بعد ساعات من تحذيرات أمريكية بالرد العسكري على قصف النظام السوري لخان شيخون بمواد كيماوية، احتوت على غاز السارين القاتل، وجهت الولايات المتحدة الأمريكية قرابة 59 صاروخًا لمواقع تابعة للجيش السوري،وعللت الإدارة الأمريكية بأن تلك أماكن إنطلاق الغارات الجوية المحملة بغاز السارين.
تعد هذه الضربات أولي المحطات العسكرية في ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترانب، الذي توقع الكثيرين نشوب حروب كبيرة في عهده لما يروجهه منذ بدء حملته الانتخابية حتى وصوله للرئاسة من عنصرية وتطرف، الأمر الذي يدفعنا للعودة للوراء في تاريخ الروؤساء الجمهوريين وحروبهم ضد المسلميين وسياستهم في الشرق الأوسط.
خلال العقود الثلاثة الأخيرة تولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكي، ثلاث رؤوساء جمهوريين من أصل خمسة، هم رونالد ريجان بفترتين رئاسيتين ومرورا بجورج بوش الأب بفترة رئاسية واحدة ثم بعد فترتين رئاسيتين للديوقراطيين عاد الجمهوريون بفترتين رئاسيتين لجورج بوش الابن.
رونالد ريجانالرئيس الأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، بدأ فترته الرئاسية الأولى في مطلع الثمانينات، إلًا أنه وفي نهاية ولايته الأولى وبداية ولايته الثانية شن ريجان حملتين عسكريتين على لبنان وليبيا، فكان التدخل العسكري المباشر نصيب الأولى بينما القصف الجوي من نصيب الثانية.
اعتبار ريجان، منظمة التحرير منظمةً إرهابية وعبئًا على لبنان، وقد عرَّضته لاجتياحات عسكرية إسرائيلية، مما استدعى إخراجها من بيروت وكافة المناطق عبر محادثات خاضَها السفير فيليب حبيب، دخل ريغان في لبنان وغادرها تحت النيران بعد تدمير السفارة الأميركية وثكنات مشاة البحرية.
اتخذ ريجان موقفًا ضد مشروع تقدمت به فرنسا لمطالبة إسرائيل بالانسحاب الكامل من لبنان، وطالب بإزالة الوجود الفلسطيني المسلح من بيروت وغيرها، غير أن مجلس الأمن صوت بقرار رقم 508، و509، مطالبا "إسرائيل" بالانسحاب من لبنان ووقف العمليات العسكرية، وتقدمت أسبانيا بمشروع قرار لإدانة "إسرائيل" لعدم تطبيقها القرارين، غير أن الولايات المتحدة استخدمت حق الفيتو ضد المشروع.
فرض حصار على ليبيا واعتبرها من قوى الشر وأمر بالمناوشات الجوية البحرية مع ليبيا في خليج سرت، ثم عملية قصف طرابلس وبنغازي عام 1986.عندما قررت السعودية عقد صفقة طائرات الإواكس، حذرت إدارة الرئيس ريغان من إستعمال السعودية للطائرات ضد إسرائيل فأرسلت السعودية ضمانات أنها لن تستخدم الطائرات إلا لأغراض دفاعية.
علاقته مع إسرائيلسعي لكسب أصوات اليهود ولذلك حرص ريغان، على ارتباطه الدائم مع المؤسسات اليهودية الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، قبل موعد الانتخابات الرئاسية، وقام ريغان بتعيين اليهودي مارشال بيرغر مسؤولًا عن التنسيق بين لجنة الحملة الانتخابية والمجموعات اليهودية في الولايات المتحدة، وعين اليهودي ألبرت شبيغل رئيسًا لحملته الانتخابية، وأخذ شبيغل يعرض لليهود سجل ريغان المؤيد لإسرائيل، ومنها حضور ريغان تجمعات مؤيدة لإسرائيل خلال حرب الأيام الستة في عام 1967م، عندما كان حاكمًا لكاليفورنيا.
وخلال حملته الانتخابية زار ريغان المنظمة اليهودية بناي برث في واشنطن في 3 أيلول 1980م، وألقى خطابًا قال فيه: "إن إسرائيل ليست أمة فقط بل هي رمز ففي دفاعنا عن حق إسرائيل في الوجود إنما ندافع عن ذات القيم التي بنيت على أساسها أمتنا".
جورج بوش الأبالرئيس الواحد والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، حكم من الفترة 1989 إلى 1993، قاد بوش الأب، تحالفًا من ثلاثين دولة في حرب ضد العراق فيما سمي بـ "حرب الخليج الأولى" بدعوى تحرير الكويت.
وقد نتج عن هذه الحرب وفاة مائة وثمانية وأربعون جندي أمريكي وإصابة أربعمائة وسبعة وستون من حوالي خمسمائة وواحد وأربعين ألف جندي أمريكي شاركوا في العمليات. كما تحطمت ستة وسبعون طائرة أمريكية.
