في تصاعد ملحوظ بين الأزهر والأوقاف، واستمرار الخلاف الدائر بينهما، تغيب الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، عن حضور احتفالية وزارة الأوقاف، بذكرى ليلة الإسراء والمعراج، التي نظمتها أمس السبت بمسجد الإمام الحسين بالقاهرة.
ولم يُنيب الإمام الأكبر، أي مسؤول بالأزهر للحضور بدلا عنه، وخلت الاحتفالية تمامًا من أي ممثل للأزهر الشريف، إلا أنه حضر الاحتفالية، الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، والمهندس عاطف عبدالحميد محافظ القاهرة، والدكتور هشام عرفات وزير النقل، والدكتور هشام الشريف وزير التنمية المحلية.
كان الدكتور محمد مختار جمعة، قد عين وزيرا للأوقاف في 17 يوليو 2013، بتوصية من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وقبل أن تظهر النزاعات المتبادلة بين الطرفين، عين الأمام الطيب الدكتور مختار جمعة، عضوًا في مكتبه الفني، بعد أن كان عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية.
الخلافات بين المؤسستين، بدأت منذ 2015، عندما رفض الأزهر تعيين جمعة رئيسًا لجامعة الأزهر، كما استبعده من عضوية مكتبه الفني، مرورًا بإعتذار هيئة كبار العلماء التابعة للأزهر، بالإجماع، عن المشاركة في لجان "المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية"، التابعة للأوقاف، وحتى وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، بإقالة عدد كبير من قيادات الأزهر من المجلس، وعلى رأسهم وكيل الأزهر، عباس شومان، ومستشار شيخ الأزهر، محمد مهنا، وأستاذ الفقه المقارن أحمد كريمة، وأستاذ الشريعة الإسلامية، سعد الدين الهلالي، بحجة أنهم مشغولون في بعض الأعمال الأخرى، وهذا يتعارض مع مصلحة المجلس.
كما حملت النزاعات وجهًا آخر، واشتدت الأزمة بعد إقرار الأوقاف بتوحيد خطبة الجمعة، وإلزام الأئمة بتقديم الخطبة عن طريق ورقة كتابية، وتطبيق عقوبة تأديبية للمخالفين، إلا أنها فشلت بسبب، نظرا لاحتجاج أئمة وزارة الأوقاف أنفسهم على القرار،، فضلا عن دخولها في صراع حاد مع الأزهر الشريف، بسبب احتجاج الأخير على القرار، وتبادل الطرفين الاتهامات، مؤكدا تأثيرها السلبي على مستقبل الدعوة، إلى جانب إصدار تعليماته باجتماع موسع لهيئة كبار العلماء رفضوا فيه بالإجماع الخطبة المكتوبة.
وتجددت النزاعات بين الطرفين، فحرص وزير الأوقاف على اتهام شيخ الأزهر بدعم أخونة المشيخة، وتقريب مستشارين له ينتمون لجماعة الإخوان، وفى مقدمتهم حسن الشافعي ومحمد عمارة وآخرون، الأمر الذي كلفه خسارة المكتب الفني للشيخ، وإقصاء "شومان" عن عضوية مجلس إدارة الحسين، ثم تجدد الصراع بينهما في الخطبة المكتوبة منتصف العام الجاري، كما حرصت المؤستين في 2015، على التجاهل التام لحضور مؤتمرات كل منهما، لعل أبرزها مؤتمر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية حول عظمة الإسلام وأخطاء بعض المنتسبين إليه، الذي اعتذر شيخ الأزهر عن عدم حضوره بداعي المرض.
صراعات الأزهر والأوقاف أثرت بشكل كبير على جهودهما في تجديد الخطاب الديني، والتي لم تتضح حتى وقتنا هذا، فضلا عن بسبب انشغال المؤسستين بالصراعات الداخلية تارة، والخارجية مع مؤسسات الدولة، منها مجلس النواب، ووسائل الإعلام تارة أخرى، الأمر الذي جعل رسالة الرئيس الواضحة والمتكررة، على هامش اهتمامات المؤسستين.
يذكر أن تباين موقف الأزهر والأوقاف من السلفيين، حيث أعلن وزير الأوقاف منع صعود غير الأزهريين أو حاملي التصريحات للمنابر، ووضع اختبارات وصفها نائب رئيس الدعوة ياسر برهامي بالمقصودة والموجهة لإقصائهم، مما جعلهم يتجهون إلى لقاء شيخ الأزهر بمقر المشيخة والسفر إلى السعودية من أجل الضغط على الوزير، الأمر الذي أسفر عن صعودهم للمنابر مرة أخرى فيما عرف بصفقة السلفية التي مكنت "برهامي ومخيون" من الخطابة، شريطة التجديد الشهري لتصريح الخطابة الممنوح لهم.