يطغى اسم "فيلق الرحمن"، على سواه من الفصائل المعارضة الممثلة في وفد الهيئة العليا للمفاوضات، على انطلاق محادثات السلام السورية في جنيف باعتباره في صدارة المجموعات التي شنت هجوما مباغتًا ضد قوات النظام السوري في شرق دمشق.
وفي وقت يخوض هذا الفصيل مع مجموعات أخرى معارك عنيفة ضد قوات النظام منذ الأحد، يشارك في المفاوضات التي بدأت الخميس رئيس مكتبه السياسي معتصم الشمير في عداد الوفد المفاوض الممثل للمعارضة، كما أن الناطق الرسمي باسمه وائل علوان هو أحد المستشارين الاعلاميين للوفد.
تأسس فصيل فيلق الرحمن مطلع العام 2013 بعد اندماج مجموعات عدة، وتعد منطقة الغوطة الشرقية لدمشق والتي يتحدر كافة مقاتليه منها، معقله الوحيد في سوريا الى جانب وجود المئات من مقاتليه في منطقة القلمون الشرقي، ويقوده النقيب المنشق عن الجيش السوري عبد الناصر الشمير.
يضم هذا الفصيل الاسلامي نحو تسعة آلاف مقاتل وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، ويعد ثاني أكبر الفصائل في الغوطة الشرقية لدمشق، أبرز معاقل المعارضة، حيث يسيطر على مدن بأكملها بينها زملكا وعين ترما وجسرين وكفربطنا وسقبا، كما يتمتع بنفوذ في أحياء عدة تسيطر عليها الفصائل المعارضة في شرق دمشق، أبرزها جوبر، الحي الذي انطلق منه الهجوم الأحد، ويتلقى هذا الفصيل دعمًا من دول عدة أبرزها قطر وتركيا.
يخوض مقاتلو فيلق الرحمن مع مجموعات أخرى منذ الأحد معارك تعد الأعنف منذ عامين ضد قوات النظام في شرق دمشق، إثر هجوم بدأه مع فصائل عدة أبرزها هيئة تحرير الشام التي تضم جبهة فتح الشام (النصرة سابقا).
وتزيد تلك المعارك العنيفة في العاصمة من التعقيدات المحيطة بجولة المفاوضات الراهنة بين ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة في جنيف.
ورغم قتاله في خندق واحد مع جبهة فتح الشام في حي جوبر ومحيطه، يؤكد المتحدث الاعلامي باسم فيلق الرحمن وائل علوان، لوكالة فرانس برس، أنه ما من "تحالف أو شراكة" لكنه يقرّ "بوجود لهيئة تحرير الشام لا يمكن تجاوزه" في شرق دمشق، ويشدد على أن "الأيديولوجية التي بنيت عليها بعض الفصائل المصنفة راديكالية تختلف كليًا عن هوية فيلق الرحمن، الذي يجمع الثوار على أساس مبادئ الثورة ومواجهة النظام والتصدي له".
وخاض هذا الفصيل قبل عام تقريبًا مع فصائل أخرى بينها جبهة النصرة آنذاك معارك طاحنة ضد جيش الاسلام، الفصيل الأبرز في الغوطة الشرقية، تسببت بمقتل أكثر من 300 مقاتل من الطرفين جراء صراع على النفوذ في المنطقة، قبل أن يتم تذليل الخلاف تدريجيًا بين الفصيلين.
يوضح علوان أن الاعداد للهجوم في شرق دمشق بدأ قبل ثلاثة أشهر، لكن "الهجوم الكبير الذي تتعرض له الغوطة الشرقية وأحياء دمشق المحررة كالقابون وبرزة وتشرين وجوبر من قبل النظام فرض توقيته".
وشنت قوات النظام في شباطفبراير الماضي عملية عسكرية على أحياء البرزة والقابون وتشرين كان الهدف منها، بحسب المرصد السوري، فصل الاحياء عن بعضها والضغط على الفصائل لدفعها الى توقيع اتفاق مصالحة أو المغادرة.
وتكتسب المعارك الحالية إثر هجوم الفصائل في شرق دمشق أهميتها وفق علوان باعتبار أنها "تدور في منطقة حساسة جدًا، وتفرض ثقلها في المفاوضات السياسية بعدما غيرت الموازين على الأرض، معنويًا وسياسيًا".
وفيما تضع المعارضة الهجوم في اطار "الدفاع عن النفس" بمواجهة سياسة "التجويع أو التركيع" التي يتبعها النظام لدفع مقاتلي المعارضة إلى الاستسلام أو توقيع اتفاقات مصالحة خصوصًا في محيط العاصمة، تعتبر دمشق هذا التصعيد بمثابة محاولة من المجموعات "الارهابية" تهدف إلى "تقويض" مساعي الحل السياسي في جنيف.
واعتبرت وزارة الخارجية السورية في رسالة وجهتها إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن "الهدف الحقيقي لهذه الاعتداءات هو التأثير على مباحثات جنيف والاجهاز على مباحثات أستانا" التي عقدت بهدف تثبيت وقف إطلاق نار هش يتعرض لخروقات كثيرة منذ بدء تطبيقه.
فيلق الرحمن هو أحد الفصائل الموقعة على وقف اطلاق النار بدءًا من 30 كانون الاولديسمبر برعاية موسكو، أبرز حلفاء دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة.
وتتزامن مشاركته في الجولة الحالية من المفاوضات التي انطلقت الخميس برعاية الامم المتحدة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة مع دور عسكري فاعل على الارض في المعارك الاخيرة في شرق دمشق.
وسبق لممثليه ان شاركا في الجولة الماضية التي انتهت مطلع الشهر الحالي.
ويقول علوان "العمل السياسي والعسكري يكملان بعضهما البعض بهدف التخلص من نظام الاستبداد سواء عبر اسقاطه سياسيًا وكسب المجتمع الدولي لتنفيذ عملية انتقال سياسي او من خلال مقاومته على الارض والثبات حتى استنزافه".