كذلك قبل انتهاء ولايته أصدر أمرا للقوات الأميركية بالتواجد بأعداد كبيرة في الصومال بدعوى إعادة الأمل وتأمين الغذاء للشعب الصومالي وللأطفال الجوعى. غير أن القوات الأميركية خسرت 18 جنديًا، الأمر الذي أثر على شعبية بوش التي كانت قد تعرضت للهبوط بسبب المعاناة الاقتصادية التي تسببت فيها سياساته الاقتصادية.
جورج بوش الابنهو ابن الرئيس الأميركي الواحد والأربعين جورج هربرت ووكر بوش، صنفت فترة الرئيس جورج بوش الابن، بأنها أسوأ فترات الحكم في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، بسبب الحروب الكثيرة التي خاضتها الولايات المتحدة خارج أرضها واستنزفت الكثير من الموارد البشرية والاقتصادية، كما ألحقت ضرر بالغًا بالاقتصاد الأمريكي وبالتبعية الاقتصاد العالمي مسببة الأزمة الاقتصادية العالمية، خلافًا عن أن إدارة بوش الابن اهتمت بالحرب على الإرهاب والإنشغال بالصراعات المُسلحة على حساب المشاكل الداخلية للمواطن الأمريكي.
تعرضت الولايات المتحدة الأميركية في عهده إلى أكبر هجوم في تاريخها، حيث تم تفجير برجي مركز التجارة العالمي وجزءًا من مبنى البنتاغون في سبتمبر 2001، واتهمت إدارة بوش تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن بالوقوف وراء الهجوم، الذي خلف أكثر من 1000 قتيل.
وجهت أمريكا علي أُثر تفجير البرجين، آلتها العسكرية إلى أفغانستان، ووافق الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع وبسرعة فائقة على منح الرئيس الأمريكي بوش الابن 40 مليار دولار لحملة الحرب على الإرهاب.
تحولت سياسة الولايات المتحدة عقب هجمات سبتمبر، إذ قام الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بالدفع بالعمليات العسكرية لاجتياح واحتلال العراق بدعوى وجود أسلحة دمار شامل، خصوصًا بعد إدراج إدارة الحكم في العراق ضمن محور الشر والدول الداعمة للإرهاب ضد الولايات المتحدة.
وفي مطلع عام 2014، أصدر الرئيس الأمريكي أوباما أوامره لوزير الدفاع بسحب آخر جندي أمريكي بنهاية عام 2014، وهو الأمر الذي عارضه الحزب الجمهوري.
ولقد تسببت هذه الحرب بأكبر خسائر بشرية في المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأمريكي في عدة عقود. وانتهت الحرب رسميا في منتصف ديسمبر بإنزال العلم الأمريكي في بغداد وغادر آخر جندي أمريكي العراق بنهاية العام عقب قرار الرئيس بارك أوباما.
وكان قد شارك في الحرب قرابة المليون جندي أمريكي، كما تسببت السنوات التسع التي تلت عملية الإجتياح في خسائر مالية ضخمة كبدت الاقتصاد الأمريكي الكثير مُتسببة في الأزمة العالمية إبان فترة حكم بوش الابن.
هل ينتظر العالم حرب جديدةبالعودة إلي التاريخ فإن الحزب الجمهوري ورؤساؤه هم الأكثر ميلاَ للحلول العسكرية وقرارات الحرب، وقد اتجهت أنظار العالم في نوفمبر 2014 إلى انتخابات التجديد النصفي بالكونجرس الأمريكي والذي سيطر علي مجلسيه، الشيوخ والنواب، الحزب الجمهوري متفوقًا بشكل كبير على الحزب الديموقراطي، وبصعود ترامب لسدة حكم الولايات المتحدة ليكتمل المشهد ويتحقق للجمهوريين عودتهم إلي قيادة الولايات المتحدة الأمريكية مرة آخري.
وقد بدأ دونالد ترامب منذ اليوم الأول له في البيت الابيض باتخاذ قرارات ضد المهاجرين وعزمه علي طردهم، وإعلانه عن بناء سور علي حدود المكسيك الأمر الذي قوبل بانتقاد غالبية قادة العالم ووصفه بعضهم بعودة للعصور المظلمة.
ويبدو أننا ننتظر المزيد من التطرف والعنصرية ضد المسلمين والمزيد من استخدام القوة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، فبعد ساعات من تهديد الخارجية الامريكية باحتمال الرد العسكري علي اتهام الجيش السوري بالقيام بهجوم كيماوي علي خان شيخون بإدلب، قامت قوات عسكرية أمريكية متمركزة في البحر المتوسط بإطلاق قرابة 70 صاروخا علي مطار الشعيرات السوري، في خطوة تصعيدية اعتبرها الكثيرين بأنها نذير حرب جديدة تخوضها الادارة الامريكية في الشرق الأوسط.
وكان لترامب الكثير من التصريحات المتعلقة بسياسات أمريكا في الشرق الأوسط، حيث عارض ترامب سياسة الولايات المتحدة في تدريب ودعم المعارضة السورية، قائلًا "لا ندري من هؤلاء الأشخاص، ولا نعرف نواياهم"، وقال: لو كان الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في منصبيهما، فإن هذا سيكون أفضل بكثير من الوضع الحالي، كما صرح أنه "لو كان الأمر بيده لانسحب من سوريا".