يحيي العالم، بعد غد الأربعاء، اليوم العالمي للمياه، تحت شعار "المياه المهدرة" حيث يركز الاحتفال هذا العام على قضية هدر مياه الصرف الصحي وسبل التقليل وإعادة استخدام أكثر من 80% من جميع مياه الصرف الصحي القادمة من المنازل، والمدن والصناعة والزراعة التي تتدفق إلى الطبيعة ملوثة بذلك البيئة فقدان العناصر الغذائية القيمة وغيرها من المواد القابلة للاسترداد.
وسوف تستضيف مدينة ديربان في جنوب أفريقيا فاعليات إطلاق تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه في العالم لعام 2017 تحت عنوان "المياه المستخدمة: مصدر غير مستغل"، حيث يوضح كيفية إعادة تحسين إدارة مياه الصرف الصحي، والدور الحاسم لمياه الصرف الصحي في سياق اقتصاد دائري، حيث التنمية الاقتصادية المتوازنة مع حماية الموارد الطبيعية والاستدامة البيئية، وحيث اقتصاد أنظف وأكثر استدامة له تأثير إيجابي على جودة المياه وأن تحسين إدارة مياه الصرف الصحي أمر بالغ الأهمية لتحقيق هدف التنمية المستدامة على المياه النظيفة والصرف الصحي، وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه يعيش حاليا أكثر من 663 مليون شخص بدون توفر إمدادات للمياه الصالحة للشرب على مقربة من منازلهم، فهم يقضون ساعات لا تحصى أو يقطعون مسافات بعيدة للحصول على المياه، أو يواجهون الآثار الصحية لاستخدام المياه الملوثة.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار 19347 في ديسمبر عام 1992، يوم 22 مارس من كل عام، يوما دوليًا للمياه، وذلك للاحتفال به ابتداء من عام 1993، وفقا لتوصيات مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بالبيئة والتنمية بوصفها وسيلة لجذب الانتباه إلى أهمية المياه العذبة والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد المياه العذبة.
وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو، في رسالتها بهذه المناسبة، إلى أن معظم الأنشطة البشرية تؤدي إلى طرح مياه عادمة، ويطرح ما يزيد على 80% من مياه العالم العادمة في البيئة بدون معالجة، ولا يمكن لهذا الأمر أن يتواصل وهذه هي الرسالة التي يرمي تقرير الأمم المتحدة العالمي عن تنمية الموارد المائية لعام 2017 إلى تبليغها، ولا تقتصر فوائد الحد من كمية المياه العادمة غير المعالجة التي تصرف في البيئة الطبيعية على إنقاذ الأرواح وتعزيز النظم الإيكولوجية السليمة، بل يمكن أن يساعد هذا الأمر أيضًا على تعزيز النمو المستدام وتندرج إمكانية الحصول على المياه المأمونة الصالحة للشرب، وإمكانية الانتفاع بخدمات الصرف الصحي، في عِداد الأمور الضرورية لإعمال حقوق الإنسان وصون كرامته، وتمكين الناس كافة من البقاء رجالًا ونساءً في جميع أرجاء العالم، ولا سيما الفئات الأشد حرمانًا، وكذلك في عِداد الأمور الضرورية للمضي قدمًا في تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تشكل قضايا المياه حلقة الوصل بين أهدافها ال 17 جميعها وما تشتمل عليه من غايات مترابطة.
وأضافت بوكوفا أنه قد تكون المياه العادمة مصدرًا آخر للمياه يمكن الاعتماد عليه في ظل تزايد الطلب على المياه، ويقتضي هذا الأمر الانتقال من نهج "معالجة المياه العادمة من أجل التخلص منها"، إلى نهج "الحد من المياه العادمة، ومعالجتها من أجل إعادة استخدامها وإعادتها إلى الدورة الطبيعية للمياه واستخلاص الموارد منها" وينبغي للإنسان أن يتوقف عن اعتبار المياه العادمة مشكلة، بل ينبغي له أن يعتبرها جزءًا من الحل المنشود للمصاعب التي تواجهها كل المجتمعات ويمكن أن تكون المياه العادمة المعالجة مصدرًا آخر للمياه مجديًا من حيث التكلفة ومستدامًا وآمنًا ويمكن الاعتماد عليه لأغراض متنوعة تضم استخدامه للري والصناعة والشرب، ولا سيما في ظل شح المياه.
وذكرت بوكوفا، أن اليونسكو تعمل بصفتها وكالة الأمم المتحدة المعنية بعلوم المياه وبالتعليم في مجال المياه، على كل المستويات من أجل بلوغ الغايات المنشودة فيما يخص المياه، وتضطلع اليونسكو بعملها في هذا المجال في المقام الأول عن طريق البرنامج الهيدرولوجي الدولي وشبكته المكونة من لجان وطنية ومراكز متخصصة وكراسٍ جامعية، ويزود برنامج اليونسكو العالمي لتقييم الموارد المائية الحكومات والمجتمع الدولي بمعلومات مفيدة للسياسات بشأن أحدث المبتكرات المتعلقة بموارد المياه العذبة في جميع أرجاء العالم، ويعمل على ابتكار تقنيات جديدة لرصد الأمور الخاصة بالمياه بطريقة تراعي قضايا الجنسين، وستكون هذه العناصر كلها عوامل ضرورية لنجاح خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ودعت بوكوفا، أنه في ظل تزايد الطلب على المياه وتفاقم المخاطر المحدقة بالموارد الطبيعية المحدودة من جراء الاستغلال الجائر والتلوث وتغير المناخ، ألا نتجاهل الفرص التي يتيحها لنا تحسين إدارة المياه العادمة، فلا يسعنا في هذه الظروف أن نعدم المياه العادمة.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنه مع تأثير الازدياد السكاني بالإضافة لتأثير الاحتباس الحراري والتغير المناخي؛ فعالمنا اليوم يتجه نحو أزمة مائية وبالضرورة غذائية أيضًا، قد بدأت ملامحها تتبلور منذ النصف الثاني للقرن الماضي ولا يخفى على أحد الأهمية الكبيرة للمياه في حياة البشر، بل في حياة كل الكائنات الحية التي نعرفها أيضًا، إلا أن النمو السكاني المتزايد عبر التاريخ وبالأخص منذ القرن الـ 19حتى اليوم قد جعل الموارد المائية المتاحة للفرد الواحد تتناقص تدريجيا مع انتقال عدد البشر من ما يقارب مليار نسمة قبل قرنين إلى ما يزيد على 7 مليارات نسمة اليوم.