يقوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن اليوم، بزيارة مفاجئة للقاهرة لم تكن على جدول اعماله، بناء علي دعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكان أبو مازن بدأ جولة عربية وأوربية لبحث سبل دعم القضية الفلسطينية.
وبدأت جولة أبو مازن بزيارة رسمية لدولة قطر وكان في استقباله والوفد المرافق لدى وصوله مطار حمد الدولي سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشؤون الخارجية، ومنير غنام السفير الفلسطيني.
بحث أبو مازن مع الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، العلاقات الثنائية وآخر تطورات القضية الفلسطينية، وحضر اللقاء من الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، والسفير الفلسطيني لدى قطر.
اعتبر البعض زيارة أبو مازن المفاجئة للقاهرة، خطوة مهمة باتجاه تعزيز الثقة بين الجانبين، لا سيما بعد الحادثة الأخيرة، التي تلخصت بمنع السلطات المصرية، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، من دخول القاهرة.
وقال جمال الشوبكي، سفير فلسطين لدى مصر، إن الرئيس أبو مازن سيعقد جلسة مباحثات مع الرئيس السيسي بعد غد الاثنين، بمقر الرئاسة المصرية، لبحث الأوضاع العاجلة والمهمة على الساحة الفلسطينية والعربية.
تطورات جديدة
وكشف هاني العقاد المحلل السياسي، في تصريحات لوسائل إعلام فلسطينية، أن تطورا خطيرا طرأ بالساعات الأخيرة وراء هذه الزيارة المفاجئة، مؤكدا على أنه مهما وصلت حدة خلافات وجهات النظر بين الزعماء العرب والسلطة، وخاصة مصر، فلا أحد يستطيع أن يباعد بين الجانبين، ولا أحد يستطيع أن يغفل قوة مصر في المنطقة، ورعايتها للملفات الفلسطينية الداخلية والخارجية.
وشدد العقاد علي أن الجانب الفلسطيني، يهمه وجود غطاء عربي تقوده مصر، لفترة ما بعد القمة العربية، التي سيعقبها زيارة عباس للولايات المتحدة، إضافة لدعوة ترامب للسيسي لزيارته في إبريل المقبل.
ويؤكد أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، في تصريحات صحفية، أن لقاء عباس مع السيسي له أهمية بالغة، خاصة أنه يأتي قبل القمة العربية التي تعقد في الأردن يوم 29مارس الجاري، وقبل توجه الرئيس المصري لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية مطلع الشهر المقبل.
كما أضاف أن اللقاء سيكون له الأثر الكبير لما تشكله مصر من ثقل دولي وإقليمي وعربي، وسيبحث الرئيسان عددا من القضايا قبل انعقاد القمة العربية، خاصة أن القمة تمر بظروف ومتغيرات دولية وإقليمية وعربية صعبة، الأمر الذي يتطلب تصفية الأجواء من خلال التشاور مع الأشقاء العرب، لضمان موقف عربي مشترك يدعم الفلسطينية، ويؤكد على تسمك العرب بمبادرة السلام العربية، ودعمهم للمسعى السياسي الذي يسلكه الرئيس، لافتًا إلى أن زيارة عباس ستبدد الكثير من الأوهام التي انتشرت عن فتور العلاقة بين القاهرة والسلطة، موضحًا أن هناك محاولات حثيثة لتعكير الأجواء ولخلق مناخ من التوتر، لافتًا إلى أن هناك بعض القضايا الخلافية الطبيعية بحاجة إلى تفاهم وتشاور وتنسيق مع الشقيقة مصر.
ويأتي اللقاء الذي يُعقد في ظل توترات متزايدة بين القاهرة ورام الله، يأتي بعد أسبوع من دعوة شفهية وجهها ترامب لعباس لزيارة الولايات المتحدة.
وتسود دوائر اليمين اليهودي في تل أبيب أجواء من القلق والتوتر بعد اتصال ترامب هاتفيا بالرئيس الفلسطيني، ودعوته رسميا لزيارة بلاده، وهي المكالمة التي وُصفت بالودية للغاية.
توتر العلاقات بين مصر ورام الله
شهدت العلاقات بين أبو مازن والسيسي توترا، بعد التقارب بين القاهرة وحركة حماس، وكذلك محمد دحلان القيادي السابق بحركة فتح، والعدو اللدود لعباس، فضلا عن منع مصر دخول جبريل الرجوب عضو اللجنة المركزية بفتح أراضيها، الذي دفع الكثيرين لتوقع انهيار العلاقات بين السيسي وعباس.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسئول رفيع المستوى بالسلطة الفلسطينية أن المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب بعباس منحت الرئيس الفلسطيني دفعة لتحسين العلاقات مع القاهرة.
