بعد اتهامه بالردة من قبل رئيس جامعة الأزهر.. هل يلحق إسلام البحيري بمصير فرج فودة؟

في واقعة جديدة لم يتوقع أحد أن يفعلها قادة الأزهر الشريف خاصة بعد إعلانهم مرارًا وتكرارًا، أن من شيم الأزهر عدم تكفير أحد، وهذا كان الرد الأساسي للإجابة علي أي سؤال حول لماذا لم يكفر الأزهر داعش، إلا أن الدكتور أحمد حسني طه، رئيس جامعة الأزهر، كان له رأي أخر ولكن بعيدًا عن التنظيمات الإرهابية، من خلال وصفه للباحث إسلام البحيري، بأنه مرتد لأنه ينكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة.

وقال طه في برنامج "المصري أفندي 360 " المذاع، عبر قناة "القاهرة والناس": "إن بحيري قام بالهجوم على المذاهب الإسلامية الأربعة، من هو فى هؤلاء الذين وضعوا قواعد الفقه الإسلامي؟ ويضاف الى ذلك أنه ينكر ما هو معلوم من الدين وبالتالي فإن ذلك يعد خروجا عن الملة "، مضيفًا: "بحيري كان لديه تأثير كبير على من لا يعرفون حقيقة الدين ولذلك فهو أخطر من تنظيم داعش الإرهابي".

وبهذه الفتوي يعيد إلي الأذهان الفتوي، ما حدث للكاتب الصحفي فرج فودة، والذي أحل دمه بسبب فتوي أصدرها مجموعة من التيارات المختلفة علي راسها، الشيخ الأزهري عبدالغفار عزيز الذى تولى عمادة كلية الدعوة الإسلامية بالمنوفية، حيث أعلنها صريحة بتكفير فرج فودة الكاتب الصحفي.

كذلك شاركه في الفتوي الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن، لم يمر سوي أسبوع علي فتوي تكفيره وتم اغتيال "فودة" في 8 يونيو عام 1992.

فتوى عبدالرحمن أشارت إلى أنه لا إثم شرعي يقع بقتله، وعند التحقيق مع القاتل سأله المحقق: ليه قتلت فرج فودة؟ فرد المتهم: لأنه كافر، فسأله المحقق: من أي كتاب من كتبه عرفت إنه كافر؟ فرد القاتل: أنا ماقريتش كتبه، فسأله: إزاي؟ فرد: أنا ما بعرفش لا أقرا ولا أكتب، أنا نفذت فتوى الشيخ عمر عبدالرحمن.

وبهذه الفتاوي انطلق الرصاصات تجاه صدر الكاتب الصحفي وأسالت دمائه في شوارع القاهرة أمام مكتبه، وهنا يتبادر إلي الأذهان هل يلحق "البحيري بنفس مصير فرج فودة، رغم الاختلافات الكبرى في الأفكار والتي يمتلكها كل طرف "البحيري" ليس لديه حجه ولكنه يحاول الزج والخناقات عبر شاشات التليفزيون.

الاختلاف هنا يقع بين "البحيري" وفودة، في أن "فودة" دأب على فضح شعارات التيارات الدينية، التي تعتمد الصيغ السحرية للكلام المؤثر، الذي فقد فعاليته التاريخية.

فقابل أيقوناتهم المقدسة مثل "الإسلام هو الحل" أو "تطبيق الشريعة يستدعي حلًا فوريًا لمشاكل الدولة"، بمجموعة من الأسئلة المحددة، عبر مراجعة جادة لفصول التاريخ الإسلامي وفهم آلية الحكم والعدل والتغيير، وتداول السلطة ومدى تحققهما.

