الدكتور كمال حبيب الباحث في الحركات الإرهابية والمفكر الإسلامي يكشف أن العنف يمثل تحديا كبيرا للمجتمع المصري والمنطقة العربية ولكنة يحمل بذور فنائه وأن جماعة الإخوان ليس لديها تصور استراتيجي لما يحدث من دفع شبابها للقتال ولكنها تعمل علي رد الفعل، فيجب عليها أن تعود للتيار الإصلاحي والحوار لوقف نزيف الدم.
وأكد أن التحدي الحقيقي للدولة المصرية على المستوي الإقليمي هو مواجهة التيار السلفي الجهادي والذي يمثل خطرا أقوي من أي تيار إسلام سياسي في مصر والدول العربية، معربا عن أن أفكار السلفية الجهادية هي التي أتت بما يسمي "بداعش " والتي استخدمتها أمريكا كورقة ضغط علي الدول العربية لتهديد أمنها.
كما اتهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنها فشلت في غرس الإخوان المسلمين في المنطقة بدعوي الربيع العربي لذلك اتجهت إلى الاتفاق سرا مع إيران لتأجيج منطقة الشرق الأوسط بالصراعات الطائفية المختلفة وفي هذا السياق جري الحوار.
ما مصير العنف من قبل جماعة الإخوان في الشارع المصري؟
في الحقيقة العنف في مصر يمثل تحديا كبيرا في هذا الوقت، ولكنه يحمل في داخله بذور فنائه وليس له مستقبل ولكننا لا يمكننا تجاهله.
هل تمثل أنصار بيت المقدس تحديا للجيش خاصة بعد إعلان تأييدها لداعش؟
نعم ولمن يقول إنه لا توجد حركة أنصار بيت المقدس، أقول لهم بل توجد هذه الحركة والتي يتبعها الجهاديين السلفيين والذين يؤيدون الفكر الداعشي المتطرف والذين يقومون بأعمال تخريبية وإرهابية ليس في مصر وحدها، وإنما في العراق وسوريا ومنطقة مالي وتونس والمغرب وكل يوم يظهر لمثل هذا التنظيم خلايا جديدة في المنطقة العربية فلا يجب أن نستهين به.
ما هو دورنا في مواجهة الإرهاب في مصر حاليا؟
دورنا هو تفعيل الدور الأمني بشكل واسع النطاق، أما بالنسبة لنا كمواطنين ومفكرين وباحثين وعلماء اجتماع وعلوم سياسية علينا دور هام يتمثل في إعمال الجوانب الفكرية والحوار المتبادل وتفكيك الأفكار والمشاركة في تأسيس خطاب جديد مختلف عن خطاب الإقصاء والكراهية، من أجل القضاء علي العنف، وأوكد أن العنف الحادث في مصر ليس له مستقبل علي هذه الأرض لأن الإخوان تفقد بذلك مشروعها السياسي والاجتماعي وأيضا فقدت ثقة الناس بها.
ماذا تخفي جماعة الإخوان في جعبتها بعد هذا العنف الذي تتبعه؟
هذا سوال صعب وأنا قد طرحت مثل هذا السوال علي صفحتي في فيسبوك وهل الناس التي تقتل كل يوم ما الهدف منها لدي الإخوان؟ وماذا ستفعل الإخوان بعد ذلك وما هي القصة وماذا بعد؟ وهذا سوال مطروح بقوة وهو أن الإخوان ليس لديهم تصور استراتيجي لما يحدث ولكنهم يعملون علي أساس رد الفعل كما يتنصلون من مسئولية وضع تصور استراتيجي لأنهم يتركون القيادة للفاعلين في الميدان وهم شباب صغير من الجماعة وبالتالي هناك مسئولية واقعة عليهم وهذه هي المشكلة من البداية أنهم ليس لديهم استراتيجية واضحة عندما اعتصموا في ميدان رابعة العدوية، فلم يكن لديهم حجرة أخبار للتواصل معهم ولا لديهم تقدير للموقف ولا مراكز سياسية توضح الموقف وفي اعتقادي أن هذه هي المشكلة حتي الآن.
