رؤساء نوادي القضاة: مشروع قانون السلطة القضائية تدخل سافر فى الشأن الخاص

صورة ارشيفية

اعتبر رؤساء نوادي قضاة مجلس الدولة، أن مشروع قانون تعديل طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية، تدخل سافر في أعمال السلطة القضائية، معربين عن أملهم فى تدخل الرئيس لوأد ذلك المشروع المتعدي على القضاة من خلال تعيين رؤساء الهيئات وسن المعاش.

وقال القضاة خلال اجتماعهم اليوم إنه من أسمى مهام الدولة القانونية الحديثة بث الطمأنينة فى نفوس المواطنين وتأمينهم على حرياتهم وحقوقهم ولا سبيل إلى ذلك إلا بالاحتكام إلى سيادة القانون وإعلاء مبدأ المشروعية ورفع لواء الحق والانصاف الذى تجسده عصمة منصة القضاء حين تدثر بمقومات وضمانات استقلال القضاء وما يكفل الحياد والتجرد والموضوعية.

وتابعوا أنه إذا أعتل القضاء فى أمة من الأمم، بأن نفذت إليه يد العبث فاقتحمت محرابه أو نالت من مقوماته أو مست ضماناته شاعت الفوضى، وفشت المظالم وعم الفساد وافتئت على حقوق الأفراد وحرياتهم وانقلبت قوة الأمة إلى ضعف وغناها إلى فقر وتقدمها إلى ردة وانتكاس.

ولا مشاحة فى أن من المسلمات التي باتت جزءًا من ضمير الأمة ومرجعيتها الدستورية الممتدة والتي ترسخت فى مجتمعنا عبر عشرات السنين أن القضاء ولاية بل من أعظم الولايات وأجلها قدرا وأرفعها شأنا وأعظمها خطر وأثرا، ومن ثم فهو في صميم مهامه وعمله ليس وظيفة أو مرفق وأبدًا لن يكون لذا فإن ضمانات حياده وتجرده واستقلاله هي في الأصل ضمانات للمواطنين يزود عنها الشعب بكل فئاته وأفراده بل يفترض أن يكافح دونها الحاكم والمحكوم.

وأوضحوا أن هذا الإطار اجتمع اليوم مجلس إدارة نادي قضاة، مجلس الدولة مع مجالس إدارات أندية المحافظات للتدارس والتشاور حول نصوص مشروع القانون الخاص بتعديل طريقة اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية والذي اقترحه مجلس النواب الأسبوع الماضي، وأرسله إلي قسم التشريع بمجلس الدولة للمراجعة والذي تضمن تغيير طريقة الاختيار لرئيس كل جهة وهيئة قضائية لتجعل القول الفصل والنهائي في الاختيار لرئيس الجمهورية بدلا مما كان العمل عليه سابقًا من كون الاختيار للمجلس الأعلى لكل هيئة قضائية وللجمعية العمومية الخاصة لمستشاري مجلس الدولة بترشيح أقدم الأعضاء.

ويكون دور رئيس الجمهورية التصديق على هذا الاختيار بحسبان كل جهة وهيئة قضائية، أعلم بشئونها وأقدر على اختيار رئيسها وبما يكفل صون القضاء واستقلاله واحترام الأعراف والتقاليد القضائية الراسخة ويحافظ علي مبدأ الفصل بين السلطات، وما عقب ذلك من تحول الأمر من مجرد تقديم مشروع قانون من السلطة التشريعية يفترض أن تتغير به السلطة التشريعية التجرد والعمومية إلى صراع محتدم بين السلطتين التشريعية والقضائية وحاولت الأولى أن تقدم مبررات لمشروعها مثيرة الجدل.

واتفقوا خلال اجتماعهم على أن هذا المشروع يحمل في طياته الأسباب الموجبة لطرحة ورفض ما تضمنه لكونه يفتقد إلى أي مقصد أو غاية واجبة أو حكمة حقيقية يراد تحصيلها إذ لا يجلب نفعا ولا يدفع ضررا ولا يعالج مشكلة ولا يتوخى هدفا مشروعا، بل العكس هو الصحيح يبدد طاقات الأمة ويدفعها لخلافات ومشاحنات جانبية ومنازعات وهمية تحبط جهودها وتعرقل مسيرتها فتنقلب قوتها إلى ضعف وغناها إلى فقر وتقدمها ومكانتها إلى ردة وتخلف، فى وقت هى أحوج ما تكون فيه لأن تستجمع قوتها وتوحد جهودها نحو النهوض والانطلاق.

ويغرس بذور الخلاف والشقاق والتحزب والصراعات بين أعضاء الجهة القضائية الواحدة ويصرفهم عن التركيز فى صميم العدالة ومقتضياتها إلى أمور تخرج عن هذا النطاق فترميهم بالوهن وتصيب العدالة فى مقتل.

وينطوي المشروع على تغول صارخ ومساس واضح باستقلال السلطة القضائية المقرر دستورًا بموجب المادة 94 من الدستور فضلا عن كونه فى ذات الوقت يجسد خرقا شديدا وإهدارا جسيما لمبدأ الفصل بين السلطات.

واعتبروا القضاة أن هذا المشروع تدخلًا سافرًا في شؤون العدالة وتحديا لما قرره الدستور الذي عهد لكل جهة قضائية بتولي إدارة شئونها وليس في ذلك سلبا لأي اختصاص مناط بالسلطة التشريعية وحقها الأصيل في التشريع إلا أن هذا الحق ليس طليقا من كل قيد بل من المسلمات أنه مقيد باحترام الثوابت والمبادئ الدستورية التي ترسم لكل جهة حدودها، والمشروع محل البيان لا يتحكم في اختيار منصب تنفيذي أو إداري إنما يتحكم بالدرجة الأولى في اختيار رئيس أهم دوائر محكمة النقض وأيضا رئيس الدائرة الأولى فى المحكمة الادارية العليا التى تختص باهم قضايا الحقوق والحريات.

وأنه يفتح الباب على مصراعيه لتدخل الهوى والغرض فى الاختيار لانعدام أسس الترجيح الموضوعية بين من تلزم الجهة القضائية بترشيحهم وفقًا للمقترح في هذا المشروع.

وأوصى الحاضرون برفض مشروع القانون المقدم لتغيير طريقة اختيار وتعيين رؤساء الجهات والهيئات القضائية للأسباب سالفة البيان، وإعداد مذكرة قانونية بأسباب عوار مشروع القانون المشار إليه ترسل إلى جهات الدولة المختلفة وعلي رأسها رئيس الجمهورية ومجلس النواب، ودعم اجتماع الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة المقرر عقده يوم الاثنين القادم الموافق ٣٤٢٠١٧ في كافة الخيارات التي تقررها في هذا الشان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً