في ذكري ميلاد الإمام محمد متولي الشعراوي، يجب أن نشير إلى البصمة التي تركها في عالم السياسة، خاصة فيما يخص زعماء مصر.
كان "الشعراوي" دائمًا ما يردد، "أن مقولة لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة، مقولة باطلة وغير صحيحة، والذين يقولون ذلك يريدون أنْ يجعلوا لأنفسهم سلطة زمنية تخضع لأهوائهم ليفعلوا ما يريدون.. لقد تعمدوا عدم الارتباط بمنهج السماء في إدارة شئون الأرض، لأن منهج السماء يقيد حركتهم، ونسُوا أنه أيضًا يقيد حركة المحكومين لمصالحهم".
كان للإمام الراحل "الشيخ الشعراوي" موقفًا شهيرًا مع الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، حيث قال له بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا: «أنا لن أنافقك وأنا أقف على عتبة دنياي، إن كنت قدرنا نسأل الله أن يعيننا عليك وإن كنا نحن قدرك نسأل الله أن يعينك علينا».
أما الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، فكان قريبًا من الشيخ الشعراوي، حيث أثَّر الشعراوي في تعميق مفاهيم الدين عند الرئيس السادات، ويذكر الدكتور محمود جامع أن الرئيس السادات عاهد الشيخ الشعراوي في منزله، وهو واضع رأسه في حجره والدموع في عينيه، وقال: "أشهد الله أن أحفظ لهذا البلد إسلامه وأزهره، وأن أحميه من الشيوعية ومن الإلحاد، وأن أنذر نفسي لذلك، وأن أرفع الظلم عن كل مظلوم، وأن أفرج كربة كل مسجون وكل سياسي، وأن أعيد الحق إلى نصابه، وأن أسعى للحكم بدين الله وشريعته الإسلامية، وبالفعل حاول السادات أن يفعل شيئًا، فكان أقرب الحكام إلى الدين"، على حد تعبيره.
ولعب الشعراوي دورًا كبيرًا في تهيئة المناخ لحرب أكتوبر 1973، وقد أرسله السادات إلى الملك فيصل لإقناعه باستخدام سلاح البترول في الحرب، وذلك لأن الشعراوي كان العالم الأقرب إلى قلب الملك فيصل وعقله وروحه، وكان يرى أنه أفضل حاكم إسلامي في القرن.
كما كان الشعراوي وزيرًا للأوقاف وقتها، وحدث بينه وبين السيدة جيهان السادات العديد من المواقف كانت سببًا فى زيادة المشاكل مع الراحل أنور السادات، حينما دعت الشعراوي لإلقاء محاضرة على مجموعة من سيدات الروتاري في مصر الجديدة، فاشترط عليها أن يكن جميعًا محجبات.
السيدة جيهان وافقت على طلب الشيخ الشعراوي، ولكنه حين ذهب وجدهن غير ذلك، فغادر القاعة غاضبًا، وكان هذا بداية الخلاف بين الشعراوي والسادات.
كما كان السادات له موقف آخر خاص مع الشعراوي حيث أنه رفض طلب بعض المسئولين الإسرائيليين حول منع الشعراوي من الحديث في التليفزيون، لأنه كان يتحدث عن آيات الجهاد بشكل مفصل، وهو أمر أثار حساسية، لكن السادات لم يقم بتنفيذه.
وعلي العكس تأتي علاقة الشعراوي والرئيس الراحل جمال عبد الناصر خلافا شديدًا، حيث كان غير راضٍ عما فعله عبد الناصر بمؤسسة الأزهر التي كان يراها لا بد أن تكون جامعة لدراسة العلوم الدينية فقط، رافضا دراسة أي علوم مدنية، ولكن ما حدث أنه في عهد عبد الناصر تقرر تدريس الطب والهندسة.
وظل الشيخ على رأيه وقناعاته، إلا أنه ذات يوم رأى رؤيا قال عنها: "لقد أتاني عبد الناصر في المنام، ومعه صبي صغير وفتاة؛ الصبي يمسك بمسطرة والفتاة بسماعة طبيب، ويقول لي ألم يكن لدي حق أيها الشيخ، فقلت بلى أصبت أنت وأخطأت أنا".