فيوضح أن الإسلام النص، لم يضع شروطًا للبيعة، ولم يحدد آلياتها ومتى يجددها الرعية للحاكم، كما أن الإسلام كعقيدة لم يؤصل لنظام حكم محدد، وإذا عرجنا على الإسلام التاريخي الذي مارسه المسلمون بعد وفاة الرسول، فقد اقترفه بشر غير معصومين من الخطأ والزلل، وهنا يقف على مسافة فاصلة بين الدين في إطاره التعبدي والإيماني والآخر سياسي وتاريخي دنيوي.

أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة الدكتور أحمد عبد الظاهر، قال في تصريحات صحفية، إن الفتوى في الأساس اجتهاد شرعي في أمور الدين، يبغى به التيسير من حال المسلمين ولا تجوز في غير موضعها، خاصة لو ارتبطت بأمور سياسية.

وأوضح عبد الظاهر، أنها في تلك الحالة تخرج عن مفهوم الفتوى وتستوجب المساءلة القانونية حسب قانون العقوبات ونص المادة 171 التي تشير أن كل من حرض واحدا أو أكثر على ارتكاب جناية أو جنحة بقول أو بفعل أو بكتابة يعد شريكا في فعلها، وهو ما ينطبق على عمر عبدالرحمن الذي توفي منذ أيام في سجون أمريكا.

بينما رفض الكاتب الصحفي الدكتور خالد منتصر، التعليق علي الفتاوي التي تسببت في قتل الداعين للتجديد تحت أسمع وأعيان الدول، مكتفيًا بأسلوبه الساخر بقوله: " ايه الحلاوة دي والاعتدال ده ؟؟!! الحمد لله علي نعمة الوسطية الأزهرية !!!".

من ناحيتهم رفض علماء الأزهر الشريف التعليق علي الفتوي التي أصدرها رئيس الجامعة، معللين سبب الرفض بانها خطأ وقع فيه رئيس الجامعة دون قصد.

ولم يمر ساعات قليلة إلا أن خرج الدكتور أحمد حسني القائم بأعمال رئيس جامعة الأزهر، مرة أخري لتقديم الاعتذار، عما بدر منه أمس، من اعتبار لإسلام بحيري تحت حكم المرتدين لإنكاره معلوم من الدين بهجومه علي الائمة الأربعة.

وقال حسني في بيان له، اعتذار وتوضيح إن الرجوع إلى الحق فضيلة، واستبصار الصواب أولى من الإصرار على الخطأ، وإنه من واجبنا تجاه ديننا ومجتمعنا ووطننا أن نحرص على إيصال الحقيقة كاملة حتى لو صدر منا ما يجانبها، إن تبين لنا هذا الخطأ.

وتابع: إنني كنت قد شاركت ضيفا في برنامج ( المصري أفندي 360) الذي يذاع على قناة القاهرة والناس، ووجه لي المحاور سؤالا عن أحد مقدمي البرامج الذي يتناول بعض القضايا الدينية، وعلماء المذاهب وتراث الأمة بالنقد والتجريح.

ثم تبين لي بعد المراجعة أن الرد الذي رددته كان خاطئا تماما، فرأيت أنه من باب الأمانة والموضوعية، أن هذا الرد الذي صدر مني في البرنامج غير صحيح، وهو يخالف منهج الأزهر الشريف، الذي يقضي أنه لا يخرج المرء من الإسلام إلا جحد ما أدخله فيه، مؤكدًا أنه قد استعجلت في الرد على هذا السؤال بما ظهر منه أنني أحكم علي الشخص -وهذا تجاوز لا يعبر عن منهج الأزهر أبدا -، وهو ما أدركت لاحقا أنني وقعت فيه دون قصد، لأن الحكم علي الأشخاص وعلي أفعالهم وأقوالهم وسلوكهم هو اختصاص القضاء وليس العلماء.

وأختتم: أعتذر عن هذا الرد الخاطئ المتسرع وغير المقصود، وأؤكد أنه خطأ شخصي لا يمثل أي أي جهة من جهات الأزهر الشريف، ولا يعبر عن منهجه.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً