بعد أن اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حياتنا بكل نواحيها، وأصبحت تمثل جزءًا هامًا في حياتنا اليومية، فتدخلت هذه المواقع وعلى رأسها "فيس بوك" في أمورنا السياسية والأخلاقية والاقتصادية، ولم ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل وصل إلى المساعدة في اختيار شريك الحياة.
وانتشرت في الآونة الأخيرة الكثير من المواقع التي تقوم بدور "الخاطبة" التي عرفت في حياة الكثير من الأجيال السابقة، ليتحول الأمر من مجرد امرأة كبيرة في السن تعرف صفات فتيان وفتيات من يعيش معها في نفس المنطقة والمناطق المجاورة، تساعد في تزويجهم أو كما يقال "توفق راسين في الحلال"، إلى موقع على الانترنت يزوره الآلاف من متصفحي "فيس بوك" ويسجلون بيناتهم في سبيل الحصول على شريك الحياة مناسب لهم.
وانتشرت هذه المواقع بشكل كبير، ويلجأ لها فئات عمرية مختلفة وليس فقط من أصبح جاهز لتحمل مسئولية بيت وأسرة، بل أن هناك شبابًا وبناتًا لم يكملوا سن الـ20 سنة، متقدمين بطلب في مواقع الزواج، وهناك رجال تخطو الـ60 عامَا يسجلون أيضًا طلبًا للحصول على عروسة مناسبة.
ولم تقتصر مواقع الزواج على الزواج الشرعي فقط، بل هناك مواقع للزواج المسيار والزواج العرفي وزواج المتعة، ويتصفح الشباب والبنات مواقع الزواج غير الشرعي بكل جرأة للبحث عن شريك الحياة، غير مهتمين بكيفية حدوث هذا الزواج، وأنه حرام شرعًا ولا يثبت حق الأنثى فيما بعد.
ومن أبرز مواقع الخاطبة الإلكترونية، موقع "عبير الخاطبة " الذي تخطى عدد المشتركين به 12 ألف مشترك، وموقع "نفسي اتجوز صح" الذي اشترك به أكثر من 62 ألف مشترك، وعلى الجانب الآخر "Look for marry" موقع زواج إسلامي باللغة العربية
وصل عدد مشتركيه إلى 25 ألف مشترك، ورفعت الكثير من مواقع الزواج لافتة "الخدمة لدينا مجانية"، وأنهم لا يسعون إلى أخذ مقابل في المساعدة للحصول على شريك الحياة.
ولم تتوقف مواقع الزواج على تزويج المصريين فقط بل هناك مواقع خاصة بتزويج السوريات بالشباب المصري من زواج شرعي إلى عرفي ومتعة، ولم تقتصر مواقع الزواج على المسلمين فقط، بل أن هناك مواقع زواج خاصة بالمسحيين، منهم موقع "زواج مسيحي" وهو أول موقع الإلكتروني عربي لتزويج المسحيين.
وهناك أيضا مواقع تزويج ذوي الاحتياجات الخاصة، منهم صفحة "زواج ذوي الاحتياجات الخاصة"، لكنه لم يسجل إعجابًا كبيرًا من جانب جمهور "فيس بوك".
ومن أضرار هذه المواقع، أنها لا تراعي الخصوصية، فبمجرد دخولك عليها ستشاهد بيانات كل المتقدمين بطلب للحصول على شريك الحياة، وهذا يعد خطورة كبيرة على مستخدمين مواقع الزواج نظرًا لإتاحة بياناتهم الشخصية من اسم وعنوان ورقم التليفون إلى الجمهور العام.
وكتجربة عملية إذا تقدمت بطلب شريك الحياة على إحدى مواقع الزواج، يجب عليك أن تملأ استمارة تحتوي على اسئلة بخصوص بيناتك الشخصية والمرتب الذي تتقاضيه شهريًا والعنوان وإذا كنت تملك مكانًا للزواج أم لا، والسؤال الغريب هو هل تريد الإنجاب بعد الزواج أم لا، هذا بجانب سؤال عن الطول، الوزن، لون العين، البشرة، الشعر وإمكانية تعدد الزوجات والسيارة ومستوى التدين، وفي مواقع الزواج الإسلامية تجد تحت بند مستوى التدين ملتحي أو لا ومنقبة أو محجبة.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور سيف رجب قزامل، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بطنطا، في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أن التعرف على شريك الحياة بنية الزواج من خلال مواقع الزواج الإلكترونية ليس حرامًا في حالة معرفة الأهل واتمام الزواج تبعًا للشريعة الإسلامية، مؤكدًا على ضروه تدخل الأهل في معرفة ما يجرى داخل موقع الزواج الإلكترونية، وانه لا زواج صحيح إلا بوجود والي الأمر والشهود.
وأشار أن الزواج العرفي محرمًا في الشريعة الإسلامية، وبالتالي لا تعتبر المواقع التي تدعم هذا النوع من الزواج مواقع محترمة أو يجوز وضعها في إطار الزواج الحلال، لأنها تخالف شروط الزواج الصحيح، أما مواقع زواج المتعة فما هي إلا مواقع تحرض على الزنا تحت مسمى الزواج، موضحًا أن زواج المتعة منتشر بين الشيعة وحرمه الدين الإسلامي.
واتفق معه الدكتور محمد عبد العاطي، رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية التربية جامعة الأزهر، في تصريح خاص لـ"أهل مصر" أن موقع الزواج الشرعي ليس حرامًا الزواج من خلاله طالما أن الزواج مكتمل الأركان، من إيجاب وقبول وحضور ولي الأمر وشاهدين، ولكن هناك تلاعب ممكن أن يحدث داخل هذه المواقع فيمكن إلا تكون بالجدية المطلوبة في الزواج، أو أن تكون معلومات الزوجين غير صحيحة.
وأكد أن استخدام الانترنت في الزواج ليس به مانع طالما أن الزواج سيتم تبعًا للشريعة الاسلامية وغير ذلك يعتبر حرام شرعًا، والزواج المسيار والعرفي والمتعة محرمة لانها لا يتم فيها موفقة ولي الأمر والشهود والأشهار.
وأكد أن الصعوبات التي يواجها الشباب في الزواج وطلب يد فتاة هي سبب رئيسي في بحث الشباب عن الزواج بهذه الطريقة التي تقلل من شأنها وتجعلهم يرتكبون الزنا والمعاصي، مطالبًا أولياء الأمور بتسهيل أمور الزواج في حالة أن المتقدم يتمتع بالخلق الطيب وتحمل المسئولية.