العلاقات المصرية السودانية.. "بدأت بالتبادل التجاري ووصلت للتعاون العسكري"

صورة تعبيرية

عرفت العلاقات المصرية السودانية بالإخوة منذ الحضارة المصرية القديمة، حيث بدأت العلاقات الثنائية بالتبادل التجاري، بعد أن قام الملك مينا بتوحيد القطربين الشمالي والجنوبي، وأهتم الفراعنة حينها باستيراد العاج والصندل والعطور والبهارات من السودان.

ومن هنا زادت العلاقات المصرية السودانية تعمقًا حتي وصلت إلى علاقات المصاهرة والزواج فيما بينهم، ولم تتوقف نوعية العلاقات بين البلدين على التجارة والزواج فقط، بل كان للجانب العسكري دورًا هو الأخر في علاقات التعاون وظهر ذلك من خلال اعتماد الملك "أحمس الأول" على عناصر من الجيش السوداني لمساندة مصر في طرد الهكسوس من البلاد، حيث قام بدمج عدد كبير من عناصر الجيش السوداني للجيش المصري وتلقوا معهم التدريبات العسكرية لإنهاء الاحتلال عن مصر، وبالفعل نجحت القوات المصرية بمساعدة السودانيين في طرد الهكسوس من مصر.

لكن لم يستمر الأمر طويلًا بين مصر والسودان، وبدأت العلاقات المصرية السودانية في توتر بعد أن جاء الاستعمار الإنجليزى للمنطقة وقام بتطبيق سياسة "فرق تسد" حينما وجد الدولة المصرية هي أكبر دولة في المنطقة وحدودها تجعلها دولة قوية، فسعي لتقسيم الدول من حولها، وبالرغم من أن هناك عدد من الدول العربية تسببت قوات الاحتلال من تفرقتها عن مصر مثل أعطاء فلسطين لاسرائيل بوعد بولفر، الا أن العلاقات المصرية السودانية المتينة ظلت صامدة في وجه كل من حاول تفكيكها، وهذا ما جهل الجهات التي إنهاء علاقة مصر بالسودان تخلق الفتن والأخبار الكاذبة بين البلدين كخطة بديلة لتفرقتهم.

ولكن بالرغم من كل هذه المحاولات التي تهدف لانهيار علاقة الود والتعاون بين مصر والسودان، مازالت البلدين تجاهد لاستمرار هذه العلاقات، وكان أخر تأكيد لعلاقات التعاون هو الرسالة التي تسلمها الرئيس عبد الفتاح السيسي، اثناء لقائه بـ طه عثمان الحسين وزير الدولة السودانى ومدير مكتب الرئيس البشير، شهر مارس الماضي، وأكدت الرسالة على استمرار العلاقات الأخوية بين البلدين، والعمل على تقوية اوجه التعاون المشترك.

وشهد العام الماضي تعاون كبير على مستوي البلدين في مجالات التجارة والتعليم والزراعة والفنون الشعبية، وظهرت أواصل التعاون على مستوي الفن في نوفمبر الماضي حينما قدمت الفرقة القومية للفنون الشعبية عرضًا مشتركًا مع فرقة فنون شعبية من السودان وأريتريا وإثيوبيا، بحضور رسمي وشعبي كبير، وخلال نفس الشهر بحث الجانبان المصري والسوداني سبل التعاون بين جامعة القاهرة ووزارة التعليم العالي في دولة جنوب السودان في المجالات التعليمية وزيادة فرص التحاق طلاب من جنوب السودان بجامعة القاهرة، وكذلك تسهيل الزيارات الطلابية للتدريب، وعبر يين قاي لام توت، الوزير السوداني، عن تقديره لجامعة القاهرة، لما توليه من اهتمام تجاه طلاب جنوب السودان.

أما على مستوي التجارة فقد أكد المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة، في اكتوير الماضي إن العلاقات المصرية السودانية تعد نموذجًا ناجحًا للتعاون بين الأشقاء القائم على تحقيق المصلحة المشتركة لكلا البلدين، مشيرًا إلى أهمية دعم هذا التعاون من خلال الوصول إلى صيغ مشتركة لدفع العلاقات المشتركة إلى آفاق أوسع في جميع المستويات وعلى مختلف الأصعدة، وذلك عندما ترأس الوزير للجانب المصري في اجتماعات اللجنة القطاعية المصرية السودانية المشتركة والتي استضفتها القاهرة لمدة 3 أيام.

وفي سبتمبر الماضي أكدت السودان على أهمية التكامل بين الشركة السودانية المصرية لمشروعات الري والإنشاءات والشركة السودانية المصرية للتكامل الزراعى، لدعم الأمن الغذائي بين البلدين، وتوفير المنتجات الغذائية للمناطق التي تعاني من ندرتها في إطار تحقيق الامن الغذائي لمصر والسودان ضمن اتفاق البلدين على زراعة 100 ألف فدان في منطقة الدمازين كمرحلة أولي ضمن خطة طموحة تستهدف الدولتان الوصول بالمساحات المنزرعة ضمن المساحات المخصصة للشركة المصرية السودانية للتكامل إلى مليون فدان.

