في سلسلة جديدة من العمليات الإجرامية التي يشنها تنظيم "داعش" الإرهابي في مصر، أعلن التنظيم مسؤوليته عن تفجير كنيستي "مارجرجس" بمدينة طنطا، والمرقسية بمحافظة الإسكندرية، والذي أودى بحياة أكثر من 36 مواطن، وعشرات المصابين.
الانفجار الأول ضرب كنيسة مار جرجس في مدينة طنطا، ما أسفر عن مقتل 27 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 70 آخرين، وبعد ساعات قليلة، وقع انفجار آخر بمحيط الكنيسة المرقسية بمدينة الاسكندرية، ما أسفر عن مقتل 16 شخصا، بينهم ضابط، وإصابة 41 آخرين، بحسب المسؤولين.
تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، لم يكن إلا سلسة من العمليات الإجرامية التي يشنها التنظيم، خلال الفترة الماضية، إلا أن تبني التنظيم الإرهابي للحادث، أعاد التذكير بمقطع فيديو بثه داعش 19 فبراير الماضى، وتضمن ما الرسالة الأخيرة للانتحاري المسئول عن تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة في ديسمبر 2016، الذي راح ضحيته العشرات.
هجمات داعش تطورت بمرور الوقت، بدءًا من سيناء، مرورًا بعمليات إرهابية منفردة داخل القاهرة والجيزة، إلى استهداف الكنائس، تزامنا مع الأعياد الخاصة بالأقباط، إلا أن القضية ذاتها، تكمن خلف كيفية تحرك التنظيم، ودوافعه من عملياته الإرهابية داخل مصر، مما يطرح تساؤلات عدة، حول عمليات "داعش" المقبلة، وخطته في استهداف مؤسسات ومناطق أخرى مقبلة.
وردًا على تساؤلات "أهل مصر" حول خطة التنظيم الإرهابي، وإمكانية استهدافه مناطق أخرى خلال الفترة المقبلة، يقول الخبير في الحركات الجهادية كمال حبيب، إن الجماعات الإرهابية تسير وفق خطط منظمة لايمكن تخطيها، وفقا لقواعد وأسس داخل التنظيم ذاته، وهو ما يعطيها ذلك السيط الواسع، ويمكنها من تنفيذ هجماتها بدقة عالية، مشيرا إلى أن التنظيم يسعى من خلال عملياته الإجرامية في الفترة الماضية بالتحديد، إلى مواجهة الحكومة المصرية، عن طريق شن هجوما عنيفا على الأقباط في مصر، ومحاولة الإيقاع ونشر الفتنة الطائفية من جديد، قائلًا "الأمر بعيد كل البعد عن المرجعية الإسلامية ومزاعم التنظيم بسعيه لتطبيق الخلافة الإسلامية"، مستنكرا "الإسلام بريء من هؤلاء".
وعن إمكانية توجه "داعش" لتنفيذ هجمات إرهابية على الملاهي الليلية والسينمات وملاعب كرة القدم، والمدنيين في مصر، قال حبيب، إن التنظيم لايهتم بالملاهي الليلية أو غيرها، في الوقت الحالي، لكن المدنيين تم استهدافهم بالفعل من خلال عمليات منفردة سبق وشنها التنظيم في مناطق متعددة في مصر، كما أن تفجير الكنائس والأكمنة الأمنية، لم يقتصر فقط على ازهاق أرواح الأقباط، بل كان للمدنين نصيب في التفجيرات، التى أودت بحياة البعض، وأصابت آخرين.
في سياق متصل، يقول محمود القطري، الخبير الأمني، إن تنظيم "داعش" الإرهابي، يسعى باستهدافه للأقباط، إلى إحداث فتنة طائفية في مصر، وصمود المسيحيون في أعقاب العمليات الإرهابية، وفشله في تحقيق ذلك، زاد من هجماته تجاههم الفترة الحالية، مشيرا إلى أن الأوضاع في مصر، تجتاج إلى إعادة الهيكلة الأمنية، وإصلاح التقصير المتكرر في مواجهة تلك الجماعات، إلى جانب طرح أفكار غير تقليدية للتصدى لتلك الهجمات.
وتابع القطري، إن اتجاه داعش لشن هجمات إرهابية أخرى بمناطق مختلفة، بما فيها الملاهي الليلية، والأماكن العامة، لايمكن استبعاده، فهناك خطة ممنهجة يسير عليها التنظيم، وسيحاول تكرار عملياته الإرهابية، سواء باستهداف الأقباط أو المدنيين، إلا في حالة معالجة القصور الأمني، وتعزيز القوات الشرطية والتآمينية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة قدمت نموذجا مثاليا في مواجهة تلك الجماعات في سيناء، وهو مايتطلب الإقتداء به في باقي المدن والمحافظات المصرية.
وفي تصريحات صحفية له، كشف الخبير في شؤون الحركات الإسلامية الجهادي السابق، الدكتور خالد الزعفراني، أن تنظيم داعش في مصر، يضع نصب عينيه استهداف الأقباط لإحراج النظام المصري دوليًا، واثارة الفتنة الطائفية، موضحًا أن غالبية المرجعيات الداعشية الجاهدية وضعت العديد من الفتاوي التي تبيح قتل الاقباط في مصر خصيصًا بدم بارد.
وأضاف الزعفراني، أن مصر شهدت على مدار الأشهر الماضية عودة ما لايقل عن 5 آلاف داعشي، قادمين من سوريا والعراق عقب الخسائر الفادحة التي تيعرض لها التنظيم هناك، وغالبيتهم يحملون أسماء وهمية حركية، ولم يستدل عليهم من قبل الأجهزة الأمنية، لاسيما أن بعضهم كان يعيش في الخارج، وقرروا العودة من باب الانتقام من النظام المصري، وموقفه من دعم النظام السوري، كما أن الموطن الأصلي لمعظمهم منطقة الدلتا، خاصة محافظات الغربية والدقهلية والبحيرة.