طرأت فى الآونة الاخيرة تغيرات كثيرة فى مجال قنوات الأطفال، فتحولت بعضًا من القنوات من بث محتوى هادف وتعليم مفيد للطفل، إلى قنوات تقدم افلام وحلقات كرتونية تهدف إلى نشر الفساد فى المجتمع والاضرار بتفكير الطفل، التلفظ بألفاظ منافية للتقاليد المصرية، ولم يتوقف الامر على الالفاظ فقط، بل وصل إلى عرض بعض قنوات الكرتون إلى مشاهد إباحية فى الافلام الكرتونية، هذا بجانب علاقات الصداقة بين الشخصيات الكرتونية "البنات والولاد" مما ينعكس على انتشار الحب والصداقة بين الأطفال على أرض الواقع.
تقليد الاطفال لمحتوي الكرتون يعرضهم للاذى وقد يصل للموت تحتوى افلام الكرتون على مشاهد طيران وتحليق لابطالها، مما يزرع لدى الطفل رغبة فى تقليد ابطالها، ومن ابرز حلقات الكرتون التى يقلدها الاطفال هى "سبايدر مان" الذى تسبب فى العديد من المخاطر للاطفال، منها ما حدث عام 2015 حيث حاول الطفل محمد اسامة من المنصورة تقليد مشهد لـ "اسبايدر مان" فعلق حبلًا فى ستارة البانيو ولفه حول رقبته مثلما حدث فى المشهد ولكن كان هذا سببًا لان يلقى الطفل مصرعه شنقًا بسبب حلقة كرتون.
ولم تكن هذه الواقعة هى الاولى من نوعها ففى عام 2014 انتحر طفل أندونيسي في العاصمة جاكرتا بسبب منعه من مشاهدة فيلم سبايدر مان، وكان ذلك بعد ان منعته والدته من مشاهدة الفيلم، فتوجه إلى غرفته واغلق الباب وقفز من الدور الـ 19 الذى تقع فيه شقتهم.
و فى واقعة حديثة وفريدة من نوعها، وقعت مشادة كلامية بين ولى امر تليمذ يدعى عبد الرحمن ووالدة الطفلة التى قام بحضنها وتقبيله فى الفصل، وبدأت الام فى الشكوى مما حدث مع طفلتها، على الجروب الخاص بأولياء الامور الذى تم تدشينه على موقع "الواتس اب" ليسهل التواصل بين اوليا الامور، ولكن ما حدث ان القصة انتشرت بشكل مخيف على مواقع التواصل الاجتماعى وظهرت فى عدد من البرامج التليفزيونية، ويمكن ارجاع ما قام به الطفل عبد الرحمن هو انعكاس طبيعى للمشاهد التى يتم تعريض الطفل لها اثناء مشاهدته للتليفزيون والتى يمكن ان تكون لديه الرغبة فى تنفيذ افعال لا تليق بالمجتمع دون علمه بذلك.
و فى هذا الإطار قال الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية، فى تصريخ خاص لـ"أهل مصر" أن الطفل الواعى يبدأ فى التعامل مع مدركات الحياة بشكل فعال فى بداية بلوغه لسن الـ 3 سنوات، وتعد "مرحلة الكهف" هى المرحلة التى يبنى الطفل من خلالها مدركاته واسلوبه فى التعامل وطريقة تفكيره ومعتقداته، وتعد هذه المرحلة غاية فى الاهمية، نظرًا لانها مرحلة تتحكم فى مستقبل الطفل من الناحية السلوكية، ولذلك منع علماء الصحة النفسية مشاهدة الطفل لاى مشاهد تحتوى على عنف او ذبح او قتال قبل أن يبلغ سن 3 سنوات، لان قبل هذا السن سيتكون لدى الطفل سلوك عدوانى وعنيف اتجاه مت حوله وهذا بالطبع سيؤثرعليه فى مراحل حياته القادمة.
و أوضح أبو حسين أن الطفل الذى يتعرض الى المشاهد الجنسية او المشاهد التى تعرض العنف بكافة اشكاله، يكون شخصية غير نظامية او عنيفة الى حد كبير، ونبه الامهات الى ضرورة عدم ترك الطفل امام قنوات الكرتون لوقت طويل، وعليها ان ترى محتوى الكرتون مسبقًا قبل ان تسمح للطفل بالمشاهدة، وذلك للحفاظ على ادراك الطفل وتفكيره وتكوين شخصية سليمة فى المستقبل.
وعلى الجانب الآخر أوضح الدكتور هاشم بحرى، استاذ الطب النفسى بجامعة الازهر، فى تصريح خاص لـ"أهل مصر"، ان كل ما يمر به الانسان فى رحلة حياته يتم اختزاله فى العقل الباطن، وفى حالة الرغبة فى اتخاذ قرار يلجأ الانسان إلى طريقين، الأول وهو ما تم اختزاله فى سنوات العمر السابقة وهى محفوظة فى العقل الباطن، اما الطريق الثانى فهو اتخاذ قرار طبقًا لموازنة الاحداث فى الوقت الحاضر.
وإذا تعرض الطفل إلى مشاهدة لقطات عنيفة أو الفاظ غير مناسبة للآداب العامة، فان ذلك سيساهم بشكل كبير فى ميل الطفل الى استخدام العنف كأسلوب اساسى فى التعامل مع عائلته واصدقائه، وكذلك الموضوع ينطبق على السلوك الغير لائق بالاداب العامة، وهذا يرجع إلى أن الطفل يتعامل بالخبرات السابقة التى اكتسبها وقت طفولته.
و نصح بحرى الأسرة التى تريد ابعاد اطفالها عن هذا النوع من المحتوى الكرتونى إلى التعامل مع الطفل بشكل محبب لديه، وايجاد اشياء اكثر جاذبية لاشغال وقته بها مثل الرياضة والثقافة والفن الراقى، ونبه على عدم ممارسة اسلوب العقاب والاوامر مع الطفل ليتوقف عن مشاهدة هذه القنوات الكرتونية، نظرًا لان هذا يعزز شعور الاطفال بالحرمان، وبالتالى يجعلهم يبحثون عن طريقة أخرى لمشاهدة الكرتون دون علم أسرتهم.