قال كرستيان جوز، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى العراق، إن العراق تضرر بشدة بسبب الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي والانخفاض الحاد في أسعار النفط عالميا منذ عام 2014، مؤكدا أن هناك حاجة إلى المزيد من الإصلاحات لخلق حيز مالي للنمو الشامل وتعزيز بيئة الأعمال والحد من الفساد وإصلاح القطاع المصرفي لدعم النمو الذي يقوده القطاع الخاص وتنويع مصادر الاقتصاد حتى تنطلق عملية إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد تنظيم "داعش" الإرهابي.
ولفت رئيس البعثة، في بيان صحفي اليوم السبت، عقب اختتام اجتماعات بعثة الصندوق، إلى أن حكومة بغداد استجابت للأزمة المالية العامة وأزمة ميزان المدفوعات بتصحيح مالي كبير كان ضروريا، مدعومًا بمساعدة مالية من المجتمع الدولي، وفي عام 2016 استمر النموّ الحقيقي لإجمالي الناتج المحلي بنسبة 11%، مدعومًا بزيادة كبيرة في إنتاج النفط الذي استفاد من الاستثمارات النفطية السابقة.
وأضاف، أن الاقتصاد غير النفطي تقلص بنسبة 8% بسبب الصراع وتصحيح الأوضاع المالية العامة، وفي عام 2017، يتوقع أن يبقى النشاط الاقتصادي خافتًا بسبب تقليص إنتاج النفط بنسبة 1.5% بموجب الاتفاقية التي توصلت إليها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والتعافي المتواضع للقطاع غير النفطي، وتبقى المخاطر مرتفعة وهذا ينبع بشكل أساسي من عدم اليقين المحيط بآفاق أسعار النفط والوضع الأمني وعدم التيقن السياسي ومواطن الضعف الإدارية.
وتابع قائلا:- إن اتفاق الاستعداد الائتماني يستهدف تصحيح الموازنة المالية العامة وتوازن المركز الخارجي وتحسين الإدارة المالية مع حماية الإنفاق الاجتماعي، مشيرا إلى انه تم استكمال المراجعة الأولى بموجب اتفاق الاستعداد الائتماني في 5 ديسمبر.
وأشار كرستيان جوز إلى أن السلطات العراقية وخبراء صندوق النقد الدولي (IMF) ناقشوا في العاصمة الأردنية (عمان) خلال الفترة من 5 إلى 17 مارس الجاري بشأن مشاورات المادة الرابعة لعام 2017، والمراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتماني (SBA) مع العراق البالغ مدته 36 شهرًا، والذي وافق عليه المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في 7 يوليو الماضي.
وأوضح أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط تسبب في انخفاض إجمالي احتياطي العملات الدولية للعراق من 53.7 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2015 إلى مستوىً لا يزال مريح مقداره 46.5 مليار دولار أمريكي في ديسمبر 2016.
واعتبر ان الضغوط التي تعاني منها المالية العامة لاتزال كبيرة مع بقاء العجز الحكومي عند مستوى 12% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2016، بسبب استمرار انخفاض أسعار النفط وارتفاع الإنفاق الإنساني والأمني، كما ارتفع مجموع الدين العام من 32 % إلى 64% من إجمالي الناتج المحلي في الفترة 2014-2016.
وتباطأ نمو الائتمان وارتفعت القروض المتعثرة لدى المصارف المملوكة للدولة والمصارف الخاصة بشكل كبير في عام 2016.
ونوه إلى أن السلطات حافظت على ربط سعر الصرف وهو ركيزة اسمية هامة، وتبقى آفاق النمو على المدى المتوسط متواضعة بسبب ثبات إنتاج النفط المتوقع، وثبات استثماراته في مواجهة القيود على الإيرادات، والانتعاش المتواضع في النموّ غير النفطي، المدعوم بالتحسّن المتوقّع في الوضع الأمني وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
يذكر أن السلطات العراقية عقدت في عمان مع خبراء صندوق النقد الدولي لمناقشة المراجعة الثانية لاتفاق الاستعداد الائتماني.. وتستمر المناقشات خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في الفترة ما بين 21-23 أبريل المقبل في واشنطن.
والتقى فريق الخبراء مع وزير المالية بالوكالة عبد الرزاق العيسى ومحافظ البنك المركزي العراقي بالوكالة علي العلاق ومستشار رئيس الوزراء العراقي مظهر صالح، ومسؤولين من وزارات المالية والنفط والتخطيط، وشركة تسويق النفط العراقية(سومو)، والجهاز المركزي للإحصاء، والبنك المركزي العراقي، وممثلين عن حكومة إقليم كردستان العراق وديوان الرقابة المالية.
وكان مستشار رئيس الوزراء العراقي الاقتصادي مظهر صالح وصف مشاورات المراجعة الثانية من اتفاقية الاستعداد الائتماني مع صندوق النقد الدولي بأنها "ناجحة جدًا".. نافيا مايتردد من أنباء عن فشل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول الاتفاقية التى استضافت عمان اجتماعاتها.. وقال، في تصريح صحفي أمسالجمعة، إن صندوق النقد الدولي سيصدر بيانًا ختاميًا بهذا الشأن، لافتا إلى أن بعض البيانات الاحصائية المتعلقة بالنفقات والايرادات العامة لإيضاح الموقف بشكل أوسع طلبها الصندوق وستقدم له في نهاية أبريل المقبل.
ويحصل العراق على خمسة مليارات و300 ألف دولار من صندوق النقد الدولي كقرض ميسر لدعم الموازنة الاتحادية بموجب تنفيذ اتفاقية الاستعداد الائتماني التي عقدت اجتماعات بشأنها في عمان.. وأن القرض الذي سيحصل عليه العراق من الصندوق يعتبر قرضا ميسرا لدعم موازنة الدولة خلال الفترة من 2016 إلى 2019 وسيكون معظمه لإعادة الاعمار والتنمية الاقتصادية.. وسبق ان تسلم مليارا و250 مليون دولار خلال عام 2016، ومن المقرر أن تتسلم بغداد في عام 2017 دفعة تمثل نصف مبلغ القرض إضافة الى مشاورات المادة الرابعة من اتفاقية الصندوق لتقييم الوضع الاقتصادي، وأن الالتزامات هي جزء من الاتفاق المبرم بين العراق والصندوق.