اعلان

صاحب صرخة " جواز عتريس من فؤادة باطل"

تحل يوم الخميس المقبل، 21 إبريل، الذكرى الأولى لوفاة "الخال"، الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي، الذي لا يعرف الكثيرون إسهاماته المهمة في مجال السينما وخاصة ككاتب سيناريو وحوار متميز للعديد من الأعمال الدرامية.

فلم تقتصر موهبة الأبنودي على كتابة الشعر والأغاني فقط بل تخطتها إلى السينما أيضا ..وقدم "الخال" في مسيرته عدداً من الإسهامات السينمائية، بعيدا عن كتابة الأغاني، حيث كتب السيناريو والحوار لفيلمين سينمائيين كما كتب مسلسلا تلفزيونيا.

صوت البوسطجي

والبداية كانت مع المخرج حسين كمال في فيلمه الثاني البوسطجي عام 1968، والذي كتبه للسينما صبري موسى عن قصة للأديب يحيى حقي، كان وقتها الأبنودي شاعرا شهيرا ، فقرر حسين كامال أن يستخدم أشعار الأبنودي وصوته في فيلمه ولكن سقط اسمه من تيترات الفيلم.

ويحكي الفيلم عن عباس البوسطجي (شكري سرحان) الذي ينقل حديثا من القاهرة الي قرية كوم النحل باسيوط ليعمل ناظرا لمكتب البريد. وهناك يعاني من جهل أهالي القرية وتزمتهم ومعاملتهم له بجفاء. ويشعر عباس بالحرمان العاطفي فيتفق مع غازيه القرية (سهير المرشدي) لزيارته ولكن أهل القرية الذين يتربصون به ومنهم خادمه بالمكتب (حسن مصطفي) يهاجمون المنزل ويطردون الغازيه ويضربونها ويفضحون عباس.

وبسبب الملل الذي يعيش فيه يقرر الانتقام من أهل القرية بان يتجسس علي رسائلهم ويعرف اسرارهم. وتلفت نظره رساله من فتاه تدعي جميله (زيزي مصطفى) الي حبيبها خليل (سيف عبد الرحمن)ويقرر متابعه قصتهم التي يعرف منها أن الفتاة حامل منه وانها تستنجد به ليأتي ليتزوجها. وبالفعل يتقدم خليل لوالدها (صلاح منصور) ليتزوج منها ولكنه يرفض لان الشاب رأي الفتاة وتعرف عليها عندما كانت تدرس بالمدرسة وهذا يتنافي مع التقاليد رغم أنه اغتصب خادمته وتسبب في قتلها.

تعترف الفتاة لامها (ناهد سمير)بانها حامل وتطلب مساعدتها وتذهب الي الدايه (إحسان شريف) لتجهضها ولكنها تكون قد سافرت ولا تجدها. وتصل رساله لها من خليل لانقاذها ولكن عباس يكون قد تسبب في تلفه فلم يسلمه لها. يعرف الأب أن ابنته حامل ويقرر قتلها ولكنها تهرب من البيت وتجري علي غير هدي يطاردها الأب ويمسك بها ويقتلها ويحملها علي يديه سائرا في أنحاء القرية وسط صريخ والدتها وذهول أهل القرية. يعرف عباس انها الفتاة التي كان يبحث عنها لتسليمها خطابا جديدا من خليل ولم يحضر أحد لاستلامه ويدرك انه كان السبب في قتلها لعدم تسلميها الخطاب فينهار ويمزق كل الرسائل التي كانت معه ويسير حزينا ويشعر انه القاتل الحقيقي المجهول.

لم يكن الأبنودي في البوسطجي مؤلفا أو شاعراً، بل أدى بصوته أحد الخطابات التي فتحها البوسطجي "عباس" شكري سرحان، أثناء انتقامه البطئ من أهل القرية، واختار كمال الخطاب الثالث من "جوابات الأسطى حراجي القط" والتي تعد واحدة من أشهر أعمال الأبنودي الشعرية، ليضمنها في فيلمه في إشارة إلى إن القرية أوسع من إدراك عباس وليس جميع أهلها كما يظن.

عتريس وفؤادة

أما اللقاء الحقيقي بين حسين كمال والأبنودي، فقد كان من خلال فيلمه المهم" شئ من الخوف" عام 1969، حيث شارك الأبنودي في كتابة الحوار مع المؤلف صبري عزت الذي كتب المعالجة السينمائية والسيناريو لقصة الأديب الكبير ثروت أباظة، ليقدم الأبنودي واحداً من أهم علامات السينما المصرية وأحد أجرأ الأفلام التي تناولت الأوضاع السياسية في مصر خلال العهد الناصري.

