يوقدون شعلة من النار، يتحلقون حولها، في مشهد رهيب، يقدرون قوتها وقدراتها، يتهمهم البعض بالوثنية والكفر، فيما تحتفي إحدى المدن بالرقص والغناء حول النار هناك من يحرقون فيها، في تقليد احتفالي يصادف هذا اليوم، 19 مارس من كل عام ويسمى، عيد النار أو مهرجان النار أو مهرجان لاس فاياس.
إيران
تحدى الإيرانيون رجال الدين المحافظين واحتفلوا "بمهرجان النار"، وتعتبره إيران احتفال فارسي خاص بها يرجع إلى 4 آلاف عام وفي طهران، أشعل المواطنون النار في الأماكن العامة وأطلقوا الألعاب النارية وفوانيس الأماني في السماء أثناء الليل، في إطار طقس سنوي يرجع إلى عام 1700 قبل الميلاد ويرتبط بالزرادشتية.
قبل أربعون عاما لم تشهد إيران مثل هذه الاحتفالات فمنذ اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، حض المحافظون على ترك هذا الاحتفال، معتبرين أنه "عادة وثنية من عصور ما قبل الإسلام" ونصحت الشرطة المحتفلين بتجنب الشوارع الكبيرة والميادين لكنها لم تتدخل لتفريقهم. ويأتي هذا العيد قبيل عيد النوروز، السنة الفارسية الجديدة، الذي يتم الاحتفال به في الـ 21 من شهر مارس.
السويد
بينما للسويد احتفالات أخرى صاحبتها فوضى، إذ ذكرت الشرطة أن فوضى واضطرابات صاحبت مهرجان النار الذي أقيم في حديقة الملك في ستوكهولم، يوم أمس وكان شخصان قد تعرضا إلى الطعن بالسكين خلال المهرجان، حيث صُنفت كلا الحادثتين بجريمة الشروع في القتل.
ووصل بلاغ الى الشرطة حول وجود شخص مصاب في ميدان سيرجل، حيث تمكن من الوصول الى الميدان بعد طعنه بالسكين أثناء المهرجان، ليتم بعدها نقله الى المستشفى بواسطة سيارة إسعاف. ووصفت درجة إصابته بالخطيرة، ولكنها لا تهدد الحياة، فيما لم يتم القبض على أي مشتبه به.
كما اندلع شجار كبير خلال المهرجان، حيث تفيد التقارير إلى أن رجل آخر أصيب بالسكين. وبالإضافة إلى الحادثتين، أفادت الشرطة، بأن تقارير عدة وصلتها حول وقوع حالات عنف واعتداءات جنسية.
فالنسيا
وتعتبر فالنسيا إحدى أشهر وأوسع المناطق احتفالا بالمهرجان وتسميه عيد طرد الرذيلة والشرور عن سكانها أو عيد "الفايس" المقصود به عيد “النار". ففي عيد “النار” تكتظ شوارع المدينة لفالنسيا بالتماثيل والمجسمات الكرتونية المصنوعة من الورق المقوى والشمع والأخشاب لإشعال النار فيها وحرقها وسط احتفال كبير يصنف كمحرقة كبرى لترد الشرور والرذيلة.
في التاسع عشر من شهر مارس من كل عام ومنذ القرن الخامس عشر تحتفل هذه المدينة بعيدها التقليدي كطقوس تقليدية تراثية فتأكل ألسنة اللهب كل ما صنعوه من دمى ومجسمات كالعرائس وشخصيات سياسية وفنية ورياضية في منتصف ليلة التاسع عشر من مارس.
نشأ هذا العيد في مدينة فالنسيا في العصور الوسطي تكريماً للقديس جوزيف وفي رواية أخرى يوسف النجار، والقصود به قديسها “سان خوسيه، راعي مهنة النجارة، ويعود هذا الاحتفال الى عهود قديمة جداً لم يحدد وقته تماما ومع ذلك يعتبر من الاحتفالات الرسمي الرئيسي في أسبانيا يقع على الخريطة السياحية كل عام لما يجذب من ألاف السياح حول العالم.
ومدة هذا الإحتفال خمسة أيام، يبدأ التجمع للاحتفال في تمام الساعة الثامنة صباحا فتطلق الصواريخ والألعاب النارية محدثة ضججا ضخما التي تعتبر من أهم طقوس الإحتفال وتجوب بعدها الفرق الموسيقية شوارع المدينة لإعلان البدء ويتبعهم مجموعة من الأشخاص يسمون “الفايارس” يرتدون زياً تقليدياً خاصاً، وفي المساء تتزين مرة أخرى السماء بالألعاب النارية في شتى أنحاء المدينة ففيتجه ابناء المدينة الى ميدان البلدية.
وبعد انتهاء من عرض هذا الموكب الضخم وبحلول الليل يسود الصمت أرجاء المدينة منتظرين حلول الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تنطلق ألسنة اللهب لتلتهم ما ابدعه الفنانون في عام كامل، بأجواء من الضحك الموسيقى والرقص والغناء وبعض دموع الوداع لتلك الدمى التي أصبحت رمادا.
ولا تهدأ الضوضاء في تلك المدينة حت صباح اليوم العشرين من مارس حيث تتحول كل الدمى المبتكرة الى محروقات مرتمية بللها المنظمون بصنابير المياه بعد التأكد من حرقها تماما.
ومن ضمن طقوس هذا الاحتفال الفريد من نوعه يتم التصويت من الجمهور على احدى الدمى ليتم العفو عنها من الحريق ويكتب لها النجاة لتصبح رمزا في المستقبل، وهذا يضفيف جو جديدا من التشويق والمتعه خلال المهرجان. ويذكر أن أولى الدمى التي تم العفو عنها كانت تمثل “جدة عجوز ريفية وحفيدتها” حدث ذلك عام 1934 حيث تم اختيارها من بين الاف الدمى .
ويشار أن كلمة “لاس فاياس” كلمة لاتينية، انتقلت الى العربية في شكل او آخر، وكانت تعني “الشعلة” التي كانت تستخدم في الاضاءة داخل الحصون والقلاع وانارة السجون التي تضمنت الأسرى العرب، وبدأ استخدامها في عهد الملك “خايمي الاول”، الذي سيطر على مدينة فالنسيا بعد انتزاعها من ايدي العرب.