ركزت الصحف الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، على السيناريوهات المحتملة في ما يتعلق بطريقة رد حركة "حماس" على اغتيال القيادي العسكري في الحركة والأسير المحرر مازن فقهاء، إذ احتل هذا الموضوع مساحة ليست بالقليلة في الصحف العبرية.
ووفق هذه الصحف، فإن احتمالات وسيناريوهات الرد تنوعت بين عملية يُنفذها عناصر من داخل الضفة الغربية، أو عمليات قنص على حدود غزة، أو قد يكون من خلال إدخال عناصر من "حماس" إلى داخل الخط الأخضر لتنفيذ عمليات قد تكون تفجيرية.
ورغم تعاظم التوتر من اندلاع مواجهة جديدة بين "حماس" واسرائيل في أعقاب اغتيال فقهاء، تستبعد أوساط اسرائيلية نشوب حرب ضد قطاع غزة، لكنها تفترض أن أي رد محتمل من قبل "حماس" على عملية الاغتيال سيكون عبر عناصرها في الضفة الغربية، مُشيرة في الوقت ذاته إلى أن بُنية "حماس" العسكرية في الضفة لا تُؤهلها لتنفيذ عمليات تفجيرية داخل الخط الأخضر، بينما ذهب خبير عسكري إلى التوقع أن الرد سيكون باغتيال أحد حاخامات المستوطنين في الضفة.
تغيير قواعد الصراعوقال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إنَّ حركته تقبل التحدّي الذي فرضته عليهم إسرائيل باغتيالها مازن فقهاء القيادي في جناحها المسلح كتائب عز الدين القسام، معتبرًا هذه الخطوة تغييرًا في قواعد الصراع بينهما.
جاء ذلك في كلمة مسجلة، أذيعت له من العاصمة القطرية "الدوحة"، خلال حفل تأبين نظَّمته "القسام" بمدينة غزة، للقائد لديها مازن فقهاء، والذي اغتالته نيران مسلحين مجهولين، مساء الجمعة الماضية، حسب "الأناضول".
وأضاف مشعل، خلال كلمته: "العدو يقول لنا بهذه الجريمة لقد فزنا عليكم، وانتزعنا بطلًا من أبطالكم من قلعة المقاومة غزة، وأغلقنا الحساب مع أحد الأسرى المحررين".
وتابع: "قيادة حركة حماس بكل مكوناتها العسكرية والسياسية تعرف ما تفعل وستواصل مسؤولياتها للانتصار في هذه المعركة مع إسرائيل".
واستطرد: "حماس لا تبالي باختلال موازين القوى في صراعها مع الجانب الإسرائيلي، وصراعها معهم مفتوح، طالما بقي الاحتلال على الأرض".
بحث الخيارات المناسبةويرى الكاتب والمتابع لشأن الحركات الاسلامية خضر محجز أن "حماس" راغبة جداً بالرد على الاغتيال، غير أنها تبحث خيارات الرد المُناسبة وبشكل لا يؤدي الى اختلاق حرب جديدة لأنها غير راغبة بها. ويضيف، إن "حماس سترد حتماً ولكنها متمهلة وهي تبحث عن افضل طريقة لتجنب الحرب، بَيْدَ أن الحرب تبقى احتمالاً قائماً".
ويعتقد محجز، أن الرد سيكون نوعياً وربما بنفس طريقة اغتيال مازن، لكنه يستطرد "المُتاح أمام حماس عمليات التفجير وربما سيكون عبر عناصرها بالضفة. ولكن حرب المخابرات مستبعدة حتى الآن كون عناصر حماس غير مُؤهلين حتى اللحظة لخوض هذا النوع من الحروب الصامتة، ما يستدعي اعداد نفسها جيداً لها".
سلاح الأنفاقوتأتي هذه القراءات في وقت تشير توقعات اسرائيلية أن يدفع الجدار الذي تعكف اسرائيل على بنائه على طول الحدود مع غزة (على الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية) لمحاربة أنفاق "حماس"، إلى حرب جديدة، كون الجدار يمس بسلاح استراتيجي بالنسبة للحركة ألا وهو "سلاح الأنفاق".
الجدار الذي تُسميه اسرائيل "بالعائق" يصل طوله إلى 65 كيلومتراً، ويُتوقع انجازه بشكل كامل مع بداية عام 2019. وحسب المعلومات المتوفرة، فإنه سيكون بمثابة "سور وحاجز في عمق الارض لإعاقة الانفاق والكشف عنها عبر تزويده بمجسات وادوات تكنولوجية متطورة".
وكانت صحيفة "هآرتس" قد ذكرت في وقت سابق "أن العمل في بناء هذا السور بدأ قبل شهور، وفي فصل الصيف المقبل سيبدأ العمل فيه بشكل مكثف، حيث ستعمل مئات الآليات الهندسية الخاصة في بناء هذا المشروع". ووفق الصحيفة، فإن "مئات الآليات ستعمل في حوالى أربعين موقعاً عند الشريط الحدودي إلى قوات كبيرة لحمايتها".
يُشار إلى أن صحيفة "إسرائيل اليوم" خصصت الحديث في نسختها، يوم الأربعاء الماضي، عن الصاروخ الجديد الذي طورته كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة "حماس"، وعنونت تقريرها الذي تتناول ذلك بالقول: "السلاح الجديد لحماس، صواريخ قصيرة المدى وثقيلة الوزن".
من هو مازن فقهاء؟وفقهاء، من مواليد بلدة طوباس، شمالي الضفة الغربية، عام 1979.وحصل على شهادة البكالوريوس في "إدارة الأعمال" من جامعة النجاح الوطنية، عام 2001.وخلال فترة دراسته، التحق بكتائب "عز الدين القسّام"، الجناح المسلّح لحركة "حماس".
وكان فقهاء قد قال في مقابلة سابقة إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، قد اعتقلته واحتجزته داخل "شقّة سكنية"، بدعوى وجود اسمه على قوائم المطلوبين التي قدمتها وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بسبب مشاركتهم بعمليات ضد إسرائيل.
وأثناء الاعتقال، نجح مقرّبون من "فقهاء" باقتحام مكان احتجازه وإطلاق سراحه، ليصبح مطلوبًا للجيش الإسرائيلي.
وشارك فقهاء، في عدة عمليات، نفّذتها كتائب القسام، من بينها مهاجمة المستوطنين وجنود إسرائيليين في منطقة "الأغوار ووادي المالح ومعسكر "تياسير" الإسرائيلي"، والمشاركة في الإعداد لعملية "عسكرية" عند مفرق "جات" قرب مستوطنة "جيلو" جنوبي القدس، في مايو 2002م، والتي قُتل فيها 19 إسرائيليا.
كما شارك في الإعداد لعملية أخرى قتل فيها 9 إسرائيليين، في مدينة صفد بالضفة الغربية، وجاءت ردًا على اغتيال القائد في حماس "صلاح شحادة".
وفي أغسطس 2002، اعتقل الجيش الإسرائيلي "فقهاء"، على خلفية مشاركته في الإعداد لعمليات "عسكرية" في الضفة الغربية، وتم الحكم عليه بتسع مؤبدات وخمسين عاماً إضافياً.
وقضى فقهاء، 10 سنوات متواصلة داخل السجون الإسرائيلية، حيث أُطلق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل عام 2011، التي عُرفت باسم "صفقة شاليط"، وتم إبعادها إلى قطاع غزة.
وبموجب الصفقة التي نفذت في 11 أكتوبر 2011، وتمت برعاية مصرية، أطلقت إسرائيل سراح 1027 معتقلا فلسطينياً مقابل إطلاق "حماس" سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.