أنامل سمراء رفضت أن تنتصرعليها ظروف الحياة الصعبة وصمدت وكافحت، انها المرأة النوبية، التي ساندت زوجها وتفانت في العمل واعتمدت في ذلك علي الخامات المحيطة ببيئتها من خوص نخيل وغيرها، لتبدع في صنع مشغولات يدوية توارثتها عن أمها وجدتها لتواجه بها الظروف المعيشية الصعبة مساندة لزوجها لتحمل أعباء الحياة.
«الشغل في دمي حتي لو الحالة استقرت لسه مكملة»..هكذا استهلت «شادية» ذات الـ60 عاما، حديثها مع «أهل مصر»، مضيفة أن الشغل مش عيب العيب ان الواحد ينام في بيته ويستنى الرزق يخبط على بيته.
شادية يوسف صيام من غرب أسوان متزوجة ولديها ولدين وبنتين، ابنة في معهد تمريض والابن حاصل علي دبلوم فني زخرفي، حاليا يقضي الخدمة العسكرية، وآخر حاضل على دبلوم تجارة، بينما الأبن الأصغر في الصف الثالث الإعدادي، وبحسب شادية فقد أافقت مع زوجها على أن يساعدا بعضهما لتوفير متطلبات الحياة واحتيجات أولادهما.
النوبية التي نحت الزمان على وجهها فخرا استكملت«أقوم بتنظيم البيت علي أساس راتب زوجي والالتزامات الأخري التي يحتاجها البيت والأولاد أوفرها من عملي بالمشغولات اليدوية، حيث أعمل في المنزل وجمعية الغلالاب تقوم بتسويق المشغولات».
واستفاضت شادية النوبة أنه «علي مدار 30 عام كنت أقوم بعمل جمعيات لتأمين مستقبل أولادي وتعمير البيت من مرتب زوجي ومجهودي الذاتي، أصرف علي البيت والأولاد بالاتفاق مع زوجي وحاليا نقوم بتجهيز ابنتنا الكبري».
وقالت ايضا «اشتغلت في منتجات الخوص، هي المهنة التي تعلمتها عن أمي وجدتي، وعندما سمعت بأن جمعية "الغلالاب" تقوم بتسويق المشغولات اليدوية انضممت اليها منذ 25 عام وتطورت في العمل إلي أن وصلت إلي مدربة أقوم بتدريب السيدات بالجمعية».
«دخلي في اليوم من 30 إلي 40 جنيه واشتغل المقطف «الشبر» وطورت من الخوص وبدأت في عمل شنط ومحافظ للسيدات حيث وصل سعر الشنطة المطورة إلي 80 جنيه».. هكذا استطردت السيدة المسنة قبل أن تستكمل« طورت من شغل الشنط الخوص بإضافة الخرز بالطابع النوبي الأصيل وفي كل عام ابدع بفكرة جديدة لشغل الخوص وهناك اقبال شديد علي المشغولات اليدوية النوبية من المصريين والسائحين الأجانب لما تتميز به هذه المشغولات بالأصالة».
وعن كيفية تنظيم وقتها بين متطلبات المنزل وتربية الأولاد وبين العمل في المشغولات اليدوية قالت شادية: «الأولوية لاحتياجات المنزل حيث قمت بعمل برنامج لنفسي من الساعة الخامسة فجرا لأذان الظهر أكون ملتزمة بأعمال المنزل حيث استيقظ من النوم الخامسة فجرا وأقوم بتأدية صلاة الفجر وأبدأ في تحضير طعام الأفطار وسندوتشات المدرسة للأولاد وبعد خروجهم للمدرسة أبدأ في تنظيف المنزل وأعد طعام الغداء وبعد رجوع الاولاد من المدرسة يأكلوا طعام الغداء وأبدأ انا في العمل في المشغولات وأشتغل حوالي 5 ساعات يوميا».
وعن طريقة عملها للمشغولات اليدوية من الخوص قالت إنه بعد تجميع الخوص من النخيل تقوم بصبغه بألوان من عند العطار عن طريق غلي الماء وإضافة اللون إليه ووضع الخوص بالإناء الذي يحتوي علي الماء المغلي الملون وأقوم بعد ذلك بنشره ليجف وقبل بدء الشغل أقوم بنقعه في الماء الساخن لكي يطري ويسهل تشكيله ثم تقوم بعمل ضفيرة طويلة واختيار الألوان في كل ضفيرة مع اختيار شكل جديد للضفيرة في كل مرة وبعد الأنتهاء من عمل الضفيرة تقوم بتقفليها إلي مقطف "الشبر" ثم تقوم بالتطوير وتقفليها إلي شنط ومحافظ للسيدات وذلك علي حسب الطلبية،.. هنا انهت شادية حديثها لكن بقيت قصة كفاحها مستمرة.
نقلا عن العدد الورقي