ولم تتوقف أوجه التعاون المشترك بين البلدين، حيث شهد الجانب الديني على سبل تعاون مشترك بين البلدين، حيث استقبل الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية في مارس 2016، الدكتور حسن عباس، رئيس جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان، والوفد المرافق له، لبحث سبل تعزيز التعاون الديني بين دار الإفتاء والجامعة، والتى أكد المفتى خلالها على عمق العلاقات المصرية السودانية التي تمتد إلى مئات السنين، والتي أثمرت عن تعاون مستمر في مختلف المجالات.

وقامت مصر باستيراد 105 الآف رأس ماشية من السودان في سبتمبر 2015، في ظل وجود تفاهمات في طرق الدفع وتوسيع التبادل وأيضًا عمل تحالف إستراتيجي وصناعات مشتركة، بالإضافة لنقل الخبرات المصرية وتدريب وتأهيل للجانب السوداني في مجال قطاع التجارة الداخلية وإدارة المخزون الاستراتيجي والخبز والسلع التموينية وحماية المستهلك، حسبما ذكر الدكتور خالد حنفي، وزير التموين والتجارة الداخلية.

وفي إبريل من نفس العام وصل وفد رفيع المستوي من جنوب السودان يضم قادة أركان الجيش الشعبي والمخابرات قادمًا من جوبا، في زيارة لمصر استغرقت عدة أيام، وتم خلالها بحث سبل دعم علاقات التعاون بين مصر وجنوب السودان فى كافة المجالات خاصة المجال العسكري والأمنى للبلاد.

وفي سياق متصل قال هاني رسلان، رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، في تصريح خاص لـ "أهل مصر" أن العلاقات السودانية المصرية بدأت علاقات تعاونية قوية من الجانبين في العديد من المجالات، ولكن ما يحدث من الجانب السوداني في الفترة الأخيرة أضعف القوة التي قامت عليها هذه العلاقة.

وأوضح أنه من الصعب إعادة العلاقات المصرية السودانية إلى سابق عهدها، نتيجة لما تجده الدولة المصرية من أخبار كاذبة وإهانات من الجانب السودانى الذي يتخذ سياسات عدائية من مصر، بالإضافة إلى التشويه بسمعة مصر والهجوم الإعلامي عليها بدون وجه حق، مشيرًا أن السودان الأن تتخذ تحركات سياسية ضد مصر من خلال الإعلان عن تحالف أمني عسكري مع اثيوبيا، والتحرشات التي تصدر من السودان في موضوع حلايب وشلاتين، والتعمد لاطلاق الاشاعات الاكاذيب لتسميم فكر الرأى العام السوداني اتجاه مصر.

وأشار أن مصر لا يصدر منها رد فعل اتجاه كل ما اقدمت عليه الدولة السودانية، لأنها مجرد ممارسات رخيصة ودعاية للإرهاب الهارب من مصر، والسبب الاساسي في عداء السودان على مصر يرجع إلى أن النظام السوداني هو نظام انقلاب عسكري تابع للإخوان المسلمين عام 1989، وهذا هو سبب الهجوم على مصر.

ومن جانبه، قال الدكتور عبد الله الأشعل، خبير العلاقات الدولية، ومساعد وزير الخارجية الأسبق، أن السودان اختارت أن تعاقد مع دول أخري بديل عن تعاونها مع مصر، موضحًا أن ذلك ما هو إلا تحرش سوداني بمصر بدأ منذ فترة قصيرة، وذلك بسبب التوتر الذى يؤثر على علاقة الرئيس السيسي بنظيره البشير.

وأوضح أن كل من الرئيس المصري والسوداني يرفض إظهار التوتر في العلاقات، حتي لا تسوء الأمور أكثر من ذلك، مطالبًا الدولة المصرية والسودانية بضرورة ضبط النفس حتى يمكن للعلاقات المصرية السودانية النجأة من التوتر الذي يحدث.

وأضاف أن الحكومة السودانية سعت إلى قطع علاقات التعاون التجاري بينها وبين مصر، من خلال اخطار السودان لمصر بحظر استيراد الخضر والفواكه المصرية منذ العام الماضي، وأصدرت حظرًا جديدًا لبعض المصنوعات الغذائية المصرية خلال العام الحالي، لأسباب الشكوك في أن هذه المنتجات والمصنوعات الزراعية قد تكون مصابة بفيروسات خطرة لصحة الإنسان.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
الحكومة تقرر إلغاء تخصيص عدد من المناطق الصناعية.. وإعادتها إلى أصلها كـ أملاك خاصة