"استشهد ضابطان وأمين شرطة وأصيب خمسة آخرون، في هجوم مسلح على كمين شرطة بالطريق الدائري"، قرأها موريس سمير، على أحد المواقع الإلكترونية، كخبر عادي، قبل أن تضربه الفاجعة في الفقرة الثانية: "وأوضحت الداخلية، في بيان رسمي، أن الحادث أسفر عن استشهاد كل من النقيب محمد عادل وهبة السيد من قوة إدارة تأمين الطرق بمديرية أمن القاهرة، النقيب أيمن حاتم عبد الحميد رفعت من قوة مباحث قسم شرطة عين شمس، أمين الشرطة شعبان محمد عبد الحميد من قوة إدارة تأمين الطرق بمديرية أمن القاهرة، وكذا إصابة 5 من رجال الشرطة تم نقل الجثامين والمصابين للمستشفى".
مات صديق عمره الذي لازمه طيلة سنوات حياته الثلاثين، دون رغبتنا، كما كان يتمنى دائما، إنه الشهيد محمد وهبة ابن الطيار الحربي عادل وهبة، الذي يقول عنه صاحبه "المسيحي": "إحنا مع بعض من ابتدائي.. كان حاجة حلوة قوي في حياتي.. محمد جواه إنسان حقيقي.. لا تتخيل إزاي كان زعلان وموجوع على شهداء الكنيستين وإزاي كلمني عشان العزاء".
وأضاف "موريس": "محمد شاعر وكان بيكتب قصائد وأغاني، وبعد أحداث الكنيستين كتبلي أغنية، قال فيها: "ماحدش هيعرف يفرق ما بينا"، وكمان شكر ربنا على "مسيحيين مصر".
وقبل نحو 3 أسابيع، نشر "شاعر الكمين" قصيدة عبر حسابه على "فيسبوك"، قال إنها تمثل موقف حقيقي عاشه مع صديقه "موريس"، وجاء فيها: "مرضيش ياكل لأنه صايم.. رمضان بطوله.. مش هو، ده صاحبه المسيحي.. مزلعش من علو الأذان.. في الليل بطوله.. مش هو، ده صاحبه المسيحي.. مرضيش يقوله عيد سعيد.. وقفت في زوره..مش موريس ده قلب ضَلمه..نسي ان اللي عرفله رب..في قلبه نوره..شايل معاه دايمًا محبه..الصَدَقه كلمه وهي حكمه.. قالها رسوله.. ودي نصيحه أخوه المسيحي".
يروي الصديق بأسى: "كان منتظر اللحظة دي طول الوقت، بيتكلم إنه نفسه يموت شهيد، دايما يبرز النقطة دي (يا ريت أطول إني أبقى شهيد).
"كان يتأهب للقاء ربه، ولم يترك فرضا لم يؤده في وقته"، يواصل موريس: "كان بييجي البيت عندي يصلي.. جالي الشغل الأسبوع اللي فات وصلى برضه.. مابيسبش فرض".
"محمد خريج أكاديمية الشرطة دفعة 2007، وعمره ما غاب أو اتأخر عن خدمته.. كان مثال للالتزام وعشان كده رؤساؤه كانوا بيسندوا ليه مهام أكثر وأكثر.. وهو اتنقل في محافظات كذا سنة.. وكان مرشح للانضمام للأمن الوطني"، قال موريس بينما يتذكر تلك الفترة التي كسرت فيها يد أغلى أصدقائه، بينما كان ينقذ امرأة تتعرض للخطف، وهو ما نجح فيه.
وعن حياته الخاصة، قال موريس، إن "الشهيد" كان محبا للحياة دائم الابتسام قريب الصلة بربه، وهو ابن لطيار حربي، وله من الأخوة ثلاثة، جميعهم في وظائف مدنية، وليس متزوجا وإن كان هناك قصة ارتباط قتلها غدر الإرهاب قبل أن تبدأ في الواقع".
واختتم: "طوال فترة خدمته وقبل ذلك، لم يرفع يده على أحد ولم يسب أحدا.. محمد كان بيكنس الكمين بإيده وميكلفش العساكر.. هو إنسان بما تحمله الكلمة من كل المعاني الجميلة، وكنت أقول له إنت إزاي ضابط شرطة".