لطالما رفضت مؤسسة الأزهر الشريف، عبر مصادرها الرسمية، وكذلك علمائها الأجلاء، تكفير أعضاء تنظيم داعش الإرهابي، وعلى الرأس منهم الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، الأمر الذي مازال يتسبب في توجيه انتقادات للمؤسسة الدينية الأكبر في العالم.
وما بين ارتكاب الكبائر وممارسة الإجرام والإرهاب، تدور مواقف مؤسسة الأزهر وعلمائها من تنظيم داعش والتنظيمات التي على شاكلته، إلا أن بعض مشايخ الأزهرية الكبار، خالفوا هذه القاعدة، وصرّحوا بتكفير داعش، ونرصدّ آرائهم في التقرير التالي..
عمر هاشم
قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، بتاريخ 15 أبريل الجاري، إن المؤسسة ترفض تكفير أي إنسان يشهد أن لا إله إلا الله، موضحًا أن من يشهد بذلك وهو يستحل دماء المسلمين خرج من الإسلام.
أضاف هاشم، خلال حواره، اليوم السبت، ببرنامج "ساعة من مصر"، عبر فضائية "الغد العربي"، أن "الحكم بالكفر ليس على داعش وحدها، والقرآن الكريم قال (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، وخالدًا فيها تعني كافر، لأن الخلود لا يكون إلا للكافر".
وتابع: "الإنسان إذا ارتكب معصية، وهو معتقد أنه عصا ربه وتاب، تاب الله عليه، لكن حين يفعلها وهو معتقد أنها حلال، حين يقتل إنسانًا وهو يعتقد أن قتله حلال، حين إذًا لا يكون مسلمًا، من يستحل قتل الناس يخرج من دين الله".
الدكتور محمد زكيقال الدكتور محمد زكي، أمين عام لجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف، إن المشيخة ليست المسئولة وحدها عن الأزمة الراهنة، مؤكدًا أن الأزهر لا يدعي الكمال في أداء رسالته، لكنه يقوم بجهدِ كبير.وأضاف زكي، خلال مشاركته في برنامج "ساعة من مصر"، بتاريخ 14 أبريل الجاري، أن المنتحر يكون كافرًا إذا استحل ما يقوم به، مشدّدًا على أن الأزهر لا يحكم بالكفر إلا بضوبط وشروط. وردًا على سؤال "الذي فجّر نفسه بكنيسة طنطا أو الإسكندرية كافر أم لا؟"، قال: "إذا استحل كفر، إذا ظّن أن هذا العمل شرعيٌ ومأمورٌ به من سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا اعتقد هذا ومات عليه فقد كفر بما أنزل على النبي محمد".تابع: "الأزهر الشريف ليس في وسعه، أو في وسعِ أي أحد، أن يُكفر إنسانًا على وجه الأرض، إلا إذا كفر بالله ورسوله، أو بآيات الله، أو بما هو معلومٌ من الدين بالضرورة أو أنكره، أو أحل ما حرمه الله، أو حرم ما حله الله، ومن يفعل هذا فقد كفر، ومن لم يصل إلى هذه الضوابط فأمره إلى ربه".استكمل: "نقول في من يروع المواطنين، في من استباح دمائهم وأعراضهم، كما قال (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا)”.
سالم عبد الجليلقال الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، إنه لو كان النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، بيننا الآن، لظهر عليه الحزن الشديد، بعد وقوع تفجيرين بكنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية.أضاف عبد الجليل، عبر فضائية "المحور"، بتاريخ 10 أبريل الجاري، أن الإسلام بريء من الحوادث الإرهابية كافة، موضحًا أن الإنسانية لها كرامتها، وأكد أن "الدواعش ليسوا مسلمين لكنهم كفرة"، مستكملًا: "لا يقبل أي تشريع سماوي بانتهاك حرمة الإنسان المسالم، وهؤلاء أبعد ما يكونوا عن الإسلام".أوضح أن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، قال إن "المسلم من سلِم الناس من لسانه ويده"، مشيرًا إلى أن "من لم يسلم الناس من لسانه وهو يده فهو ليس مسلمًا".
عبد الغفار هلالقال الدكتور عبد الغفار هلال، العميد الأسبق لكلية اللغة العربية جامعة الأزهر، إن المسلمين والمسيحيين في مصر تربطهم علاقات طيبة ولن يعكر صفوها العمليات الإرهابية التى يقوم بها تنظيم داعش في سيناء، واصفًا أعضاء التنظيم بـ"الكفرة".وأضاف عبد الغفار هلال، في تصريحات له بفبراير الماضي: “العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مصر علاقة طيبة، هم يتوادون ويتبادلون الزيارات ويجامل بعضهم بعضًا في مناسبات الفرح والموت، ولم يشوه هذه العلاقة إلا مثل هؤلاء الداعشيين الذين خرجوا علينا باسم الإسلام، وهم كفرة، يجب محاربتهم والقضاء عليهم، واعتقد أن الوقيعة بين نسيج الأمة لن تفلح".تابع: "أعتقد أن أوروبا وأمريكا تستطيع أن تمنع داعش، لأنها هي التي جاءت بهؤلاء ومددهم بالسلاح، لتمزيق العالم العربي وتحويله إلى كيانات معزولة من أجل مصلحة إسرائيل، فهذه الدول تدعي أنهم أنصار الحرية والديمقراطية، وهم أعداء لهذه المبادئ، وهم يردون أن يحدثوا خللا في المجتمع الإسلامي بأن يقيعوا بين السنة والشيعة والمسلمين والمسيحيين من أجل أن يمزقوا وحدات الأوطان ويفرقوها".استكمل: “الدواعش أكثر من الكفار، وحد الحرابة المنصوص عليه في قوله تعالي (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، معناه أنه بغاة وخارجون عن الدين، وقطع اليد والأرجل من خلاف، هذا تمثيل لا يصنع مع الكافر عدو المسلم، وإنما يصنع مع من خرج على الكفر وهؤلاء متعددو الأنواع من الكفر".أحمد كريمةأكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن عناصر تنظيم داعش "كفرة فجرة ومرتدون عن الإسلام وخرجوا من الملة، بسبب تصرفاتهم وجرائمهم التي تخالف شرع الله وهدي رسوله الكرم".أضاف كريمة، في حوار أجراه مع "العربية"، بتاريخ 20 يوليو الماضي: “من المقرر شرعًا أن المسلم إذا استحل المحرم مثل الزنا والربا وإراقة الدماء وانتهاك العرض مع العلم والعمد والقصد فقد أقر الفقهاء بكفره وارتداده عن الدين وخروجه من الإسلام لأنه يرد الأمر على الله سبحانه وتعالى، والأصل في ذلك قوله تعالى (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ)، يضاف لذلك مخالفته لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من حمل علينا السلاح فليس منا)، وتأكيد رسول الله عليه الصلاة والسلام، على أن من يشق عصا الجماعة ويخرج عليها فهو كافر مرتد خارج عن ملة الإسلام، والإسلام نهى نهيًا قاطعًا عن التمثيل بالنفس البشرية بالحرق أو الغرق أو تعريض الأسرى للخطر والضرر، فالشرع يحث على الإحسان إليهم ففي معركة بدر كان كل مسلم صحابي جليل عنده واحد من الأسرى من كفار قريش يفضله على ما عنده من طعام وشراب".وردًا على سؤال "لماذا لا يكفرهم الأزهر؟"، قال: “لست مخولًا بالحديث عن الأزهر أو تبرير مواقفه فهذه قناعاته وأفكاره واختياراته، لكن المثير للدهشة أن ممارسات الدواعش والتنظيم الخاص بالإخوان من استحلال دماء المسلمين كلها تخالف الفقه الاسلامي فكيف فات على الأزهر ذلك، فالدواعش لا تنطبق عليهم شروط الحرابة، وهي إخافة الناس واستلاب أموالهم عنوة وليسوا بغاة يقاتلون في سبيل الوصول للحكم، إنما هم في واقع الأمر يقومون بإبادة جماعية لجميع الخلائق مسلمين ومسيحيين، ولم نشاهدهم يقاتلون من أجل فلسطين مثلا أو يواجهون المحتل الغاصب، ولذلك فهؤلاء الدواعش يجب دفعهم من باب الجهاد، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بذلك مصداقا لقوله (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم)، كما إنهم يعتبرون من الصوائل أي الصائل وهو المعتدي على نفس الغير أو عرضه أو ماله، فيجوز للمعتدى عليه أو المصول عليه رد ودفع ذلك الاعتداء حتى ولو أدى ذلك إلى قتل الصائل ويسميه الفقهاء بالدفاع الشرعي الخاص".شدّد على أن "من يتعرض للقتل على يد هذا التنظيم الإرهابي فهو شهيد، مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد)، إما من يقتل من عناصر داعش فعند إجماع أهل السنة فأمره مفوض إلى الله فلا نجزم بمصيرهم".