يأتي ذلك فيما يستعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للقيام بزيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام للولايات المتحدة خلال الأسبوع الأول من شهر أبريل المقبل، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وتزايدت التقارير خلال الفترة الأخيرة حول نوايا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل لحل للمشكلة الفلسطينية بأي ثمن.
وقال السفير علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، في بيان أمس السبت، إن "زيارة عباس مصر تأتي في إطار التشاور والتنسيق المستمريْن بين الجانبين في القضايا العربية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
أشار المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إلى أنه من المنتظر أن تتطرق المحادثات بين الجانبين إلى الأوضاع الإنسانية والاقتصادية والأمنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والأفكار المتداولة في سبل استئناف عملية السلام، خاصةً في ضوء عضوية مصر الحالية في مجلس الأمن، والاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الإقليمية والدولية بهدف توفير البيئة الداعمة استئناف عملية السلام، وتشجيع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على العودة إلى المفاوضات.
ويأتي اللقاء بعد توتر في العلاقات بين الطرفين، كادت أن تصل إلى أزمة، وذلك على خلفية الدعم المصري الإماراتي للقيادي المفصول من حركة فتح "محمد دحلان، وترتيب عدة مؤتمرات له اعتبرها "أبو مازن" أنها موجهة ضده، حيث قال الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية، عدنان الضميري، إن المؤتمر الذي رعته السلطات المصرية مؤخرًا في مدينة "العين السخنة"، وضم شبانًا فلسطينيين من قطاع غزة، بدون تنسيق مع السلطة في رام الله، يستهدف الشرعية الفلسطينية".
وكانت السلطات المصرية، منعت أيضًا جبريل الرجوب، الأسبوع الماضي، من دخول مصر، عبر مطار القاهرة، وقامت بترحيله إلى العاصمة الأردنية "عمان".
وقال المستشار طه الخطيب، المحلل السياسي الفلسطيني، حول الزيارة، إن أهمية القضية الفلسطينية معدلاتها متزايدة في المنطقة العربية، وتحديدًا في مصر، لافتًا إلى أن دعم الشرعية الفلسطينية من أساسيات السياسة الخارجية والداخلية للدولة المصرية.
أضاف الخطيب، في تصريحات له، اليوم الأحد، عبر تليفزيون "فلسطين"، أن "زيارة أبو مازن للقاهرة في هذا التوقيت استكمالًا لمشاورات على مدار الـ3 أشهر الماضية، وأهمية الزيارة تفرضها حتمية مرحلة انتقالية في السياسة الدولية".
أكد أنه لابد من توحيد الموقف المصري الفلسطيني في التعامل مع واشنطن، مع الرئيس الجديد، القادم لتحريك تسوية حول حل الدولتين.
وقال ماهر فرغلي، المتخصص في شئون الحركات الإسلامية، إن "الدعم المصري لدحلان أدى إلى مشاكل بين الطرفين، وأحدث سوء تفاهم، ومن المؤكد أن زيارة عباس لتحسين العلاقات".
أكد فرغلي، في تصريحات لـ"أهل مصر"، أن "دحلان بديل قوي جدًا، والأوفر حظًا لتولي المنصب، بعد رحيل أبو مازن، وأي مسئول فلسطيني، أيًا كان انتماؤه لفتح أو لحماس، لا يستطيع أن يستغنى عن مصر".
أضاف: "مصر هي التي تُدير المشهد في المنطقة كلها بصفة عامة، وأبو مازن يُدرك ذلك، ومصر لها تواصل مع كافة قيادات الحركات في فلسطين، حتى حماس".
فيما قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ
العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن "زيارة أبو مازن للقاهرة لن تتطرق
لأزمات هامشية لا قيمة لها، مثل منع جبريل الرجوب من دخول مصر، أو الدعم المصري
لدحلان"، مؤكدًا أن هذا القضايا لن تُطرح في لقاء الغد المرتقب بين الرئيسين
السيسي وأبو مازن.
أضاف في تصريحات خاصة لـ"أهل
مصر": "اللقاء لن يتطرق إلى قضايا شكلية أو خلافات ثنائية، سيكون مرتبطًا
بتنسيق مواقف وتحديد توجهات ليس أكثر، خاصةً قبل زيارة الرئيس السيسي المرتقبة
لأمريكا".