قام البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمس الثلاثاء بطقس صناعة الميرون المقدس للمرة الـ39 فى تاريخها، وللمرة الثانية فى عهده منذ تولية السدة المرقسية وذلك بحضور 95 من اعضاء المجمع المقدس "الهيئة العليا للكنيسة"،وذلك بعد تفقد البابا امس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون أعمال تجهيزات اعداد الميرون المقدس.
جدير بالذكر أن أول من عمل الميرون القديس البابا أثناسيوس الرسولى البطريرك رقم 20 وقبله كان هناك 19 بابا يضعون اليد، ففى تاريخ الكنيسة عشرات من الباباوات لم يصنعوا الميرون، لأن الكمية كانت كافية، وكان البابا شنودة آخر من عمل الميرون للمرة السابعة فى حياته عام 2008، ومنهم مرة كانت فى آريتريا.
البابا تواضروس يقول إن معنى كلمة "الميرون" هى عطر أو طيب، ويتكون من 27 مادة نباتية نستخلص منها العطر ثم نضعها فى زيت الزيتون، ثم تتم مجموعة من القراءات والصلوات يقودها البابا البطريرك والآباء المطارنة والأساقفة ثم قداس يسمى بتقديس الميرون والغاليلاون يستغرق 3 ساعات، وقديمًا كان يصنع الغاليلاون باستخدام الأتفال المتبقية من النباتات وتخلط مع زيت الزيتون حتى يأخذ زيت الزيتون المواد العطرية المتبقية فى الأتفال.
وأضاف البابا تواضروس خلال مقال له فى مجلة الكرازة القبطية الناطقة باسم الكنيسة قائلا: "إن الطريقة الجديدة التى تم اعتمادها تأتى للاستفادة من العلم، وأنه لم يفرض رأيا على المجمع المقدس أثناء مناقشة الطريقة الجديدة، وأن كافة أعضائه وافقوا عليها بالإجماع، مضيفًا: "لدينا غيرة كبيرة على كنيستنا الأرثوذكسية ولا ننتظر أن يعلمها لنا آخرون مهما كانت التسميات التى يطلقونها على أنفسهم، والتى توحى للعامة أنهم فقط الذين يعرفون، وأدعوهم إلى الإفصاح عن أسمائهم بدلا من النشر على النت والتستر وراء عبارات تهدم أكثر ما تبنى وتسبب بلبلة نحن فى غنى عنها من أجل سلامة حياتنا وكنيستنا وكل الشعب فيها".
وتابع البابا: "ليس فى المسيحية ما يمنع استخدام نتاجات العقل والعلم والتطور والتقدم فى تسيير أمور كنيستنا دون المساس بعقائدنا وأساسيات إيماننا المستقيم، والأسلوب الجديد يتيح لنا استخدام الزيوت العطرية الطبيعية والمستخلصة بكفاءة تامة ونقاوة كاملة بإمكانيات غير موجودة لدينا".
وتابع البابا أن الميرون بديلا لوضع اليد فى المعمودية، الذى كان يقوم به الآباء الرسل، مشيرا إلى أن اتفق الآباء الرسل مع انتشار المسيحية باستبدال وضع اليد بالمسحة المقدسة، وأن أصل الميرون هو الحنوط التى كانت على جسد السيد المسيح، مؤكدا أن الميرون يستخدم فى تقديس مياه المعمودية، كما يدشن به الكنائس والمذبح وأوانى المذبح.
وتابع خلال مقالته إلى أن الميرون له أصل كتابى فى سفر الخروج اصحاح 30، ففى العهد القديم أمر الرب موسى ليصنع دهنا مقدسا، وفى العهد جديد ذكر فى رسالة يوحنا الأولى اصحاح 2.
وتابع البابا، أن الميرون لا يطبخ كما يشاع، وأن زيت الميرون له مرحلتين الأولى الإعداد، والثانية التقديس، وفى الإعداد يخصص لخلط 27 مادة نباتية، مضيفا "كنا قديما نأخذها من النباتات، من زهر النبات أو جذره أو ورق النبات، كنا نشتريه ونطحنه يحتاج تقليب يصل لعشر ساعات، مؤكدا أن هناك تطورا صنعه العلم، الذى جاء من العقل الذى خلقه الله، وكل نتاجات العلم المباركة نستخدمها، مشيرا إلى أن هناك كاميرات تصورنا والميكرفون الذى اتكلم فيه، والقنوات التى تنقل فكل هذا نتاج العلم، وأوضح أن هذه المواد لها كميات معينة، ونريد أن نستخرج العطر الذى يوجد فيها.
وأوضح أن الوسيلة الأولية لم تكن تخرج كل العطر، مضيفا "فكرنا فى أن نأتى بهذه الخلاصات نقية مئة بالمئة من مصادرها"، وأشار إلى زجاجة صغيرة أمامه وهى خلاصة لحوالى 2 كيلو بودر، تم استخلاص العطر الذى فيها، بطريقة "استين ليستلايشن" أى التقطير بالبخار.
وأشار البابا إلى أنه اليوم ضُمن استخلاص المادة العطرية نقية، من خلال شركات تقوم بذلك معدودة تحتكر استخلاص الزيوت ولا يوجد مثلها فى مصر، حيث تستخلص الزيوت مئة بالمائة وكل عطر يستخرج معه شهادة خاصة، ولو لم يكن نقى تغلق الشركة، وأن صنع الميرون بالأسلوب الجديد سيكون بأكثر جودة، مضيفا، هناك عدة عطور تستخدم فى الميرون، ومنها "عود الندى" فى زجاجة بها 2مم ثمنها 207 دولار، أى حوالى 1500 جنيه مصرى، وأشار إلى أن الإعداد مرحلة كيميائية، والمرحلة الثانية هى مرحلة التقديس، والتقديس له صلوات، وعرض الكتاب الذى استخدمه البابا شنودة فى آخر مرة عمل الميرون فيها، واستخدمه فى 2008 مؤكدا وسنستخدمها فى عمل الميرون، وأنه لو مادة من المواد الـ27 نقصت، وهذا حدث فى مرات كثيرة سابقة، فإن الخميرة المتبقية من ميرونات سابقة، توضع على الميرون.