كشفت الأزمة الأخيرة التي لحقت بمشيخة الأزهر الشريف والتي اشتعلت بعد الانفجارات الأخيرة التي شهدت عدد من الكنائس المسيحية، عن مدي التناقض الذي يعيشه قادة جماعات الإسلام السياسي، فكانوا في السابق وبالتحديد بعد نجاح ثورة 30 يونيو يشعلون الهجوم علي الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب، لحضوره البيان التاريخي الذي أقاه الفريق أول عبد الفتاح السيسي وقتها.
وزادة حد الاتهامات للمشيخة عقب فض اعتصام رابعة العدوية علاوة على محاولتها ضمن مساعي الإسلاميين لشغل دور المؤسسة الدينية عقب الثورة. فقد وصف البيان الأخير للجماعة الإسلامية منتقدو الأزهر بـ"الوجوه القبيحة" التي تسعى لفتح باب الفتن.
فجاء نص البيان:" لقد خرجت بعض الأصوات والأقلام لتفتح أبواب الفتن التي يحاول المخلصون من أبناء هذا الوطن وأدها وغلق أبوابها، وذلك في تزامن مريب تتفق فيه ألسنة دعاة الفتنة في الداخل مع هجمة غربية شرسة على ديننا الحنيف تكشف عن وجوه قبيحة لا همّ لها إلا تشويه صورة الإسلام والطعن في ثوابته العظيمة ناسية أو متناسية فضل الإسلام وعلمائه على الدنيا بأسرها طيلة قرون طوال".
من ناحيتها بدأت اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، في تدشين حملات علي مواقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك" و"تويتر" للدفاع عن الهجوم الذي يشنه البعض علي مشيخة الأزهر الشريف. وفي الوقت نفسه قامت قنوات الإخوان التي تبث من قطر وتركيا، في دعم الدكتور أحمد الطيب واستمرار المؤسسة في عملها، حيث قال عمرو دراج في تصريحات عبر احدي القنوات الإخوانية، إن الضرب في مؤسسة الأزهر، هو طعن في علماء الامة الذين سبقوا العالم أجمع، في ريادته لعلوم الدين.
وخرج أيضًا مجموعة من علماء ومشايخ الإخوان عبر قناة الجزيرة القطرية، وعلي رأسهم محمد الصغير الداعية الإخواني، والذي أكد علي أن الهجوم علي الأزهر هو هدم للإسلام الوسطي، ولفت إلي أن الحملة التي يتحملها الأزهر الأن هي أجندات خارجية لا يمكن القبول بها، كما دعا علماء العالم كله بمساندة شيخ الأزهر.
بينما خرج الدكتور محمود شعبان أحد علماء الأزهر والقريب من جماعة الاخوان، عبر قناة الجزيرة وشن هجومًا شرسًا علي جميع من انتقد الأزهر وأكد علي أن "الحرب علي الأزهر هي الأن "استكمال للحرب علي الإسلام"، كما أنه أكد علي أن الأزهر بدء في تدريس الشيعة في عهد الفاطميين ولكن تحول بعد ذلك ليصبح رائد العلوم السنية في العالم أجمع.
واستكمالًا لتلون الإسلاميين تناسي الدعوة السلفية في مصر، موقفها الماضي من الأزهر والهجوم المستمر عليه، وعاد المهندس عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية، ليدافع عنه بقوله: "إننا أمام حالة أشبه بحال مَن يرى أن أمثل حل لوجود بعض الأطعمة الفاسدة في الأسواق هو أن يمنع بيع الطعام أصلًا، أو مَن يرى أن العلاج الأمثل لظاهرة استعمال بعض الأدوية كمخدراتٍ أن نمنع هذه الأدوية تمامًا رغم حاجة الناس إليها! بل يزيد على هذا المطالَبة بحرق الكتب التي تبيِّن طرق تصنيع ذلك الدواء، ومحاكمة الأطباء الذين يصفونه على نحو صحيح، ومحاكمة الأساتذة الذين يُعَلِّمونهم!".
وعن موقف الدعوة السلفية من الأزهر والدفاع عنه مع اختلافنا معه يقول الشحات: إن هذا الدور الذي تؤديه الدعوة لا يلزم منه التطابق في كل المناهج التي يدرسها الأزهر، فمثلًا: إذا كان "الأزهر" يدرس المذهب الأشعري في الاعتقاد؛ إلا أن شيخَه يقرر أن "مذهب أهل الحديث" أحد مذاهب "أهل السُّنة والجماعة".
وفي تعليقه يقول أحمد النجار: "الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن موقف الجماعة الإسلامية من الأزهر في الوقت الحالي، يتعلق بقضية تجديد الخطاب، وهو ملف سيحتاج لجهود ووقت وإجراءات ممتدة وسيتخلله جدل ونقاشات وأخذ ورد، موضحًا أن تجديد الخطاب الديني سيتسبب في بعض الخلافات بين الأطراف التي تساهم فيه ومن ضمنها الأزهر؛ نظرًا لأن القضية تعالج إرث ثقيل، ولذلك ربما تحاول الجماعة الإسلامية الظهور في الصورة.
وأكد في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أن تلك الخلافات تظل في اطارها الوطني وتحت سقف المصلحة العامة المشتركة وهذا وارد ومتوقع، مبينًّا أن هناك أطراف تحاول النفخ فيه وتصعيده على خلفية وهم أن يصطف الأزهر معها في مواجهة الدولة وهذا بعيد تمامًا عن الواقع ولا وجود له سوى في أوهام تلك التنظيمات.