لم يعد الاضطراب الأمني مرتبط بسيناء وحدها، بل قامت الجماعات الإرهابية من تنظيم أنصار بيت المقدس وغيرها، من التنظيمات المتطرفة بنقل عملياتها من جبال سيناء إلى العاصمة وبعض المحافظات، وقد ظهر هذا الأمر في اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وتفجير الكنيسة البطرسية، والهجوم على عدة أكمنة في محافظة الجيزة في المريوطية والمرازيق وسقارة، وقبلها الهجوم على مديرية أمن القاهرة والقنصلية الإيطالية في وسط البلد وغيرها.
ووخلال فترة قصيرة، شاهدنا 3 تفجيرات متتالية وهي تفجير شارع الجزائر في منطقة المعادي، وأخرى أعلى الطريق الدائري في بهتيم بمحافظة القليوبية، عبر عبوة بدائية، وأخيرًا وليس آخرًا التفجير الذي وقع في مدينة طنطا بمحافظة الغربية، الذي راح ضحيته أمين شرطة وأصيب فيه 15 آخرين، وهناك 5 حالات حالتهم متأخرة ويتم علاجهم داخل مستشفى طنطا العالمي.
وأوضح محافظ الغربية، اللواء أحمد ضيف صقر، أنه سيتم عمل جنازة عسكرية لأمين الشرطة من مسقط رأسه بكفر الزيات بحضور القيادات الأمنية بالمحافظة، وأنه سيتم صرف تعويضات عاجلة لأسر المصابين.
من جانبه أكد الدكتور أمجد عبدالرؤوف، رئيس مجلس إدارة مستشفيات جامعة طنطا، أن إمكانات المستشفيات مسخرة لخدمة المصابين وحالتهم مستقرة، وتم خروج 6 حالات بعد تلقيهم العلاج والاطمئنان على حالتهم.
وفي هذه المرة، أعلنت حركة تطلق على نفسها «لواء الثورة»، مسؤوليتها عن التفجير الذي وقع بجوار أحد مراكز التدريب التابعة لوزارة الداخلية بمدينة طنطا. وقالت تغريدة نشرها حساب منسوب للحركة على تويتر: «استهداف مركز تدريب ميليشيات الداخلية بمحافظة الغربية بعبوة شديدة الانفجار، أردت العشرات ما بين قتيل وجريح، وانسحاب مقاتلينا بسلام بعد إتمام العملية».
وحول انتشار الإرهاب في بعض محافظات مصر خارج محافظة شمال سيناء، يقول محمود القطري الخبير الأمني، إن إنتشار العناصر الإرهابية والجماعات المسلحة بالمحافظات، تبرره الخلايا النائمة التي شكلت قاعدة عريضة منذ عزل محمد مرسي، كما أنها تتلقى الدعم والتسليح من المنظمات الإرهابية المعروفة على مستوى العالم وليس مصر فقط، مشيرا إلى أن الدولة في حرب حقيقية مع تلك الخلايا التي يصعب الكشف عنها إلا بتحريات دقيقة، كما أنها تعد أكثر خطرًا من التنظيمات المعلنة في سيناء وغيرها.
وتابع القطري في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن المحافظات في مصر تعد مفاصل الدولة، وعليه فإن التمكن منها يدق ناقوس الخطر حول تزايد العمليات الإرهابية، مؤكدًا أن سبيل الدولة الوحيد للحد من هذه الخلايا والكشف عليها، هو تشديد الرقابة على الدور الدينية في المحافظات، ونشر الكمائن على مداخلها ومخارجها، إلى جانب الكشف عن هوية القادمين إلى المحافظات المختلفة، مطالبا الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف بضرورة متابعة المساجد والحرص على تجديد الخطاب الدينى داخلها ومنع المتشددين من اعتلاء المنابر، حيث إن تلك الخلايا الإرهابية تستمد قواها من المنضمين حديثَا لها عن طريق دور العبادة والدروس الدينية غير معلومة الهوية.
وأوضح الدكتور رفعت سيد أحمد، المحلل السياسي، أن الهجوم الأمني المتكرر من الخلايا الإرهابية النائمة في المحافظات المختلفة، يعطى دلالات عدة حول انتشار تلك الخلايا بشكل كثيف، كما أنها تتنوع في مراجعها الدينية وعقيتدها الفكرية، فمنهم من ينضم لجماعات داعشية، ومنهم خلايا إخوانية منذ عزل محمد مرسي، إلا أن الخطر والهدف الإرهابي واحد لاتحيد عنه تلك الجماعات، وهو زعزة استقرار الدولة، ونشر الإرهاب في المحافظات، واستهداف الشباب والمواطنين بالأفكار السامة التي تعمل على التأثير عليهم لتجنيدهم داخل تلك الجماعات.
