لم تمر إلا أشهر قليلة على قرار ترامب بحظر دخول مواطني 6 دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولايات المتحدة، حتى أصدر الرئيس الأمريكي، قرار جديدا بمنع 8 دول عربية وإسلامية، من بينها مصر، من اصطحاب بعض الأجهزة الإلكترونية التي يحملها المسافرون القادمون إلى الولايات المتحدة، ردا على تهديدات أمنية غير محددة.
الدول التي أصدر الرئيس الأمريكي قراره بحقها، هي "مصر، الأردن، الإمارات، السعودية، تركيا، قطر، الكويت، المغرب"، ووفقا للقرار، فمواطني تلك الدول لا يمكنهم حمل أجهزة يزيد حجمها عن حجم الهاتف المحمول مثل أجهزة الكمبيوتر اللوحي ومشغلات أسطوانات الفيديو الرقمية المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصي والكاميرات إلى داخل الطائرة.
وفي السياق ذاته، اتخذت بريطانيا خطوات مماثلة، حيث قال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، إن هناك قيود جديدة ستفرض على حمل أجهزة إلكترونية إلى داخل الطائرات القادمة من ست دول بالشرق الأوسط، وقالت الخارجية البريطانية إن الإجراءات ستطبق بحلول 25 مارس.
القضية في مضمونها، تنذر بنوايا جديدة لدى الرئيس الأمريكي، لفرض قيوده على الشرق الأوسط، إلا أن الغريب في الأمر، صدور ذلك القرار بالتزامن، مع تطور العلاقات الأمريكية، مع الدول العربية، وخاصة مصر والسعودية، كما يثير القرار تساؤلات عدة، حول مدى تأثير الثرار حول العلاقات المشتركة بين الطفرين.
القائمون على القرار الأمريكي، قالوا، إن القرار نابع من تزايد التهديدات والمخاطر الإرهابية في الآونة الأخيرة، كما أن تطور العمليات الإرهابية واتجاهها إلى تصميم قنابل مبتكرة يتم وضعها داخل أجهزة كمبيوتر، وخططها المتواصلة لاستهداف الطيران المدني بما في ذلك تهريب عبوات ناسفة في مختلف السلع الاستهلاكية، إلى جانب اهتمام المسلحين المستمرين، باستهداف الطيران التجاري بما في ذلك مراكز النقل خلال العامين المنصرمين.
وفي تعليق لها، حول القرار، قالت صحيفة ديلي تلجراف، إن الحظر نتيجة مخاوف من خطط لتنظيم القاعدة، إذ أن مسؤولين أمريكيين كشفوا عن أن تقييمات استخباراتية أظهرت أن المسلحين يسعون بقوة لتطوير إجراءات مبتكرة لتنفيذ هجمات باستخدام مثل هذه الأجهزة، كزرع قنابل في أجهزة الكمبيوتر المحمول، مضيفة أن هذه المعلومات تكشفت إثر غارة شنتها قوة المهام الخاصة في البحرية الأمريكية "نيفي سيل" باليمن في يناير واستهدفت تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب، وتحصلت خلالها على معلومات استخبارية مهمة بحسب تعبير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ومن جانبه يقول الدكتور رفعت سيد أحمد، رئيس مركز يافا للدراسات، إن القرار الجديد للإدارة الأمريكية، هو إجراء تأميني، بعيد عن الأحداث السياسية، إلا أنه يمهد لأخطار قادمة، فأي مخالفات قد تحدث، ستؤثر بالتأكيد على العلاقات بين الطرفين، وربما يسهل الطريق أمام الجماعات الإرهابية لإحداث عمليات إرهابية تستهدف الطيران المدني، فتظهر البلاد المدمجة في قائمة الدول المحظورة على أنها مصدر تلك الأحداث الإرهابية.
وتابع سيد أحمد، في تصريحات خاصة، أن قرار منع اصطحاب الأجهزة الإلكترونية، وثيق الصلة بقرار حظر مواطني دول بعينها لدخول الولايات المتحدة، متوقعا مزيدا من القرارات في ذلك الإطار خلال الفترة المقبلة، نظرا لتزايد التهديدات الإرهابية للدول الأوروبية الأيام الماضية، مؤكدا أن في حالة اعتراض الدول على القرار، ربما يحدث أزمة حادة في العلاقات.
في سياق متصل، قال وزير النقل التركي، أحمد أرسلان، إن القرار ضار للجميع، بما فيها الولايات المتحدة نفسها، موضحا أن سلطات بلاده تجري مفاوضات مع الشركاء الأمريكيين حول رفع الحظر، باعتباره يضع عراقيل أمام المسافرين الذين يساهمون في تطوير العلاقات التركية الأمريكية الثنائية.
يذكر أن لفت مسؤولون أمريكيون إلى أن قرار الحظر متصل بإجراءات التفتيش في بعض الدول، وأنه يمكن تجنب تهديد للولايات المتحدة بهذا القرار في الرحلات المباشرة، أما الرحلات المتقطّعة فقد يتعرض فيها المسافرون لإجراءات أكثر تشديدًا وصحة وفقًا للدولة التي قد يمرون بها.
وقال الكتور محمود أيمن، أستاذ العلوم السياسية، إن معاداة أمريكا لمواطني الدول العربية ليس جديدا، مشيرا إلى أن القرارات المتتابعة لإدارة ترامب، نابعة من نوايا أصيلة كانت تخفيها الولايات المتحدة في الماضي، لكن ترامب عبر عنه بشكل واضح، ما يؤجج مشاعر الكره ويولد الإرهاب.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن إدارة الرئيس ترامب تدفع الولايات المتحدة إلى مشاكل مستقبلية، مشيرا إلى وجود وسائل وإجراءات احترازية أخرى دون حظر مواطني الدول العربية، أو اصطحاب الأجهزة الإلكترونية داخل مقصورة الطائرة، موضحا أن قرارات إدارة ترامب تنم عن خبرة محدودة وكراهية للمواطن العربي، ما قد يدفع لحرب إقليمية مستقبلا.