اعلان

الاتفاق التاريخي بـ"توحيد المعمودية".. هل فرط البابا تواضروس في "إيمان الكنيسة الأرثوذكسية" لإنهاء 16 قرنا من الخلاف؟

كتب :

شهدت زيارة بابا الفاتيكان فرانسيس الأول إلى مصر، حدثا تاريخيا، إذ وقع مع الأنبا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أمس الجمعة، اتفاقا حول إعادة سر المعمودية.

الاتفاق الذي يحتوي على 12 بندًا، كان أبرز ما فيه هو "عدم إعادة سر المعمودية الذي تمَّ منحه ‏في كلٍّ من كنيستينا لأي شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى".

ويقضى الاتفاق باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى، حيث كانت الكنيسة المصرية لا تعترف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتلزم المسيحي الذي يتحول إليها من أي كنيسة أخرى بإعادة التعميد وفقا لطقوسها.

سر المعمودية

المعمودية هي أحد الأسرار الـ7 للكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، وتمثل طقس دخول الإنسان للمسيحية. وتعد اقتداء بمعمودية المسيح في نهر الأردن، ويتمثل طقسها في أن الآباء الكهنة يغطسون الأطفال 3 مرات داخل إناء ممتلئ بالماء مرددين باسم "الأب والابن والروح القدس"، يأتي ذلك بعد تلاوة الصلوات الخاصة بالمعمودية وهي "تقديس الماء، صلاة الشكر، قانون الإيمان، صلاة تطهير الأم"، ثم "الرشم بزيت الميرون المقدس"

ونشر سكرتير المجمع المقدس، الأنبا رفائيل، على صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" نص البيان الموقع، والذي جاء فيه: "طاعةً لعمل الروح القدس الذي يقدس الكنيسة ويحفظها عبر العصور ويقودها لتبلغ الوحدة الكاملة التي صلي المسيح من أجلها، نحن اليوم البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني كي نسعد قلب ربنا ومخلصنا يسوع المسيح وكذلك قلوب أبنائنا في الإيمان، نسعي جاهدين بضمير صالح نحو عدم إعادة سر المعمودية الممارس في كنيستينا للشخص الذي يريد الانضمام للكنيسة الأخرى حسب تعاليم الكتاب المقدس وإيمان المجامع المسكونية الثلاث في نيقية والقسطنطينية وأفسس. نطلب من الله الآب أن يقودنا في الأوقات وبالطرق التي يريدها الروح القدس إلي بلوغ الوحدة التامة لجسد المسيح السري."

كانت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تشترط تكرار سر المعمودية للمسيحيين الراغبين في الانضمام إليها من الكنائس الأخرى، باعتبارها لا تعترف بطقوس معموديته الأولى، حيث كان البابا الراحل شنودة الثالث يرى أنه "يجوز تعميد شخص مرة أخرى طالما لم يعمد بطقس أرثوذكسي".

16 قرنا من الانشقاق

يعد الاتفاق، خطوة غير مسبوقة بين الكنيسة الكاثوليكية في روما، وكنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية منذ الانشقاق الثانية في القرن الـ5، خلال فعاليات المجمع المسكوني في مدينة خلقدونية، عام 451م.

والمجمع المسكوني هو مجموعة من اللقاءات الكبيرة التي جمعت رؤساء وأساقفة الكنائس المسيحية حول العالم، لبحث "المشاكل التي تطرأ على الإيمان المسيحي من البدع". بدأ أول مجمع مسكوني في مدينة نيقية عام 325م، بحضور 318 أسقفاً.

ويضم المجمع المسكوني 7 لقاءات، تعترف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأول 3 منها، ولا تعترف بالبقية التي عقدت بعد انشقاقها.

معارضو الاتفاق

الاتفاق بين البابا تواضروس والبابا فرنسيس على عدم إعادة المعمودية لمن تعمد بإحدى الكنيستين ويريد الانضمام لأخرى، أثار جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الذين هاجموا الاتفاق ذكروا بالبابا شنودة الراحل شنودة الثالث، باعتباره "حامي إيمان الكنيسة الأرثوذكسية".

ومن جانبه، قال مينا أسعد كامل، مدرس اللاهوت الدفاعي بأحد المعاهد القبطية الأرثوذكسية: إن بيان سكرتارية المجمع المقدس حول المعمودية ينقصه الكثير من التوضيح والصيغة الأرثوذكسية الواضحة، منوهًا بأن تعليقه على البيان مجرد تساؤلات.

وأضاف أسعد: "البيان ينتهي بعبارة "جسد المسيح السري "وهو تعبير غير أرثوذكسي رد عليه قداسة البابا شنودة في كتابه بدع حديثة ص 109-110 وخاصة بارتباطه بالمعمودية؛ تساءل كيف يمر هذا البيان وهو يحمل مسمى خاطئا لاهوتيًا".

وأوضح: "السعي لقبول المعمودية حلمًا للجميع واشتهاء قلب المسيح ووصيته، لكن بالحوار المنفتح اللاهوتي كما تسلمنا فأتساءل ما طرق هذا السعي التي سيتم التوقيع عليها هل هي حوار لاهوتي أو سعي بجدول زمني مثلا؟".

وأكد أن الجميع يخضعون للمجامع المسكونية الثلاثة "مجمع نيقية ومجمع القسطنطينية ومجمع أفسس"، وتسأل ما يخص قانون الإيمان النيقاوي الأرثوذكسي "الروح القدس المنبثق من الأب" والذي غيره الكاثوليك إلى "المنبثق من الآب والابن" فيما بعد وكما هو معروف فإن المعمودية بعد الإيمان بقانونه فهل يعني توقيع بابا الفاتيكان أنه تنازل عن إضافة الفيلوكيا الكاثوليكية.

واستطرد "هل يعني البيان أننا عدنا إلى ما قبل مجمع نيقية وتراجع بابا الفاتيكان عن طوماس لأون وباقي العقائد المبتدعة التي ظهرت لاحقا".

وأضاف: "لن أكون سببا في عثرة أحد مؤقتا في باقي تساؤلاتي والتي يعلمها جيدا كاتب البيان مع كامل احترامي وخضوعي ومحبتي وبنوتي للمجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية".

الأمر محل دراسة

وحسب "هافنجتون بوست"، فإن الأنبا مرقس أسقف مدينة شبرا الخيمة، الذي كان مسؤولاً عن لجنة الإعلام داخل المجمع المقدس، قال إنه "لم يتم الاتفاق على عدم إعادة المعمودية بين الكنيستين"، مضيفاً "إنما نسعى لذلك، أي أن الأمر مازال محل دراسة"، وتابع: "للأسف من يتكلم لم يقرأ ولم يدرس البيان، ولم يقرأ بعد".

وعما يشير إليه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بأن هناك أساقفة أقباطاً يرفضون هذا الاتفاق قال إن "المعترضين لم يقرأوا، وحين قرأوا عرفوا الحقيقة".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً