الملكة رانيا، قرينة العاهل الأردني عبد الله بن الحسين، لم تكن امرأة عادية، ولكنها كانت خير السند والداعم لزوجها الملك عبدالله، فكانت الزوجة، والحبيبة التي دائما لا تترك مناسبة إلا وتعبر بها عن حبها للملك عبدالله، فقصة حبهما، تعد من أشهر قصص الحب في عالم الأمراء، وأيضا سيدة المجتمع التى تلعب دورا كبير لمساندة المرأة والأطفال.
ولدت رانيا فيصل ياسين في الكويت، وهي تنحدّر من أسرة أردنية ذات أصل فلسطيني من مدينة طولكرم، تلقّت دراستها الإعدادية والثانوية في "المدرسة الإنجليزية الحديثة" في الكويت، ثم تخرجّت من الجامعة الأمريكية في القاهرة في العام 1991 بشهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال، بعد عودتها إلى الأردن عملت لفترة في مجال المصارف لفترة، من ثمّ عملت في تقنية المعلومات، وفي العام 1995 سافرت إلى باريس لإكمال دراستها العليا وحازت شهادة الدراسات المعمقة في العلوم الإدارية من قسم الدراسات التجارية العليا.
لقائها بالأمير عبد الله أكبر أولاد الملك حسين تمّ خلال حفل عشاء في يناير من عام 1993، وبعد مرور شهرين أعلنا خطبتهما، وتم الزواج في 10 يونيو 1993. وأنجبا أربعة أبناء هم: الأمير الحسين ولي العهد، الأميرة إيمان، الأميرة سلمى، والأمير هاشم.سيّدة الأردن الأولى انخرطت في النشاطات الوطنية والبيئيّة والصحيّة والشبابيّة والخيريّة، وركزت طاقاتها وجهودها في الأردن وخارجه على مجموعة من القضايا أهمها التعليم، وعلى المستوى العالمي، إهتّمت بضمان التعليم النوعي للجميع.
وروى الملك عبدالله الثاني في كتابه "فرصتنا الأخيرة" تفاصيل لقائه مع الملكة رانيا العبدالله وطلبه الزواج منها، جاء فيه: "في شهر أغسطس من العام 1992 كنت قائدًا لكتيبة المدرعات الملكية الثانية، وكنا نجري مناورات وتديبات ميدانية حيث بقينا أنا ورجالي في معسكر صحراوي ننام في الخيام طوال شهرين متواصلين دون انقطاع، وعلى صعيد الإقامة كنا نكتفي بالأساسيات فلكي استحم مثلًا مددت ما يشبه الأنبوب إلى خزان للماء يستمد حرارته من أشعة الشمس، وانقضى الأمر انهينا تدريباتنا بنجاح فقال لي قائد اللواء إن بإمكاننا، أنا والضباط الآخرين، أن نذهب في إجازة ليلة واحدة".
ويتابع الملك عبدالله: "خلعت اللباس العسكري وارتديت قميصًا بسيطًا وحذاءًا خفيفًا وقدت سيارتي إلى عمان، وما أن وصلت إلى المنزل حتى اتصلت شقيقتي عائشة وقالت: "علمت أنك في المدينة، لما لا تأتي إلى العشاء؟" فقلت لها: "في الحقيقة أشعر بحاجة إلى حمام ساخن وسرير مريح ولا شئ سوى ذلك"، لكنها لم تكن قد رأتني منذ مدة فوعدتني أن اللقاء سيكون بسيطًا ولن يطول، وبما أنني كنت قد عشت طوال شهرين على الفاصوليا والسباجيتي المعلبة، كان من الصعب أن أرفض الدعوة لعشاء لذيذ".وتوجهت إلى منزل عائشة وكان وجهي أشبه بالرغيف المحمص بعد قضاء شهرين تحت شمس الصحراء دون أن انتبه أن لديها ضيوفًا على العشاء، وذهبت مرتديًا الملابس ذاتها التي كنت قد استعجلت ارتداءها عند مغادرتي المعسك، وأحد أصدقاء شقيقتي كان يعمل في شركة أبل للكمبيوتر في عمان وقد اصطحب معه إلى العشاء أحد زميلاته، رانيا الياسين، وما أن وقع عليها نظري حتى قلت في نفسي: "ما أجملها !"، كانت رانيا آنذاك على مشارف الثانية والعشرين ولم تكن أمضت الكثير من حياتها في الأردن، وذلك لأنها نشئت في الكويت التي غادرتها مع عائلتها المنحدرة من أصول فلسطينية إلى الأردن خلال حرب الخليج.
واستطرد: "لم نتحدث سوى حديث عابر حول مائدة العشاء، لكنها انتزعت إعجابي الكبير برصانتها الواثقة، وأناقتها اللافتة، وخصوصا بذكائها. لقد أخذ مني سحرها مأخذه وأدركت لتوي أنني لا بد أن أراها ثانية"وتابع الملك عبدالله في مذكراته: "انقضى بعض الوقت قبل أن أتمكن من تحديد وسيلة للحديث معها مرة أخرى، اتصلت بها في مقر عملها، وقدمت لها نفسي وقلت لها بأنني أرغب في لقائها ثانية، فقالت: "سمعت عنك أشياء"، لم تنه جملتها، لكن الإشارة كانت واضحة بأن ما سمعته لم يكن مديحًا كله، وأجبتها "لم أقدم نفسي كملاك، لكن نصف ما سمعت، على أقل تقدير، هو مجرد أقاويل فارغة"، لا يبدو أن كلامي أقنعها وقالت إنها سوف تفكر في الموضوع.
وواصل: "لا أحسب أنني من الذين يتراجعون بسهولة، طلبت من صديق مشترك، توفيق قعوار، أن يمر بها في مكتبها وأن يؤكد لها طيب نواياي، لكنها مع ذلك لم تقتنع واعتبرته متحيزًا، وعاد توفيق من مهمته متعذرا عن أنه لم يتدبر لي لقاءً معها، لكنه اكتشف أن رانيا تحب الشوكولاته، فعدت وأرسلته ثانية مع علبة من الشوكولاته البلجيكية.. في النهاية قبلت دعوتي إلى العشاء في نوفمبر حيث فاجأتها بأن أعددت لها الطعام بنفسي، في البداية كان الدافع لكي أتعلم الطبخ هو الحاجة الماسة، وقديمًا قيل الحاجة أم الاختراع، مر العشاء على نحو جيد، وعدنا والتقينا مرة أو مرتين قبل نهاية تلك السنة وكنا نتحدث على الهاتف مرات عديدة. كان لا بد أن نبقي أمورنا محصورة بنا نحن الإثنين فالناس يحبون الثرثرة والقيل والقال، ولم نرغب في أن نكون موضوعًا لمثل هذه الثرثرة".وتم الزواج في 10 يونيو 1993، وكانت خير داعم وساند لزوجها.