قال الدكتور شوقي علام – مفتي الجمهورية – إننا أمام إشكالية تحتم علينا التعامل بذكاء مع شبكات التواصل الاجتماعي، ونصيحتي للشباب ألا يكون متلقيًّا من هذه المواقع بل لا بد أن يكون مدققًا حتى لا يصبح أسيرًا للجلوس أمام التواصل ويتحول إلى مدمن للتلقي من هذه المواقع بدلًا من أن يكون إنسانًا مفكرًا وسيكون فريسة لهذه الأفكار التي تعرض على هذه الشبكة.
جاء ذلك خلال لقاء فضيلته في برنامج "من ماسبيرو" الذي يذاع على القناة الأولى بالتليفزيون المصري في حلقة حول أثر وسائل التواصل الاجتماعي على الشباب ودورها في نشر الوعي والثقافة.
وأكد فضيلة المفتي أن هناك ما يسمى بلجان إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي تتلقى تمويلا كبيرًا لإثارة الشائعات والنيل من الرموز الوطنية والعلماء والدعاة إلى الله والقضاة، بجانب نشر الأفكار الهدامة التي تثبط الهمم وتنشر الفوضى في المجتمع وتحاول تجنيد الشباب لتنفيذ مخططاتهم، ومصر تتعرض لهذه الإشكالية في قيمها الاجتماعية وحتى في قيمها العلمية.
وتابع مفتي الجمهورية أن الطلاب في المرحلة الثانوية أصبحوا مدمنين لهذه المواقع التي تؤثر على مستوى الوعي والتفكير لديهم وهذا ما أثبتته الدراسات، وهذا يتطلب منا مزيدًا من الوعي وترشيدًا في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي في تعاملنا مع وسائل التواصل علينا أن نأخذ ما ينفعنا ونترك ما يضرنا، وهذه مسئولية الأسرة.
وأضاف فضيلة المفتي أن العالم الغربي الذي اخترع هذه الوسائل لا يستخدمها مثلما نستخدمها، فهو يخصص أوقاتًا للجلوس أمامها ولا يجلس أمامها طول الوقت.
وقال مفتي الجمهورية أتمنى أن يكون هناك تربية حقيقية للنشء في البيت والمدرسة والجامعة لكيفية التعامل مع شبكة التواصل الاجتماعي وكيفية تحرير العقل من أن يكون متلقيًا، بل على مستخدم هذه الوسائل التأكد من صحة المعلومات التي تعرضها، ولا ينبغي أن نكون متلقين فقط دون التأكد من صحة المعلومات، مؤكدًا على أن أكثر المتلقين لشبكة الإنترنت ليسوا على درجة من الوعي للتأكد من صحة المعلومات التي تعرض أمامهم، وبالتالي لا بد أن يكون لدى الإنسان مناعة ذاتية لكي يحافظ على نفسه من الأفكار السيئة التي تعرض على هذه المواقع لأننا عندما نكون عندنا وعي كاف ومناعة ذاتية نكون أقل عرضة للتأثر بمثل هذه المواقع.
وبخصوص أنشطة داعش والجماعات المتطرفة على مواقع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي ومدى تأثيرها على الشباب قال مفتي الجمهورية إن داعش تدخل هذه المواقع بمنطق عباءة الدين، وأفكارها التي تطرحها تحت هذه المظلة الكثير يتلقاها دون مناقشة.
مضيفًا أن استخدم الأدلة الشرعية والنصوص الشرعية من داعش في غير موضعها واضح جدًّا وهذا يوقع الكثير من الشباب تحت تأثير هذه التأويلات.
وقال مفتي الجمهورية إن داعش تستخدم مصطلح الخلافة أو أنها هي من تسعى لإيجاد خلافة راشدة لكي تدغدغ مشاعر الإنسان البسيط الذي تصور له أنهم هم من يقدمون الحق وغيرهم ليسوا على الحق، لأنهم ضيقوا الدائرة عليهم وأن تفسيرهم الوحيد هو المقبول وما عداهم خارج عنهم، وبناء على ذلك لا بد من تفنيد أفكار داعش والرد عليها لبيان خطئها.
مضيفًا أننا رددنا في دار الإفتاء على مجلة داعش وفندنا ما يقولونه، فهم يريدون أن يصبغوا ما يقدمونه بصبغة الشرعية، والحقيقة أنه لا شرعية لهذه الحرب التي تشنها داعش والجماعات الإرهابية.
