في رحاب السيدة يجتمع الآلاف المؤلفة من أغلب طوائف الشعب المصري، لإحياء ذكرى مولد السيدة زينب، والذي تحل علينا غدا الثلاثاء، الليلة الختامية، والتي يسبقها أيام من الإحتفالات، فتجد من يأتي ليسكب همومه على عتبات آل البيت ويظل يطوف حول مقام السيدة، منشداً بعض أشعار الصوفية وكلمة "مدد" لا تفارق لسانه، وسيدات جئن ليبحن بأسرارهن لأم العواجز.
تظهر مشاهد الإحتفال جليا، في توافد حشود من الرجال والنساء والأطفال متجهة إلى حي السيدة، وتظل تلك الحشود الكبيرة ساهرة رغم إنشغالاتهم المختلفة حتى الفجر، وسط الأنوار الزاهية، للإستمتاع بالمولد الكبير لبطلة كربلاء.. زينب أخت شهيد الإسلام الخالد الحسين بن علي".
"مدد يا أم العواجز".. "مدد ياطاهرة".. كلمات وأشعار ووجوه مستبشرة تجد ضالتها كل عام في الإحتفال بمولد السيدة، ففي الليلة الختامية لمولد السيدة زينب، بنت بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يعيش المصريون أجواء احتفالية روحانية، تمتزج فيها كل الفنون الشعبية في مشهد كرنفالي، يفيض بالذكر، والدعاء، والإنشاد، والطواف، والتبرك، والنفحات.
الإحتفال بالموالد في مصر يرجع إلى العصر الفاطمى، حيث كان للخلفاء الفاطميين أعياد ومواسم على مدار العام، وهى مواسم "رأس السنة، وأول العام، ويوم عاشوراء، ومولد النبى- صلى الله عليه وسلم"، حيث بدأت فكرة بدأت الفكرة بالاجتماع وأكل الطعام وتعليق الزينات وإظهار الفرح والسرور، فى مثل هذه المناسبات.
ويرى البعض أن الاهتمام الشديد لدى المصريين بتلك الأعياد الدينية، ما هو إلا ميراث مصرى قديم يضرب بجذوره فى عمق التاريخ المصرى الذى شهد اهتمامًا بإقامة طقوس وتقاليد دقيقة، سواء فى أعياد "جلوس الملك على العرش، وعيد مولده، وعيد الحصاد، وعيد وفاء النيل"، ومن ثم ورث المصريون من أجدادهم ذلك الاهتمام بطقوس الاحتفالات الدينية فيما بعد.
السيدة زينب حظت بكثير من الألقاء، منها زينب الكبرى، للفرق بينها وبين من سميت باسمها من أخواتها وكنيت بكنيتها، و "الحوراء" ، و "أم المصائب" حيث شاهدت مصيبة وفاة جدها محمد رسول الإسلام، ومصيبة وفاة اُمّها فاطمة الزهراء ومحنتها، ومصيبة قتل أبيها علي بن أبي طالب ومحنته، ومصيبة شهادة أخيها الحسن بن علي بالسمّ ومحنته، والمصيبة العظمى بقتل أخيها الحسين بن علي من مبتداها إلى منتهاها، وقتل ولداها عون ومحمد مع خالهما أمام عينها وحملت أسيرة من كربلاء إلى الكوفة وأدخلت على ابن زياد إلى مجلس الرجال وقابلها بما اقتضاه لؤم عنصره وخسة أصله من الكلام الخشن الموجع واظهار الشماتة وحملت أسيرة من الكوفة إلى الشام ورأس أخيها ورؤوس ولديها وأهل بيتها امامها على رؤوس الرماح طول الطريق حتى دخلوا دمشق على هذا الحال وادخلوا على يزيد في مجلس الرجال وهم مقرنون بالحبال، وكذلك سميت الغريبة، العالمة غير المعلمة، الطاهرة، السيدة.
كاميرا "أهل مصر" رصدت مظاهر احتفال المصريين بمولد السيدة زينب، وتوافد الحشود على حي السيدة، وشراء الأطفال البلونات المختلفة الأنواع، وانتشار البائعين، فضلا عن انتشار حلقات الصوفية، والاستماع إلى الأناشيد المختلفة، في مناخ يشوبه الود والحب والبهجة على الوجوه المستبشرة.