهد بضرورة بناء الأضرحة التي تم هدمها في نفس أماكنها القديمة وخاصة أن تلك الأضرحة تعود للعهود الأولى منذ نشأة التصوف الإسلامي
واستنكر مصطفى زايد، المنسق العام لائتلاف الطرق الصوفية، هجوم السلفيين والمتشددين على الصوفية.
وقال زايد، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، إن هجوم السلفيين بدأ أيضا من على منابر المساجد حتى المساجد التي بها أضرحة ويتوافد عليها الصوفيين، وأكد زايد،أنهم طالبوا وزير الأوقاف مرارا بتعيين أئمة مساجد معتدلين.
وتابع: لم نتعرض لمضايقات من السلفيين أو الشيعة خلال مولد السيدة نفيسة او الرفاعي ولا يجرؤ أي أحد على التعرض لنا خلال مولد أسيادنا الكبار وإلا سنتصدى لهم
أما الشيخ علاء ابو العزائم، فقد اتهم وزير الأوقاف بانه سلفي وسلم قيادات المساجد للسلفيين.
ورفض الشيخ أحمد التجاني عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية ما تفعله الأوقاف ضد أضرحة الصوفية مؤكدًا أن الوزارة تتبع سياسة ضد الطرق الصوفية وضد الأضرحة فلو تم هدم مسجد به ضريح يتم بناء المسجد بدون ضريح متعجبا من رغبتهم في طمس التراث الصوفي.
وتابع التجاني أن صمت الصوفية لن يستمر كثير وخاصة أن الاوقاف هدمت ضريح المغازي منذ ثلاثة سنوات وتعهدت ببنائه وتم إعادة بناء المسجد بدون الضريح وهذا ما أثر سلبا على العلاقة بين الطرق الصوفية والأوقاف وعلى ذلك نطالب وزير الأوقاف بالتحرك العاجل لبناء الأضرحة المهدمة حتى لا تحدث الكارثة وتخرج الصوفية عن صمتها.
ووجه حسن عبدالعزيز عضو الطرق الصوفية اتهامات لعدد من وكلاء وزارة الأوقاف الذين كانوا في محافظة الغربية مثل الشيخ محمود أبو حبسه والشيخ صبري عبادة واتهمهم بعدم تنفيذ وعودهم بإعادة بناء الأضرحة التي تم هدمها تحت رعايتهم مثل ضريح سيدى المغازي بدمنهور الوحش بمحافظة الغربية وأضرحة أخرى لا يعلم عنها أحد شيئا بالإضافة الى استهزائهم بالأضرحة والمقامات عندما قالوا "أن الأضرحة ملهاش لازمة.
من جانبه قال الدكتور عبدالله الناصر حلمى رئيس اتحاد القوى الصوفية " أن الأوقاف والسلفية يقودون حملة لإبادة أضرحة الصوفية وخاصة مع تولى الوزارة الدكتور محمد مختار جمعة الذى يعتنق عقيدة رافضة لوجود الأضرحة والمقامات داخل مساجد الأوقاف والدليل على ذلك أنه بعد هدم عدد من الأضرحة ذهب الكثير من أعضاء الصوفية لكى يطالبوا الوزير بإعادة بناء الأضرحة التي تم هدمها وحصلوا بالفعل على موافقات بإعادتها ولكن المسئولين عن الأوقاف بالغربية والجيزة قالوا لنا أن ذلك حبر على ورق ولن يتم بناء أى أضرحة أو مقامات.
وتابع "الناصر" أن رفض المسئولين بوزارة الأوقاف إعادة بناء الأضرحة يؤكد أن المنهج السلفي المتشدد تمكن من وزارة الأوقاف وهذا يضر ضرر بالغ بالدعوة الإسلامية الوسطية التي يعتنقها الشعب المصري منذ مئات السنين وخاصة أن الأزهر الشريف أو دار الافتاء لم يصدرا أي بيان أو يتعلق بحرمانيىة وجود الأضرحة بالمساجد ".
فيما وجه الشيخ محمد عبدالخالق، شيخ الطريقة الشبراوية اتهاما لوزارة الأوقاف بتمكين السلفية من عدة مساجد لها مثل مسجد "سيدى على " بالإضافة الى هدم ضريح مسجد سيدى "الأربعين" الملحق بمسجد سيدى الأربعين وعدم بنائه حتى الأن بالرغم من تعهد الوزارة والشيخ سلامة عبدالرازق هناك ببنائه وذلك لم يحدث حتى الأن.
ووجه الشيخ محمد عبدالخالق، شيخ الطريقة الشبراوية إنذار شديد اللهجة لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة مطالبًا إياه بإصدار قرار فورى لإعادة بناء الأضرحة المهدمة حتى لا تكون هناك قرارات عاجلة من المجلس الأعلى للطرق الصوفية ضد وزارة الأوقاف التى تنظر للصوفية على أنهم ضعفاء غير اقوياء ولكن الصوفية فى جعبتها الكثير ولن تصمت على ما تفعل الأوقاف ومسئوليها تجاهها.
وتابع الشبراوي، أن الطرق الصوفية صمتت كثيرًا اعتقادا منها أن الوزارة ستتراجع عن مخططها ضد الأضرحة ولكن للأسف المخطط يسير كما هو والسلفيون فرحين بذلك لأنهم يعتقدون أن الأضرحة كفرًا بالله والخلاص منها أمر واجب.