وقال مفتي الجمهورية إن داعش والجماعات المتطرفة تحاول أن تصبغ حربها بصبغة شرعية وتطلق بعض المصطلحات ككلمة أسير لتبين أنها في حرب حقيقية ضد الدول؛ لذلك أنا أنصح وسائل الإعلام بعدم استخدام كلمة أسير لأنها لا تطلق إلا في حرب مشروعة وما تقوم به داعش أفعال غير مشروعة، وبالتالي لا بد ألا نقف بأي حال من الأحوال عند مصطلحاتهم.
وأوضح مفتي الجمهورية أن داعش تريد أن نعود إلى قضية الرق والاستعباد ونحن قد انتهينا من هذه المسألة ونحن نقول إن الرق لا يمكن أن يعود مرة ثانية ونحن مع هذه الدعوة.
وبين أن الشباب في الغرب يعتمدون في معلوماتهم على الإنترنت وبعض المشايخ المشهورين الذين أفتوا ببعض الفتاوى التي أشعلت العالم العربي والنيل من الزعماء والعلماء وحينما قابلناهم وفندنا لهم الأدلة وجدنا أنهم لا يأخذون إلا من هؤلاء المشايخ، وهذا يأخذنا إلى مسئولية الحفاظ على هؤلاء الشباب.
وشدد فضيلته على أننا الآن في حرب حقيقية ضد هذه الجماعات المتطرفة التي تلبس عباءة الدين ونحن أمام تحديات لا بد أو نواجه بكافة السبل الأمنية والفكرية والدينية للقضاء عليها والوقاية من أن يقع الشباب في براثنها.
وحول علاقة المسلمين بغير المسلمين أكد مفتي الجمهورية أن دار الإفتاء المصرية تتبعت 5000 فتوى في موضوع علاقة المسلمين وبغير المسلمين فوجدت أن النتيجة فيها شيء من التجني على الحقيقة فـ 70% من هذه الفتاوى تحرم من التعامل معهم، و20% على الكراهة، والمباح 10% فقط، مما يدل على فساد منهجهم، ومدى التضييق الشديد لديهم والذي يخالف الشرعية الإسلامية، مؤكدًا أن 90% منها يخالف ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحسن التعامل معهم.
وحول المشاكل التي تنتج عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فقد عددها فضيلة المفتي والتي تتمثل في ظاهرة "الشات" بين الشباب والفتيات، مؤكدًا أن نسبة كبيرة من المشاكل التي جاءت إلى دار الإفتاء كانت بسبب الشات، ونصح بالترشيد وتقوى الله عز وجل عند الشاب والفتاة.
وأضاف أن من المشاكل التي تثار على مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا التفكك الأسري، ونشر أسرار البيوت، ونشر العلاقات الزوجية، ونشر المشكلات الزوجية مما يعطي الفرصة لأصحاب النفوس الضعيفة لإشعال الصراع في الأسرة والدخول من أبواب أخرى.
بالإضافة إلى تدني لغة الحوار واستخدام السباب على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر الشائعات مما يضر بالأفراد والبلاد، واستخدام لغة الفرانكو آراب وهي كتابة اللغة العربية بحروف أجنبية، والتخلي عن اللغة العربية لغة القرآن التي يجب أن نعتز بها.
وبين فضيلة المفتي أن هذه المواقع تنشر السطحية بين الشباب وتسلب ملكة التفكير لديهم مما يجعلهم عرضة للأفكار السلبية مثل التطرف والإلحاد والشذوذ، وهناك كثير من الشائعات يطلقها أعداء الوطن يراد منها التأثير على اقتصاد الدولة والإضرار بالمجتمع وهو أمر غاية في الخطورة، فهناك لجان خاصة لهدم أي رمز من الرموز، وتشويه سمعة القادة والعلماء ومن يفعل ذلك يأثم شرعًا لأنه كذب.
وأجاب فضيلة المفتي على مجموعة من الأسئلة التي وجهت إليها أكد فيها على أن فوائد البنوك لا حرج فيها، وأن الرشوة هي أم الفساد في المجتمعات، وأن الدولة المصرية ممثلة في جميع الأجهزة الرقابية جادة في محاربة الفساد وتضرب بيد من حديد على أيدي المفسدين