هل يمكن لإرهاب الجماعة تغيير الأوضاع السياسية في الشارع المصري؟
بالطبع لا فلا يمكن لمثل هذه الأعمال الإرهابية والعنف الحادث في الشارع المصري من الجماعة خلال النضال الحركي أن يغير الأوضاع، فالمعروف أن الخروج على الحاكم خروجا يظن معه ألا تحدث نكاية به ولا تغيير فإنهم بذلك يحدثون نكاية في أنفسهم، فأجمع جميع الفقهاء في هذه الحالة أنه لا يكون هناك خروج عليه وحتي في المعارك عندما يكون من المؤكد هزيمة الجيش في المعركة والقضاءعليه يتم الانسحاب من المعركة، مثلما فعل الصحابي الجليل خالد ابن الوليد في غزوة "مؤته" فقد عاد من الحرب وعندما سأله الناس وقال لهم أنتم "الفرار" قال لهم رسول الله بل أنتم "الكرار" لأنه أخذ الموقف الاستراتيجي الصحيح.
ومن يتحمل دم الشباب خاصة بعد طرح خطاب الجهاد في ميدان رابعة؟
هذا الخطاب الذي تم إلقاؤه في رابعة لإسالة دم المسلمين وإباحة القتل وسفك الدماء كلها بمثابة خطايا علي جماعة الإخوان وعليهم أن يتحلوا بقدر من الشجاعة ويعلنوا أن هناك خطأ ويعلنوا أيضا خطا "جديدا يحفظوا به الشباب الذي يقتل من جميع الحركات الإسلامية وكوادرها، ويحفظو وحدة أرض مصر، ووحدة الجيش المصري لأنه إذا انقسم سنذهب للنموذج السوري أو النموذج الجزائري لا قدر الله.
هل سيتم القضاء علي الإسلام السياسي في مصر نهائيا بعد هذه الأحداث العنيفة؟
في الواقع إن التيار الإسلام السياسي لا يمكن القضاء عليه، فجماعة الإخوان أنشئت من عام 1928 والطبيعة الأساسية لها طبيعة حوار ومشاركة وبالتالي العنف الحادث هو حالة استثنائية مثيرة للدهشة والواقع أن الإسلام السياسي تعرض لنكسة وامتحان كبير وليس هذا معناه أنه سينتهي من الوجود فهو موجود ويجب علينا التعامل معه.
ماذا علي جماعة الإخوان أن تفعل لوقف العمليات الإرهابية ووقف نزيف الدماء؟
على الجماعة أن تعود إلى التيار الإصلاحي فيها وأن تقوم بالحوار مرة أخرى مع الدولة، والتوقف عن دفع الشباب للقتل والاقتتال.
ماذا على الدولة أن تقوم به لوقف تيار العنف في المجتمع؟
إن الدولة لديها مسئولية أخلاقية لحماية هذا الشباب من القتل والعنف فحالة الانتقال من السلم إلى العنف تعد ظاهرة سياسية واجتماعية مركبة ومتنوعة وليس من السهل تصور اختفائها في المجتمع، فعلي الدولة أن تغير الخطاب الإعلامي لتخفيف حالة الاستقطاب الموجودة، وهذا يدفعه إلى التشدد ورفض الآخر فيجب علي الإعلام أن يغير خطابه وأن يكون هناك ميثاق شرف إعلامي، ويلزم أن يقوم الأزهر بطرح أفكار الوسطية لاستقطاب الشباب من الفكر المتشدد والمتطرف لأن مزاج الشعب المصري متسامح بطبعه.
هل الرئيس السيسي هو رجل المرحلة دون غيره ولماذا؟
نعم وبالفعل الرئيس السيسي هو رجل المرحلة وفي الحقيقة إن كل مشاعر المصريين تتجه إليه لأنه يتميز بالقوة للقضاءعلي حالة عدم الاستقرار في الوقت الحالي، والمصريين يحتاجون لشكل أبوي في السلطة وكاريزما تمثلهم أمام العالم، وهذا ما يتحقق في السيسي.
هل التيار السلفي بديلا للإخوان علي الساحة السياسية؟
التيار السلفي موجود علي الساحة السياسية بشكل واضح ولكنه غير قادر علي أن يملأ فراغ جماعة الإخوان وذلك لأن معظم الحركات وتيارات الإسلام السياسي تشن ضده حملات عنفية بسبب مشاركته في 30 يونيو و3 يوليو وبالتالي فحزب النور يحتاج إلى اجتهاد كبير لكي يقول أن حزب النور ليس حزبا مستتبعا في الدولة ولا من أحزاب القصر ،فعليه أن يبني مواقف مستقلة تعبر عن الشارع أكثر لتثق فيه الناس وتعطي له أصواتها في الانتخابات.
هل حزب النور سيستعين بأمريكا ليكون بديلا للإخوان في مصر؟
هذا ليس مستبعدا لأن هناك الآن حوارا من قبل أمريكا مع السلفيين مع أن أمريكا في فترة من الفترات كانت لا تحاور السلفيين مطلقا ولكن في الوقت الراهن تتغير القرارات بتغير المواقف وتقوم بمحوارتهم اليوم لأن أمريكا دائما تبحث عن مصالحها في مصر فكانت تتفق مع الإخوان ولكن بعد أن ضربت الجماعة في مقتل، فهي تبحث عن البديل لتحاوره مثل السلفيين وخاصة بعد تواجده في الساحة السياسية بأنه يمثل تيار الإسلام السياسي فلا يمكن لأمريكا أن تتجاهله لأنه يمكن أن يكون له أعضاء في البرلمان وآخرين في الوزارات في الحكومة القادمة لذلك تقوم بفتح الحوار معه لأنه سيمثل قوي سياسية فاعلة في مصر مستقبلا.
لماذا لم تتعلم الإخوان من تجربة أربيكان في تركيا لحماية شبابها؟
لأن الإخوان لم تنتبه إلى أن الدولة باطشة ويدها قوية ضد أي عنف خاصة بعد الأحداث المتتالية من القتل والإرهاب التي تحدث لذلك يجب علي الإخوان أن تدعوا أبناءها إلي التوقف عن أعمال العنف وعدم دفعهم للقتل لمواجهة مصير محتوم وأن تبحث عن خيار مختلف وهو الإسلام المشارك الذي يشارك في السلطة.
هل الإخوان ستظل رافضة للمصالحة مع الدولة؟
لا وفي اعتقادي أن الإخوان لا تستطيع رفض المصالحة مع الدولة علي مر الأحداث الحالية ولكن يجب عليهم مراجعة أنفسهم مرة أخري وان يعودوا إلي الحوار والمصالحة من خلال تيار المراجعة والإصلاح داخل الإخوان والتيارات الشبابية مثل عمر ضراز ومثل المنشقين عن الإخوان مثل إبراهيم الزعفراني وكمال الهلباوي.
في اعتقادك هل الإخوان ستوافق علي المصالحة بعد الحكم علي محمد مرسي وقياداتها؟
في الحقيقة إن السياسية لا تعرف كلمة مستحل ولا تعرف خطة ثابتة فالذي لا يقبل بالأشياء اليوم يستطيع أن يقبلها في المستقبل وهكذا.
هل تري أن السلفية الجهادية أخطر علي مصر من الإخوان ولماذا؟
نعم وبالفعل إن السلفية الجهادية أخطر بكثير علي مصر من الإخوان وكل ما أخشاه علي الدولة المصرية من هذا التيار الخطير العنيف والإرهابي وأن يتم الانشغال بالإخوان وترك ما يفعله السلفية الجهادية من أعمال تخريبية واضحة ومعلنة فهذا يمثل تحدي كبير لدولة المصرية في ظل سياق إقليمي خطير يوجد بجوارنا في سوريا، وبالتالي فان التحدي الاستراتيجي لدولة هو أنصار بيت المقدس والتي أعلنت تايدها لداعش الإرهابية، وليس جماعة الإخوان في الوقت الراهن.
لماذا لم تنتفض أمريكا حتي الآن لما تفعله داعش من أعمال إرهابية في المنطقة؟
لأن أمريكا هي التي صنعت داعش في المنطقة العربية للضغط عليها وتهديد أمنها في أي وقت تشاء لتظل منطقة الشرق الأوسط منطقة نزاع دائم ولا تتجهه إلي الصراع العربي الإسرائيلي وتحرير فلسطين.
هل تلعب إيران دورا في إشعال الصراعات في منطقة الشرق الأوسط ؟
نعم وبالفعل ايران تعلب دورا غير مباشر في إشعال الصراع في منطقة الشرق الأوسط وذلك لأن الولايات المتحدة تتفق معها سرا في تأجيج الفتن بين الشيعة والسنة في مناطق سويا والعراق واليمن بل والجديد ما تقوم به من خلال ذراعها الإرهابي داعش لتحويل المنطقة إلي منطقة صراعات مذهبية بين المسلمين والمسحين وهو صراع مذهبي خطير يمكنه الفتك والقضاء علي المنطقة بأسرها.
ما هو البديل الحالي في المنطقة بالنسبة لأمريكا ؟
بعد أن فشلت أمريكا في زرع جماعة الإخوان في منطقة دول الربيع العربي اتجهت إلي اختراع ما يسمي بالدولة الاسلامية "داعش" لكي تكون بديلا لها في المنطقة لتهديدها في أي وقت تشاء.