أصدرت حركة «حماس» الفلسطينية وثيقة سياسية جديدة، خلت من الدعوة لتدمير إسرائيل وتضمنت فك ارتباط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين، وبحسب البنود المسربة من وثيقتها الجديدة، تؤيد «حماس» إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 دون الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود.
وفي المقابل، اعتبرت إسرائيل ان «حماس» تحاول أن تخدع العالم بإصدار وثيقتها الجديدة. وقال دافيد كيز المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي «حماس تحاول خداع العالم لكنها لن تنجح"، وأضاف «يبنون أنفاقا للإرهاب وأطلقوا آلاف الصواريخ على مدنيين إسرائيليين. هذه هي حماس الحقيقية".
وتهدف حماس من خلال الوثيقة التي تحمل اسم «وثيقة المبادئ والسياسات العامة»، إلى استدراك بعض البنود، التي وردت في ميثاقها الأول الصادر عام 1988، غداة تأسيسها.
وبحسب مراقبين، فإن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين علاقات «حماس» مع الدول العربية ومصر، فضلا عن الدول الغربية التي يصنف كثير منها الحركة كمنظمة إرهابية.
وينص البند الأول في الوثيقة الجديدة، على أن حماس «حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية بمرجعية إسلامية، وهدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيوني"، ويختلف هذا النص عن نظيره الذي ورد في ميثاق الحركة، والذي يقول بوضوح إن الحركة جناح من جماعة الإخوان المسلمين.
أما البند الآخر، المثير للاهتمام في وثيقة حماس الجديدة، فيتحدث عن قبول الحركة لإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، لكن البند ذاته، يشدد على رفض التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين التاريخية.
وينص البند على أنه: «لا تنازل عن أي جزء من أرض فلسطين التاريخية، ومع ذلك - وبما لا يعني إطلاقا الاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا التنازل عن أي من الحقوق الفلسطينية - فإن حماس تعتبر أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس، على خطوط الرابع من يونيو 1967، مع عودة اللاجئين والنازحين إلى منازلهم التي أخرجوا منها، هي صيغة توافقية وطنية مشتركة». كما تؤكد حماس في الوثيقة بشكل واضح، على أنها لا تعادي اليهود بسبب ديانتهم، بل لاحتلالهم «أرض فلسطين".
من جانبه يقول الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن وثيقة حماس لم تكن إلا وسيلة "انتحار" للمقاومة الفلسطينية، وتنم عن حدوث مفاوضات سرية غير معلنة، مشيرا إلى أن أهم بنود الوثيقة اللافتة هي تأييد إقامة دولة فلسطينية على حدود 67، وهو ماكنت ترفضه الحركة منذ سنوات طويلة تمتد إلى عهد الزعيم الراحل أنور السادات، مؤكدا أن التغير الذي طرأ على الساحة الفلسطينية هو اتخاذ لمسار سياسي لكسب ود الدول العربية.
وتابع فهمي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن الوثيقة الجديدة تعطي دلالات عدة، وهي الرغبة في عودة علاقتها مع مصر بشكل أكبر من السابق، إلى جانب التخلي عن الإخوان المسلمين وإعلانها عدم وجود أي علاقة تربط الحركة بالتنظيم، مشيرا إلى أن توقيت الوثيقة الجديدة يثير تساؤولات عدة خاصة أنه يأتى بعد الحكم بالإعدام على أحد قيادات الإخوان أمس.
يقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن الوثيقة الجديدة التي أصرتها حركة حماس تنم على متغيرات بالجملة تشدها المقاومة الفلسطينية، مستائلًا "لماذ أعلنت حماس الآن تأييدها لتأسيس دولة فلسطينية في ظل رفضها أراء السادات منذ سنوات طويلة عن ابرام مثل هذا الاتفاق؟"، مؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد متغيرات كثيفة في الأوضاع الفلسطينية وخريطة عمل المقاومة، وربما تجرى جلسات سرية بين الحركة ومؤسسات دولية في إطار موسع.
وقال الخبير العسكري جمال مظلوم، أن إعلان حماس رفضها التام لإقامة دولة فلسطينية في سيناء، يتوافق مع الموقف المصري والنفي الذي أعلنت عنه القيادة السياسية في مصر بعد تررد الشائعات حول إمكانية توطين الفلسطنيين في مصر، مشيرا إلى أن الفترة المقلبة ربما تشهد مشاورات بين الحركة ومصر في إطار مكافحة ومناهضة الجماعات الإرهابية في سيناء.
وفي تصريحات صحفية له، يقول الدكتور سعد الدين إبراهيم، الخبير السياسي، ومدير مركز ابن خلدون، أن جماعة الإخوان المسلمين أصبحت عبأ كبيرًا على فروعها في 65 دولة، وحركة حماس فرع من هذه الفروع، بعد أن كانت سندًا لفروعها بعد 25يناير حتى 30يونيو التي أطاحت بالجماعة من حكم مصر، مما أدى إلى لجوء حماس لإخراج وثيقة حماس الجديدة لتنفصل عن الإخوان خلال هذه الفترة.
وأضاف الخبير السياسي، أن العقوبات التي فرضتها مصر وبعض الدول على جماعة الإخوان المسلمين أثرت على حركة حماس ماديًا وسياسيًا في الداخل والخارج، وخاصة النظام المصري الذي أوقف جميع الإمدادات الغذائية والكهربائية لقطاع غزة، والتي أدت إلى موجة غضب من أهالي غزة على الحركة خلال الآونة الأخيرة، فلجأت حماس إلى تغيير سياستها تجاه العالم وخاصة النظام المصري.
وأوضح الخبير السياسي أن هناك عيوبًا ومميزات وراء انفصال حماس عن الجماعة، أبرز هذه العيوب، أن النظام المصري نجح في التضييق على الإخوان، بجانب اتجاه بعض الدول إلى إعلان جماعة الإخوان جماعة إرهابية، وهو ما يسعى إليه النظام منذ توليه مقاليد الحكم، فضلًا عن حالة الضعف التي تعيشها الجماعة بعد خروجها من حكم مصر، والتي أدت إلى انهيارها في جميع دول العالم.