أصدر 25 حزبًا سياسيًا ومنظمة نسوية، من بينهما حركة بصمة ومؤسسة المرأة الجديدة، ونظرة، بيانًا مشتركًا لإدانة وقائع التحرش والعنف ضد المرأة الذي فاق الحد المعقول في الفترة الأخيرة تحت عنوان "دوائر الجحيم من التحرير إلى الزقازيق، متى يتوقف التطبيع مع العنف الجنسي ضد النساء؟.
وقال البيان: "تؤكد جريمة الإعتداء الجنسي الجماعي التي وقعت في الساعات الأولى من يوم الجمعة الموافق 31 مارس 2017 بمنطقة القومية بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية ضد فتاة جامعية استمرار هذه الجرائم وتفشيها في المجال العام المصرى".
وأضاف: "وكانت الدولة المصرية قد تبنت عدة سياسات لمناهضة العنف الجنسي استجابة لضغط العديد من المجموعات المحلية خلال السنوات الماضية، فتم التصديق على قرار إنشاء وحدة متابعة جرائم العنف ضد النساء في وزراة الداخلية في مايو 2013، والذي ينص على تواجد وحدات مكافحة العنف ضد النساء بمديريات الأمن في جميع المحافظات المصرية، كما تم تعديل المادة 306 من قانون العقوبات عام 2014 لتُجَرِم التحرش الجنسي لأول مرة في نص قانوني صريح، وأخيرا أطلق المجلس القومي للمرأة استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء يوم 7 مايو 2015، وبالرغم من أهمية وجود هذه السياسات والتشريعات التي طالما طالبت بها المجموعات النسوية، إلا أن تلك الواقعة أتت لتبرهن إما عن غياب تفعيلها بشكل مجدي، أو عن وجود بعض أوجه القصور في هذه السياسات، وهو ما يتطلب مواجهة حقيقية وتقييم لما تم خلال السنوات الماضية، لنتمكن من مناهضة العنف الجنسي بشكل أكثر فاعلية. فلم تكن موجة الاعتداءات الجنسية والاغتصابات التي وقعت في محيط ميدان التحرير والتي أسفر الحراك حولها عن اتخاذ هذه السياسات من قبل الدولة استثناءا، ولا يمكن أن تتعامل الدولة مع هذه السياسات باعتبارها إجراء وقتي اتُخِذ في أوج الحراك حول العنف الجنسي ويمكن تجاهله الآن. فالعنف الجنسي في المجال العام ظاهرة شبه يومية، ومواجهتها تتطلب مجهود يومي ومضني لتفعيل وتطوير الآليات المُتَخَذة".
وأوضح: "كانت ردة فعل العديد من الفاعلين دالة على الإشكاليات التي تحاصر تعامل الدولة والمجتمع مع قضية العنف الجنسي ضد النساء. فظهرت بوضوح ثقافة لوم الناجيات على هذه الجرائم من قبل بعض أعضاء وعضوات مجلس النواب، حيث أشار عدة نواب إلى ضرورة عقد اجتماعات طارئة لبحث أسباب انتشار هذه الجرائم في وسط تأكيد النائب أحمد العوضي لضرورة “إنقاذ الأجيال الجديدة من تدني الأخلاق وانحدارها”، بينما أشارت النائبة آمال طرابية إلى ضرورة تقديم طلب إحاطة إلى وزارتي الاتصالات والداخلية بخصوص إيجاد سبل لعدم انتشار المواقع الإباحية التي تساعد على تفشي تلك الجرائم بالإضافة إلى “عقد ندوات لاستعادة الأخلاق والتديّن فى المجتمع، بعيدًا عن التبرج والملابس القصيرة، لأنها أمور تشد الشباب وتلفت النظر، وتتسبّب فى المعاكسات”. كما صرحت مديرية أمن الزقازيق أن الناجية كانت ترتدي ” ملابس قصيرة جدًا أمام أحد الكافيهات، فتجمع عليها الشباب محاولين التحرش بها”. وعززت بعض وسائل الإعلام هذا الطرح الذي يوصم الناجية ويلومها. إن ثقافة لوم الناجيات ليست إلا أحد الأمثلة الكاشفة لإشكالية الخطاب الرسمي والمجتمعي حول قضية العنف الجنسي ضد النساء. فيغيب عن الخطاب السائد المنظور النسوي الذي يرى العنف الجنسي كجريمة منطلقة من الثقافة الأبوية، ويضعها في سياقها المرتبط بالتمييز ضد النساء. بالتالي، يتم إرجاع جرائم العنف الجنسي إلى أسباب أخرى بدءا من الظروف الاجتماعية ونقص التدين وحتى لوم الناجية على مظهرها، وينتج عن ذلك قصور واضح في القوانين والسياسات التي تتبناها الدولة والخطاب المجتمعي حول القضية. كما قررت الدولة والآليات الوطنية المعنية عدم إتباع آليات شفافة في مراقبة أو تقييم التدابير والإجراءات التي تم استحداثها".
وأشار:"على النقيض، نحن نؤمن أن جرائم العنف الجنسي ضد النساء ليست منزوعة السياق، فهي لا تنفصل عن النظرة الدونية للنساء ورفض وجود أجسادهن في المجال العام بِحُرية. وبينما نرى أن تبني وتفعيل سياسات لمناهضة العنف الجنسي ضد النساء هي مسئولية الدولة، إلا أن ذلك لا يعني بأي حال من الأحوال إقصاء الفاعلين المجتمعيين من النقاش حول القضية، وعدم تمكينهم من مراقبة السياسات التي تتبناها الدولة. لذلك، طالبنا مرارا بوجود آلية تضمن مراقبة وتقييم الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد النساء. فالتزام الشفافية في تطبيق الاستراتيجية الوطنية واكتشاف الفجوات في محتواها وتطبيقها هو حق مجتمعي، حيث أن قضية العنف ضد النساء هي قضية مجتمعية وسياسية تخص جميع المواطنين. بالتالي، نرى أنه لا سبيل لمواجهة العنف الجنسي سوى الانطلاق من خطاب يرى هذه الجرائم كجرائم عنف تتعرض لها النساء لكونهن نساء، وتؤمن بأهمية تطوير منظومة شاملة لمواجهة هذا العنف اليومي بدرجاته، وتدرك أحقية المجتمع في المراقبة على هذه السياسات".
وأوضح:"لقد خاضت المجموعات المعنية بحقوق النساء معارك قاسية خلال السنوات الماضية من أجل طرح قضية العنف الجنسي للحوار المجتمعي، ومن أجل تحمل الدولة مسئوليتها في التصدي لها، ولا تزال النساء تدفع أثمان باهظة نتيجة تواجدها في المجال العام لقضاء أبسط الحاجات اليومية. اليوم، وبعد مرور بضعة سنوات ظننا خلالها أننا نجحنا في تطوير بعض الآليات لمناهضة العنف الجنسي، نجد أنفسنا مرة أخرى أمام مشاهد الاعتداء الجنسي الجماعي دون أي ضمانات للمحاسبة أو عدم تكرار الجريمة".
وطالبت تلك المنظمات بعد توصيات، كالآتي:
1. مراجعة استراتيجيات الدولة لمناهضة العنف ضد النساء، بمشاركة المجتمع المدني والمجموعات المعنية.
2. تفعيل آلية شفافة لمتابعة وتقييم “الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة “.
3. معاقبة الجناة والإعلان عن سير القضية بشكل شفاف، يضمن خصوصية الناجية وسرية بياناتها.