والفيلم الذي منع من العرض على الرغم إنه من إنتاج المؤسسة المصرية العامة للسينما، أي إنه إنتاج القطاع العام لجرأته ولاعتقاد الرقابة أن صناعه يشبهون عبدالناصر ورجاله بعتريس وعصابته، بعدها توجه حسين كمال بشكوى مباشرة للرئيس جمال عبدالناصر ، والذي طالب أن يشاهد الفيلم بنفسه وشاهده عبدالناصر أكثر من مرة حتى أمر بعرض الفيلم قائلا " انا لو كنت زي عتريس وبعمل زيه يبقى من حق الناس يقتلوني".

واشتهر الفيلم بالعبارة التي صاغها الأبنودي، ورددها أبطال الفيلم واهل القرية المقهورة " جواز عتريس من فؤادة باطل"، ويقول النقاد إنها كانت اللقطة الأشهر في تاريخ السينما المصرية، عندما أخذت حشود أبناء قرية الدهاشنة بقيادة الشيخ إبراهيم تتجمع حول بيت زعيم القرية "عتريس"، الطاغية المتجبر، الذي حكم قريته بالحديد والنار والظلم والقهر من خلال عصابة لئيمة فاسدة، وأخذت الجموع تهتف "جواز عتريس من فؤادة باطل". وذلك أن عتريس طلب الزواج من الفتاة فؤادة فرفضته، ثم أكرهت على الزواج بشهادة زور من شخصين قالا إنها موافقة، وبموافقة والدها الخائف الضعيف.

لكن الفتاة كانت صلبة الإرادة فمنعته من نفسها، وساعدت الفلاحين على سقي مزروعاتهم بعكس إرادته. وتدخل الشيخ إبراهيم ليقف إلى جانب الفتاة، فقام عتريس بقتل ابنه وبحرق مزروعاته، وبقمع كل من يعترضه، لكن الشيخ إبراهيم ازداد إصرارا وكسر حاجز الخوف، وقاد أبناء القرية لحصار بيت عتريس، لينتهي الفيلم بإنقاذ فؤادة واحتراق البيت واحتراق عتريس فيه.

الطوق والأسورة

وابتعد الأبنودي عن السينما لمدة تزيد عن 17 عاما ، قبل أن يعود مرة أخرى إلى السينما كمؤلف، ويقدم هذه المرة واحدة من أهم روايات صديقه الأديب الكبير الراحل يحيى الطاهر عبدالله ، حيث كتب الأبنودي سيناريو وحوار فيلم "الطوق والأسورة" عام 1986، من إخراج خيري بشارة.

والفيلم الذي تناول رواية الطاهر عبدالله، بكل أمانة وحرفية عالية على الرغم من تعاقب جيلين في الرواية، إلا أن الأبنودي لم يسقطهما بل أبزرهما وقدمهما بشكل جيد، جاء حواره كأبدع مايكون ليؤكد أن الشاعر إذا امتلك ناصية فن كتابة الحوار السينمائي فإنه يقدمه على أعلى مستوي.

وتدور أحداث الفيلم عام 1933 في قرية الكرنك بالأقصر، حيث تعيش "حزينة" مع زوجها بخيت البشارى المشلول والمصاب بالسل، وابنتهما فهيمة، التي تأمل أن يعود ابنها مصطفى الغائب والذي نزح إلى السودان بحثًا عن لقمة العيش، ويتزوج الحداد الجبالى من فهيمة بعد وفاة أبيها، ولأنه عاجز جنسيًا فإنها تتأخر في الإنجاب فتلجأ أمها إلى المعبد ليباركها الشيخ هارون ويختلط الإيمان بالفساد، ويأتى الحل على يد حارس المعبد نفسه، وتنجب المولودة فرحانة التي لا يعترف بها الأب لعلمه بعجزه جنسيًا، تمرض فهيمه وتموت لعلاجها بشكل بدائي، تمر السنون وتسعى فرحانة الحفيدة مع جدتها حزينة لكسب قوتها.

تحمل فرحانة سفاحا، ويعود خالها مصطفى بعد سفره الطويل ويحاول تغيير مفاهيم أهل القرية دون جدوى، تموت فرحانة قتيلة على يد ابن عمتها.

أنشودة البرئ

ولم يتوقف إبداع الأبنودي عند كتابة السيناريوهات ، فقد شارك بأغانيه في عدد كبير من الأفلام "من بينها البرئ، ليله بكى فيها القمر، شئ من الخوف"، كما قدم الأغاني لعدد كبير من المسلسلات الدرامية منها "الرحيل، الكهف والوهم والحب، وذئاب الجبل، خالتي صفية والدير، على الزيبق، الفلاح، الدم والنار، شيخ العرب همام".

كما قدم الأبنودي للدراما التلفزيونية مسلسلا واحد كتب له الحوار وهو مسلسل "وادي الملوك" عام 2011 والمأخوذ عن رواية الأديب الكبير محمد المنسي قنديل وسيناريو محمد الحفناوي وإخراج حسني صالح.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً