جبل "موسى" بمدينة سانت كاترين يأتى اليه السائحين من كل دول العالم لزيارته والصعود إلى قمته لمشاهدة شروق الشمس والاستمتاع بجمال الطبيعة وتباركا بالجبل متحملين مشاق البرد حيث تنخفض درجة الحرارة على قمة الجبل لتصل الى 4 درجات تحت الصفر ولكن قلوبهم يدفئها الأمل سعيا وراء المشهد الخلاب لشروق الشمس من على قمة الجبل والنزول والتبرك بزيارة دير سانت كاترين فى رحلتهم للحج والزيارة الدينية، لإيمانهم أنه الجبل الذى تلقى عليه سيدنا موسى تعاليم التوراة.
جبل موسى يبلغ ارتفاعه 2274مترا فوق سطح البحر ويعتبر أعلى قمة جبلية في مصر والتى يفد إليه فى هذه الفترة من العام سنويا عشرات بل مئات الحجاج المسيحيين خاصة من طائفة الروم الأرثوذكس من اليونان وقبرص وروسيا والمجر وعدد آخر من الدول الأوروبية والأمريكيتين وأيضا من مصر.
يصعد الوافدون إلى المنطقة يوميا الى قمة الجبل لمشاهدة شروق الشمس من بين السحب المتكاثرة، ثم يهبطون الى سفح الجبل حيث دير سانت كاترين أحد أقدم الأديرة والكنائس فى العالم وأحد أهم معالم السياحة الدينية فى مصر على الخريطة العالمية حيث يتزايد زوار الدير مع احتفالات رأس السنة الميلادية، فى واحدة من اهم رحلات الحج المسيحي بزيارة الأماكن المقدسة.
في الثانية عشرة من منتصف كل ليلة موعد لتجربة صعود الجبل ومرافقة الحجاج المسيحيين فى رحلة الاقتراب من الشمس على قمة جبل موسى، ويبدأ تفويج المجموعات السياحية للصاعدين إلى الجبل الشاهق عبر مدقات جبلية تدور بشكل حلزونى حول جبل موسى، يمرون على حواف الجبال وأصواتهم تتعالى بالترانيم الانجيلية بلغاتهم المختلفة، كل مجموعة تسير خلف مرشدهم السياحى ودليل من البدو متحملين المشقة لإيمانهم أنه الجبل الذى تلقى عليه سيدنا موسى تعاليم التوراة.
الصاعدون إلى الجبل يخففون من أحمال حقائبهم قدر المستطاع لأن طول الرحلة التى تستغرق 5 ساعات تتطلب توفير الجهد، وتحتوى حقائبهم على المياه والعصائر والملابس الثقيلة لتحمل برودة الجو، وفى طريقهم يتواجد عدد من الاستراحات المبنية من الأسمنت صنعها البدو لراحة الأفواج الصاعدة للقمة تقدم لهم الشاى والمشروبات الساخنة والمأكولات الخفيفة لمساعدتهم على استكمال الطريق.
"دليل الجبل" هم من أبناء البدو المنتشرون على جبل موسى وفى محيطه من الأسفل تلك هى مهنتهم الاساسية حيث يرافقون الأفواج السياحية الصاعدين لمشاهدة شروق الشمس.. جميعهم من قبيلة واحدة وهى الجبالية التى وقعت ميثاقا قديما مع رهبان الدير بحمايته ورعايته والعمل بالسياحة وتقديم خدمات للسائحين القادمين الى دير سانت كاترين والصعود الى جبل موسى.
ويؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن سيناء أرض المعجزات حيث تجلى سبحانه وتعالى فأنار وتجلى فهدم، أنار عند شجرة العليقة المقدسة " موقعها حاليًا داخل دير سانت كاترين " لنبى الله موسى حين رحلته الأولى فى سيناء وحيدًا فأنار من وراء العليقة المقدسة " إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى "وتجلى سبحانه وتعالى لنبى الله موسى وشعبه فى رحلته الثانية للجبل فدك الجبل "فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاء "وكان انشقاق البحر لنبي الله موسى ونجاته بمعجزة إلهية وليست كما تدعى الدراسات التى تتناقلها المواقع الإلكترونية من وقت لآخر والمنقولة عن مصادر غربية وقد أشارت إلى إنحسار البحر بواسطة رياح قوية هبت من الشرق ليلا ودفعت المياه إلى الخلف مما أدى إلى انشقاق البحر.
ويضيف، أن طريق خروج بنى إسرائيل فى سيناء له قيمة لدى كل الأديان حيث بنى أشهر أديرة العالم فى القرن السادس الميلادى عند الجبل المقدس جبل طور سيناء وشجرة العليقة المقدسة وأطلق عليه دير طور سيناء وتحول اسمه لدير سانت كاترين فى القرن التاسع الميلادى وبنى جامع فاطمى داخل الدير تبركًا بالجبل المقدس وحظى بزيارة الحجاج وكتابة توقيعاتهم فى طريقهم إلى مكة المكرمة عبر سيناء إلى مكة المكرمة.ويوضح ريحان، أنه طبقًا لخط سير الرحلة الذى حققها الدكتور ريحان فإن المحطة الرابعة فى طريق الخروج هى منطقة الجبل المقدس (سانت كاترين حاليًا) وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى يتجمع فيها عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م فوق مستوى سطح البحر وجبل كاترين 2642م وجبل المناجاة وهذا طبيعى.
فبعد نسف العجل أخذ نبى الله موسى شعبه وسار بهم فى الطريق الذى عبره وحيدًا وهو وادى حبران لعلمه بمميزاته وهو الطريق إلى الجبل حيث تلقى التوراة وقد عبر بنى إسرائيل بعد ذلك من الوادى المقدس إلى منطقة حضيروت (عين حضرة) 70كم فى الطريق من سانت كاترين إلى نويبع وهى عين ماء طبيعية مشهورة بسيناء وذكرت فى سفر العدد إصحاح 3:4 باسم حضيروت ثم اتخذوا الطريق الساحلى الموازى لخليج العقبة حتى وصلوا إلى برية فاران أو باران نسبة إلى وادى باران فى جنوب فلسطين غرب وادى عربة الذى يصل البحر الميت بمدينة العقبة ولرفض بنى إسرائيل دخول الأرض المقدسة حرمت عليهم أربعون عامًا يتيهون فى سيناء متخبطين فى عدة أماكن غير مستقرين فى مكان واحد.
وينوه الدكتور ريحان إلى أن خط سير رحلة خروج بنى إسرائيل بسيناء كان منتظمًا فى البداية حتى الوصول لأعتاب الأرض المقدسة وأما فى فترة التيه بعد رفضهم دخول الأرض المقدسة فكانت رحلتهم بسيناء غير منتظمة بل متخبطة فى عدة أماكن لأنهم لا يعرفون لهم مقصد للاتجاه إليه أما رحلتهم بعد خروجهم من مصر فكانت محددة المقصد إلى الأرض المقدسة وقد خرج نبى الله موسى فى رحلة منفردًا قبل ذلك لحكمة إلهية للتعرف على الطريق قبل الخروج مع بنى إسرائيل حين قتل خطأ خباز ملك مصر وهرب إلى سيناء وتزوج هناك من ابنة العبد الصالح شعيب وليس نبى الله شعيب واسمها صافوراء وظل بسيناء عشرة أعوام وفى طريق عودته لمصر تجلى سبحانه وتعالى عند الشجرة المقدسة ليأمره بخروج بنى إسرائيل من مصر.