شرف الخصومة والقتال والحرب.. أجواء المعارك والفوز والهزيمة.. احتفالات المنتصر واندحار المنهزم.. اختلفت عادات الدول والشعوب من بلد لآخر في طريقة إدارة المعارك والتعامل مع الهزيمة اولفوز لكل منهما، إلا أن الطريقة التي اتبعتها شعوب شرق آسيا وبالأخص مقاتلي اليابان قديما ما يعرفون بال"ساموراي" كانت تختلف عن أي شعب آخر.
الهاراكيري أو السيبوكو
لم تكن الهزيمة أمرا مقبولا لمحاربي الساموراي اليابانيين، لم تكن متواجدة من الأصل في قاموسهم، لذا كان يقدم محارب الساموراي بعد هزيمته على قتل نفسه، والتي انتقلت كتقليد انتشر بين المحاربين جميعا وأطلق عليه اسم الهاراكيري أو السيبوكو وتعني في اللغة اليابانية "بقر البطن"، وهي طريقة للانتحار بنزع احشاء البطن، في كثير من الأحيان كان الساموراي يعين أحد المقربين له ليقطع رأسه بضربة سيف بعد أن يقوم ببقر بطنه بنفسه.
بدأت طريقة الهاراكيري اليابانية في الانتحار عندما استولت طبقة المقاتلين على السلطة من الحكم الارستقراطي في القرن الثاني عشر وفي غالبية الحالات كان الانتحار يحدث عندما يدرك جنرال ان قواته منيت بهزيمة. وأن مصيره في كل الحالات هو الموت، فكان من "الأشرف له" أن يقتل نفسه بدلا من ان يقتل على يد الأعداء.
في القرن السادس عشر، على سبيل المثال، عندما بدأت الحرب بين فصائل المقاتلين في كل انحاء اليابان أقدم بعض الجنرالات على الانتحار بطريقة الهاراكيري كي ينقذوا أرواح أفراد قواتهم. ومن الأمثلة المعروفة لهذا النوع من الانتحار قتل الجنرال مونيهارو شيميزو نفسه في مواجهة قوات هايدوشي تويوتومي، الذي كان واحدا من أقوى حكام اليابان، عندما حاصرت قوات هايدوشي تويوتومي قلعة أعدائه وقطع عنها امدادات الذخيرة والأغذية والمياه تماما بات من الواضح ان لا أمل في إنقاذ مونيهارو شيميزو وقواته. وقد عرض هايدوشي تويوتومي على مونيهارو شيميزو الانتحار مقابل إنقاذ حياة جنوده. ووافق مونيهارو على العرض وأقدم على الانتحار على طريقة الهاراكيري أمام الطرفين.
قطع الأحشاء كان معروفا ً لدى مقاتلي الساموراي الذين يؤمنون بضوابط قانون "البوشيدو" وكانوا يلجأون له لتفادي الوقوع في أيدي العدو أو لمسح عار الهزيمة وكان الساموراي يقدمون عليه ليكفر عنه خطئه ودليلا عن النبل والطاعة.
طقوس إجراء الهاراكيري هي طقوس محددة، وكان بعضها يجري أمام العامة إن كانت مخططة من قبل، أي غير تلك التي تجري في ساحة الحرب.
قبل الهاراكيري يقوم الساموراي بالاغتسال ولبس لباس أبيض ويطعم ما يحب من طعام. وعندما ينتهي من الأكل يوضع سيفه أمامه على طبق الأكل. عادة ما يحضر المحارب نفسه للموت بكتابة مقطوعة شعرية. بوجود مساعده بجانبه يقوم الساموراي بفتح لباسه (كيمونو) ويأخذ السيف ويغرسه في بطنه محركا إياه من اليسار إلى اليمين. بعد ذلك يقوم شخص يدعى "الكايشاكونين" بضرب عنق الساموراي الذي أجرى الهاراكيري بسيف بحيث يفصل يقطع عنقه مبقيا على رأسه متصلا بجسده بجزء صغير من اللحم، هذا يتطلب حرفية عالية بحيث لا يستطيع أي محارب القيام به إلا بعد الكثير من التدريب، وتدعى هذه العملية "داكيكوبي".
يقوم الساموري بقطع أحشائه بسيف صغير (خنجر) بشق بطنه بخط أفقي من الشمال إلى اليمين ثم يواصل الشق رأسيًا إلى أسفل البطن. ولأن هذه الطريقة لا تسبب الموت الفوري بل يظل المنتحر يعاني من الآلام الرهيبة فلابد من وجود شخص يقوم بقطع رقبته على الفور حتى يريحه من هذه الآلام.
صارت الهاراكيري طريقة من طرق الحكم بالإعدام وخاصة في عصر إدو ضد الساموراي.