وأضاف سيد أحمد، لـ "أهل مصر"، أن العمل الإرهابي لم يعد فقط يستتر وراء جماعات تحمل سلاحًا في وجه الدولة، وإنما أصبح أكثر ذكاءً ووعيًا، للتحكم في وعي وتفكير الشعوب، والتفنن في كيفية تجنيد العناصر وإقناعهم بالعمل تحت راية حماية الإسلام، مشيرًا إلى أن التعامل اللأمني وحده لا يكفي وعلى الدولة العمل على تطوير الخطاب الدينى بشكل جيد والإعتناء به خصوصَا في المحافظات والمناطق النائية.
بينما قال الدكتور عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، إن مشكلة الإرهاب قد تفاقمت وتجاوز خطرها الحدود الدولية، فلا يقتصر على حدود دولة إسلامية أو عربية، بل أصبح يشكل خطرًا دوليًا، مشيرًا إلى أن استهداف المحافظات المصرية في نشر الفكر الإرهابي ووتأسيس قواعد راسخة للخلايا النائمة، من شأنه التمكن من مفاصل الدولة، واللعب على وتر ضعب الوازع الدينى، إلى جانب انخفاض مستوى التعليم والوعي الفكري في بعض المحافظات، مما هيًّأ بيئة خصبة لانتشار تلك الجماعات.
وأكد النجار، على ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يلائم استيعاب المفاهيم الخاطئة والرد عليها بأسلوب منطقى يجابه الواقع ولا يغرق فى التفصيلات النظرية البعيدة عنه، مع تقنين ضوابط الحديث والإفتاء في الدين وإصلاح التعليم بما يساعد على تكوين العقل القادر على الحوار والفهم.
من جانبه قال الإعلامي عمرو أديب، إن المسئول عن تفجيرات مركز تدريب الشرطة بطنطا هم جماعة الإخوان، معقبًا:" الاخوان أعلنت في بيان كامل مسئوليتها عن الحادث".
وأضاف "أديب"، خلال تقديمه برنامج "كل يوم"، المذاع علي فضائية "on-e"، اليوم السبت، أن الجميع كان متوقع أن تحدث مثل تلك الحوادث أثناء زيارة الرئيس السيسي، إلي الولايات المتحدة الأمريكية ومن المتوقع أن يحدث أيضَا حادث إرهابي يوم الإثنين القادم، مؤكدًا أن الرئيس السيسي على علم بتفاصيل الحادث وهو يستقل الطائرة حاليَا.
وأشار إلى أن الهدف من تلك العملية هو إحراج الرئيس السيسي من قبل الصحفيين الأجانب حينما يصل إلى أرض الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدَا أن تلك العملية الإرهابية هي متطورة وليست تقليدية وهي مكتلمة الأركان.
وإلى هذا السياق ذهب أحمد عطا، الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، أن منهجية العنف لدى الجماعات الإرهابية تجاه مؤسسات الدولة لن تنقطع، والميليشيات المسلحة أيَا كان مسماها تنكمش حال تلقيها ضربات موجعة، وهو ما حدث في الفترة الأخيرة، وتحديدًا عقب استهدف العميد عادل رجائي، وتفجيرات الكنيسة البطرسية، ثم تعود من جديد للنشاط واستكمال عملياتها.
تلك الفترة التي تنكمش فيها الجماعات الإرهابية، أطلق عليها عطا، استراحة محارب، متوقعَا أن تواجه الدولة المصرية ومؤسساتها موجة عنيفة من الموجات الهجومية والتفجيرات الإرهابية خلال الفترة المقبلة، وهو ما يلقي على الشارع المصري بظلاله السلبية.
وتابع الباحث في شئون الحركات الإسلامية، أن هناك سبب آخر لهذه العمليات حتى وإن كانت محدودة النتائج بشكل واضح وهو إفساد زيارة الرئيس السيسي إلى الولايات المتحدة، في محاولة لإجهاض أي اتفاقات متوقعة بين مصر وأمريكا وخاصة في مجال السياحة.