فهد بلان.. المطرب ذو الصوت الرجولي.. محطات حياته التي أوصلته لفضاء النجومية

كان موضع ترحيب في مصر عندما قرر الإقامة فيها وتعاون مع عدد من الملحنين الكبار في مقدمهم مطربه المفضل فريد الأطرش.

هو "فهد بلان" مواليد 22 مارس 1933- 24 ديسمبر 1997، فنان سوري، تميز بصوته "الرجولي" وحقق انتشارًا واسعًا في أرجاء الوطن العربي.

وتنقل بلان، في العديد من الأعمال، منها الأعمال الجسدية، وكان والده "حمود" من مشاهير القوة الجسدية والكرم، ولكن بعد أن تفتت أسرته غادر مع والدته من قرية ملح.

وعمل "بلان" في كورس الإذاعة حتى غنى أغنيته الأولى "آه يا قليبي"، ثم أغنية "آه يا غزال الربى"، تعرف على الملحن الرائع والأب الموسيقى الحقيقي للظاهرة الفنية في الأغنية العربية والسورية عبد الفتاح سكر، الذي لحن له مجموعة من الأغاني الشهيرة مثل "وأشرح لها"، و"جس الطبيب"، و"لاركب حدك يالماتور"، و"تحت التفاحة"، و"يا عيني لا تدمعي"، و"هالأكحل العينين"، و"يا سالمة" و"يا ساحر العينين" و"يا بنات المكلا".

يُذكر أنَّه عندما تقدم "بلان" لاختبارات الإذاعة في العام 1959 رسبته اللجنة الفاحصة مرتين، مرة لأنه كان يرتعش من شدة الخوف وهو يغني أغنية فريد الاطرش "أنا وأنت لوحدنا"، والأخرى لأنَّه ذهب إلى الإذاعة باللباس الجبلي التقليدي وغنى "أوف يابو الزلف"، أما في المرة الثالثة فقد نجح ومُنح لقب "مطرب محلي" أي مُردد في كورس الإذاعة تحت إشراف المطرب الراحل رفيق شكري.

ولم تكن 150 ليرة التي يتقاضاها المطرب المحلي من الإذاعة تسمح له بركوب أي وسيلة مواصلات فظل "فهد بلان" لمدة 3 سنوات، يقطع الطريق الطويل سيرًا على الأقدام بين أطراف دمشق حيث سكن ومقر الإذاعة في وسط المدينة.

بدأت إنطلاقة "بلان" حين دعاه مدير البرامج في تلفزيون لبنان للظهور على الشاشة الفضية فجمع بصعوبة ست ليرات سورية دفعها أجرة السيارة التي أقلته إلى العاصمة اللبنانية، وعندما اكتشف الناس وجه "فهد بلان" على الشاشة الصغيرة، تطابقت ملامحه الصارمة مع معاني أغنياته وأخذت هذه الأغاني تدخل إلى القلوب على الفور، ومع أنها قد تبدو بمقاييسنا اليوم ساذجة، لكنها في ذلك الحين أتت تحمل نكهة ريفية خاصة وأصالة ونزعة رجولية لا لبس فيها.

حينذاك كانت شهرة "بلان"، قد وصلت إلى بيروت لاسيما أنها منحته أول فرصة فنية حقيقية في بداية مشواره، وتعززت شهرته عندما تكفلت "بيضافون" أكبر شركة للإسطوانات آنذاك بتسجيل أغاني الثنائي "سكر وبلان"، وتسويقها في الوطن العربي.

وهكذا أخذت العقود تنهال عليه فقدم غنائيًا "تحت التفاحة"، "يا عيني لا تدمعي"، "طلت الحلوة عليَّ"، وسينمائيًا أفلام عدة منها: "يا سلام على الحب" مع نجاح سلام، و"عقد اللولو" مع صباح، و"القاهرون" مع سميرة توفيق، و"حبيبة الكل" مع مريم فخر الدين.

وكانت بيروت ممرًا أساسيًا لأي فنان عربي يريد أن يتجاوز إطار بيئته المحلية، فكان من الطبيعي أن تجتذب مطربًا مثل "فهد"، وهي التي كانت قائمة على نجومية نساء مطربات، مثل صباح وسميرة توفيق.

من هنا جرى تلقف المطرب الشاب الذي يعتبر مُعادل لحضور الشحرورة وسمراء البادية.

كان فريق العمل في فيلم "القاهرون" من إخراج "فاروق عجرمة " ينتظر وصوله إلى أعالي منطقة الشوف لتصوير مشاهد الفيلم الأولى.

وتميزت نظرات "بلان" بالفضولية والبراءة، وكان حضوره طاغيًا من ناحية الشكل.

ّ

قدَّم "فهد بلان" العديد من الأغاني التي صارت الواحدة منها تشبه الأخرى، وبدا حضوره على التلفزيون وفي السينما غير مقنع لأن ملامحه، مثل أغانيه كانت على الدوام ثابتة جامدة لا تتبدل.

كان بسيارته "البويك" وثروته الكبيرة، وبدلاته التي حملت شيئًا من أناقة ذلك الزمن المبالغ فيها، قد أضحى نجمًا اجتماعيًا، واستهوته تلك اللعبة، ووصل الاستهواء به إلى ذروته حين تزوج، في ظروف غريبة، سيدة من سيدات المجتمع هي "ناتاشا الرياشي"، ابنة الصحفي الكبير "اسكندر الرياشي"، ودخل عالم بيروت الصاخب وهو كالضائع أو كالريفي الساذج الذي يصل إلى المدينة بطيبته فتقابله بخبثها ودهائها.

وهكذا راح يبدد ثروته على الموائد، وفي السهرات وعلى الصحافيين الذين كانوا يتابعون أخباره بوفرة.

وتُعد المحطة الثانية في حياته المهنية حين دعاه الإذاعي المصري المعروف "جلال معوض" للغناء في إحدى حفلات الإذاعة الكبرى فأدى "وأشرح لها عن حالتي"، وقد استقبله الجمهور المصري بحرارة بفضل إختلاف لونه الغنائي وأسلوبه في الوقوف والحركة على المسرح وأطلقت عليه الصحافة ألقاب مطرب الـ"هاها" ومطرب "الرجولة" وغيرهما.

يُذكر أنَّ الموسيقار الكبير محمود الشريف قد لحن لـ "بلان" عقب قيام إسرائيل، بإحراق المسجد الأقصى في العام 1969، ومنذ منتصف السبعينيات تضافرت ظروف عدة جعلت المطرب الراحل يبتعد طويلا عن مصر.

ولعل صاحب "تحت التفاحة"، وجد القاهرة أقسى عليه من بيروت، فكان أنَّ خبا بشكل تدريجي، ولم يستعد بعض مكانته إلا حين عاد إلى دمشق.

تزوج المطرب الراحل ست مرات: كانت الأولى من قريبة له في ضيعته، والثانية من زميلته في الإذاعة تعمل على الآلة الكاتبة حين اختير مطربًا في الكورس، والزوجة الثالثة "ناتاشا الرياشي" فيما كانت الفنانة مريم فخر الدين الرابعة، والمكسيكية عربية الأصل سامية أبو الحسن الخامسة، أما السادسة فهي الممثلة "آمال عفيش" التي كانت في يوم من الأيام نجمة فرقة شوشو المسرحية.

وأنجبت له زوجاته أطفالًا لم يتجاوز عددهم الأربعة على الأرجح، و"طلال" اسم أكبرهم.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً