"ارمي الشبكة وهات".. حكاية الريس سوسن: أشهر صيادة في الصعيد (فيديو وصور)

"أنا زي الجبل لا أكل ولا أمل مهما تحاملت عليا الصعاب، أظل صامدة، فلا يوجد من يقوى على الهم سواي"، بهذه الكلمات بدأت سوسن عبد الحميد عطية، صاحبة الـ 51 ربيعا، ابنة قرية العقال البحري بمركز البداري.

بدأت رحلتها مع الصيد، في عمر الـ 10 سنوات، بعد أن دخل والدها السجن بسبب الخصومات التي يشتهر بها الصعيد وخاصة البداري، وترك على عاتقها 6 بنات أخريات وولد، ربما لم تكن سوسن هى الكبرى فيهن، لكن ظروف الحياة أجبرتها أن تكون القائد والعائل، ورغم العادات والتقاليد القاسية التي كانت تمنع المرأة أن يرى طرفها الرجال في ذلك الوقت، خرجت سوسن للعمل، لم يكن لديها سبيلا للرزق سوى جوف المياة، فالصيد هم مهنة والدها التي كان يتعايش منها قبل سجنه، وكان يأخذها معه لتساعده على قدر طفولتها حين يلقي الشباك أو يجمعها.

لكن ظروف الحياة الموحشة فرضت على سوسن أن تحمل هي الشباك وتستقل المركب الخشبية الصغيرة وسط الرجال، وكما تصف نفسها أنها مثل الجبل لا تكل ولا تمل، فلا يوجد سواها من يتحمل المسؤولية، وجدت نفسها وسط نهر النيل الواسع، كانت تأتي هنا في صحبة والدها تظنه يحميها اذا غدر بها البحر أو رماها أحد الصيادين بنظرة ذئب، أو يحميها من لوم أسرتها عندما يعودا معًا دون رزق، أما اليوم فهي تواجه بمفردها.

قالت سوسن عبد الحميد، من منطقة مغربي بقرية العقال البحري بمركز البداري بأسيوط، كان عندنا مشاكل وخصومات وبسببها أبويا دخل السجن، وفاتنا صغيرين، معندناش مصدر رزق، ولم نجد أمامنا سوى العمل بمهنته في الصيد، وكنت أنا من تحمل المسؤولية وعليه قيادة السفينة، خرجنا إلى النهر وبدأنا الصيد كان أول يوم صعب بالنسبة لي لأَنِّي أول مرة أنزل البحر وأكون المسؤولة الاولى عن المركب وعن مصير أخواتي، ثم بدأنا ننزل البحر كل يوم علشان نوفر مصروفات الأسرة الى أن خرج والدي من السجن.

- رحلتهامع الصيد بعد الزواج

وتابعت سوسن بعدها تزوجت الراجل البسيط ده محمد محمد ثابت، في البداية اسرتي رفضت هذا الزواج، لكن زي م واجهت العادات والتقاليد وخرجت للصيد واجهت أهلي ودافعت عن حبي وتزوجته، وأنجبت منه 6 أولاد و4 بنات، زوجت منهم بنت وولد، الولد كان شغال في القاهرة وتزوج فتاة من محافظات بحري وتركنا ومش بيسأل علينا، والباقيين عايشين معانا، لكن القدر كتب أن يستمر الصيد صنعتي، ودفعتني الظروف ومتطلبات الحياة أن أكون العائل ثانية وأحمل بالشباك وأحل محل زوجي الذي يعاني من حصوات في الكلى منذ 11 عام وأجرى 3 عمليات توسيع.

- زمان كان فيه خير

وتابعت البحر زمان كان حلو، كنّا بنصيد كتير ونبيع بـ 80 أو 100 جنيه على الأقل في اليوم الواحد، ودي كانت بتمشي الحال كويس هنا في الصعيد وممكن توفر منها كمان، كنّا بنشتري من خيره كل حاجة، أكل وشرب ولحمة وخضار وأطبخ وأكل عيالي، علشان الحاجة كانت رخيصة، الصيد أصبح دلوقت مفهوش خير وميأكلش عيش حاف، أنا وابني مدحت طالعين من قرآن الفجر أنا وابني مدحت نلف في البحر مبعتش غير بـ 6 جنيهات، دي هاتكفي أكل ولا مصاريف علاج بنتي، ودلوقت كيلو السكر لوحده اكتر من 10 جنيهات ونصف وباكو الشاي 10 جنيهات وإزاي هايعيش بيت حجمنا، وزوجي مريض من 11 سنة عنده حصوات على الكلى وعمل 3 عمليات توسيع في الحالب ومحتاج عمليات تاني ومفيش فلوس، وهو لا يستطيع العمل في أي شيء لا الصيد ولا الشغل في الاراضي الزراعية، بسبب مرضه، وأنا لغاية اخر لحظة في عمري هأفضل مع زوجي ومش هاتخلى عنه، وكمان أنا عندي ابني مدحت مريض ومش قادرة أعالجه.

- الشؤون رفضت تصرف لي معاش

واضافت سوسن أنا قدمت في الشؤون علشان اخد معاش "السيسي" رفضوا وقالولي زوجك هياخد معاش، طيب زوجي ده راجل مريض وفقير ومعانا 10 عيال وأنا وهو 2 نبقى 12 فرد ومفيش حد يساعدنا هنأكل من فين، أنا عمري مامديت أيدي لحد.

- رحلة سوسن اليومية في النيل

أول ما اسمع قرآن الفجر اصحى وأصحي ابني مدحت نروح على البحر مباشرة "نعس الدوبيات" يعني ننصب الشباك في الحشيش وناخد نزلين "نلف في البحر" ونفضل أنا وأولادي شغالين لغاية اخر النهار، نجيب 2 كيلو نبيعهم وتاني يوم نشتري منهم عيش وطلبات، مركب الصيد دي إيجارها من 10: 15 جنيه في اليوم وأحيانا بتوصل 30 جنيه في موسم الصيد، وومكن كمان يرفض يعطيها المركب في وقت الموسم والصيد.

- صعوبة الحياة

قالت "سوسن" ،الحياة هنا لو مش معاك فلوس تموت من الجوع محدش يبص عليك، أنا مقدرتش أساعد أولادي علشان يكملوا دراستهم علشان ضيق الخال، وواحد من ولادي شغال في المزارع في جني البطاطس، وبنتي كمان اللي جوزتها في جزيرة الشيخ عتمان هي كمان شغالة في الصيد علشان تساعد زوجها هي كمان واخده شقاء أمها.

- المهنة صعبة

وأشارت سوسن أن مهنة الصيد صعبة لكن اكل العيش عايز كده، علشان أعيش وأصرف على عيالي مفيش حاجة بتيجي واحنا قاعدين، لازم نجري على أكل عيشنا علشان نقدر نعيش، وأنا بيساعدني من ولادي حسونة ومحمد ومدحت بيطلعوا يجدفوا ومدحت بيعرف يفرّد الشبكة.

- الصيد حظ

وتابعت أن الشغل في البحر بالحظ احيانا نصطاد 4 أو 5 كيلو وأحيانا كيلو واحد، ما ضاقت الا وفرجت محدش هايموت من الجوع وأضافت خيوط الشباك هي الكنز الحقيقي الذى انتظر أن يخرج الرزق منه، وأصبر نفسي في اللحظات التى تبخل فيها الشباك فى الرزق، وأنتظر من الله يومًا يغنيني عن كل هذه اللحظات الصعبة، لم يعلمني البحر الصبر فقط، لكنه علمني أيضًا القيادة وتحمل المسئولية حتى أتمكن من العيش فى حياة لا تعرف الضعيف.

- النيل مليان حشائش والري مش بيطهر

أما عمي رجب محمد فقال الصيد كان زمان دلوقت مش بيصرف على بيوت، أنا من 3 شهور لم أبيع أو أشتري منه شيء.زمان كنّا بنبيع السمك بجنيه وبخمسين قرش كمان وكنا فرحانين لأننا كنّا بنسرح بالفلوكة ونجيب مشنين "سلتين" سمك، كان الرزق كتير، إنما دلوقت أيام كتير ألف في البحر وارجع فاضي، النيل دلوقت مليان حشائش والسمك بياكل وينام في الحشيش متقدرش توصل له بالشباك، الحشائش ممتدة 12 متر، الري زمان كان بيطهر البحر دلوقت مفيش رقابة ولا فيه مسؤول.وزمان كنت اشتري كيلو الشباك بـ 50 جنيه دلوقت وصل سعره 500 جنيه الله يكون في عون الناس اللي عايشه

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً