أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية أن نتيجة الاستفتاء الذي يجري في تركيا اليوم على 18 تعديلًا على الدستور، لن يمنع الرئيس رجب طيب أردوغان عن سعيه للحصول على كافة الصلاحيات التي يريدها.
وأوضحت الصحيفة أن أردوغان سوف يذهب إلى أبعد مكان للحصول على ما يريد، وإذا حرمته الصناديق مما يريد، فسوف يسعى إليه من خلال تمديد حالة الطوارئ لأجل غير مسمى.
وقالت الصحيفة إن النتائج الأولية للانتخابات أظهرت تقدم مؤيدو التعديلات على الدستور التركي على معارضيهم، بعد فرز 78% من بطاقات التصويت في استفتاء الذي من شأنه تغيير طبيعة النظام في تركيا ومنح منصب الرئيس المزيد من الصلاحيات.
حيث صوت 53.3% من الناخبين بنعم، في حين صوت 46.7% من الناخبين بلا وبهذا التصويت سيمنح النظام الرئاسي أردوغان مزيدًا من السلطة لتعيين القضاة والوزراء، والسيطرة على الميزانيات، بل سوف يسمح له أيضًا بالحكم لفترتين رئاسيتين جديدتين - حتى عام 2029 - مما سيحول تركيا إلى الاستبداد، ولكن حتى لو كان التصويت جاء بـ "لا"، لن يكفي لإنقاذ الجمهورية التركية من أضرار أردوغان.
كما يجوز لمجلس الوزراء الآن وضع مشاريع قوانين للموافقة عليها من قبل البرلمان، فقط من خلال التصويت بنعم أو لا، كما أن المحكمة الدستورية ليس لها اختصاص خلال هذه الفترة.
ولكن رغم السلطات الكثيرة التي في أيدي أردوغان، أصبحت تركيا أقل استقرارًا، حيث شهدت السنوات الأخيرة ارتفاعًا في العمليات الإرهابية، والاضطرابات الاجتماعية.
وخلال العامين الماضيين وحدهما، هزت سلسلة من التفجيرات جميع أنحاء البلد، ويعتقد أن الدولة الإسلامية داعش وراء العديد منها، وأعلن حزب العمال الكردستاني، مسؤوليته عن الآخرين.
ووفقًا للصحيفة زعم أردوغان في نوفمبر 2015 عن موجة العنفإن أحد أهم الرسائل هو أن تركيا يجب أن تحل هذه المسألة الدستورية فورًا، وتنقل السلطات التنفيذية إلى الرئيس هذا هو الطريق، وبذلك تركيا سوف تكون قادرة على هزيمة الإرهابيين.
ومنذ يوليو الماضي سجن أردوغان الصحفيين والمعارضين السياسيين، بما في ذلك "ديميرتاس" زعيم الحزب الديمقراطي الشعبي المؤيد للأكراد.
وخلال الأشهر القليلة الماضية قام الرئيس بإقالة أكثر من 100 ألف مسؤول عمومى من بينهم قضاة ومدعون عامون، وضباط شرطة، وموظفون مدنيون، ومدرسون، وعاملون بالجامعة لاتهامهم بالانتماء إلى فتح الله كولن الواعظ الذي يتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة، واعتقل أكثر من 45 ألف شخص.
وتقول الصحيفة تركيا اليوم معزولة بشكل متزايد، وخاصة من الغرب، وفي السنوات الأخيرة، اتهم أردوغان واشنطن وبروكسل بـ "المؤامرات القذرة" ضد تركيا.
هذا الاصطدام قد يردد صداه المسلمين المحافظين الذين يشعرون بالغربة عن الغرب، واستياء من تزايد الإسلاموفوبيا التي يرونها هناك.
ولن يكون من المستغرب إذا كان هؤلاء السكان يتوقعون أن تكون النتيجة "نعم" في الاستفتاء الدستوري.
ولكن إذا كان الناخبون اختاروا "لا"، فلن يتم ردع أردوغان، رئيس تركيا شخص مقاتل، وسوف يذهب إلى أبعد مكان للحصول على ما يريد.
ولمواجهة الهزيمة في صناديق الاقتراع، من المرجح أن يشتد في حربه ضد الأكراد، مما يجعله يبدو وكأنه المدافع عن اﻷمة، ومن شأن هذه الخطوة أن تساعده على كسب التأييد بين الناخبين القوميين، كما أنه إذا حرم مما يريد عن طريق التعديل الدستوري، سوف يسعى إليه من خلال تمديد حالة الطوارئ - ربما حتى لأجل غير مسمى.
ورأت الصحيفة أن الديمقراطية لن تأتي بسهولة إلى تركيا تأسست الجمهورية التركية عام 1923، ولم تجر أول انتخابات متعددة الأحزاب حتى عام 1946، حتى أن العدد القليل من الحكومات التي أدارت البلاد، لم يلتزم أي منها بسيادة القانون، وساهم الجيش في غياب الديمقراطي عن تركيا، وفي عام 1960 و1971 و1980 و1997 قام الجيش بالاستيلاء على السلطة من الحكومات.
وفي عام 2006 بدأ أردوغان الحديث عن ضرورة انتقال تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي "مثل أمريكا".
ورأى الكثيرون أنها خطوة أخرى ضد الجيش، الذي كان يعتبر منذ فترة طويلة حامي "العلمانية التركية"، وهو ما عارضه أردوغان.
وفي عام 2010، قدمت حكومة أردوغان عدة مئات من الضباط إلى المحكمة بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة، وأدين أكثر من 200 منهم.