شباب يبحث عن مصدر رزق بعد أن ضاقت بهم سبل الحصول على لقمة العيش، ومنهم من جفت مراعيهم واضطروا إلي بيع أغنامهم ليأمنوا فرص عمل ولكنها محفوفة بالمخاطر فمنهم من يهلك في رحلة الموت بحثا عن حفنة من الذهب في جبال وادي العلاقي بمحافظة أسوان ومنهم من يحالفه الحظ فينال مبتغاه ويفوز بحصته التي يقتسمها مع زملاءه والتي تكفي لإعالة أولاده لفترة من الزمن ومنهم من يحقق حلمه في الثراء.
قال محمد فتح الله عبد الراضي، إنه خاض تجربة الدهابة لمدة 8 أشهر في منطقة العلاقي بمحافظة أسوان حيث رأى منظر طبيعية خلابة دمرتها الأيدي البشرية باللورد والحفر.
ومناطق الذهب في العلاقي "المنجريات" يوجد به كامب كامل، قديم للإنجليز يضم مباني ومخازن للمياه ومنجم تحت الأرض يتكون من 5 أدوار وكل دور به سكة حديد ويحتوي الدور الأخير على مياه.
ويوجد منطقة "زرزارة " بالعلاقي ويسكنها البشارية والعبابدة وفي منطقة العلاقي تنتشر خيام الدهابة في كل مكان.
تجهيز "الكاله"
يستخدم الدهابة في رحلتهم إلي العلاقي سيارة دفع رباعي بها مجموعة من 5 إلي 7 أشخاص ويأخذون معهم مستلزمات الخيمة التي يسكنوا فيها في منطقة العلاقي ويطلق عليها "الكالة" بلغة البشارية والعبابدة وتضم "الكالة" الخيمة من فرش وبطاطين ومن 6 إلي 7 أنابيب وشعلة و10 جراكن مياه و2 بنزين ومولد كهرباء و2 دقاق وجهاز تكنس وجهاز جي بي ومقاطف وسلبة "الحبل " وونش ومعدات للحفر وتجهيزات طعام ومعلبات وعدس وفول ومكرونة وصلصة والزوادة.
حياة الدهابة في رحلة البحث عن الذهب
ويقوم البشارية والعبابدة بعمل العصيدة وهي عبارة عن دقيق وماء وتدميس الفول بعد إشعال فضلات الجمال.
ويقوم الدهابة من البشارية والعبابدة بخبز العيش حيث يقوموا بدفن الخبز بعد عجنه في الرمل ويوضع فوق الرمل الفحم المشتعل لمدة 10 دقائق ويقوموا بعدها بإخراج الخبز ويكون بدون أي رمل أما قبيلة الأعقاب تقوم بعمل خبز السناسن علي الدوكة ومنهم من ياخذ معه خروف أو نعجة ويقومون بالذبح والسلخ وشوي اللحم والباقي يقومون بتعليقه في الشمس لكي تكون صالحة لمدة 4 أيام.
والذهب يكون في عروق "مرو" ونقوم بعملية تنسيم عينة "للمرو" وهي عبارة عن طحن المرو بعد وضعه في طبق ونبدأ بالتنسيم بالماء وبعد ذلك نتخلص من التراب واذا كانت العينة تحتوي علي الذهب يرسوا في أسفل الطبق لأن الذهب أثقل.
ودائما "المرو" يكون في نصف الجبل ونبدأ العمل دائما فوق الجبل بعد تحديد مكان العينة بالمجس ونبدأ الحفر بالدقاق مسافة متر في 2 متر ويعمل الدهابة السودانيين "بالأجنة والشاكوش".
وتابع بعد الحفر على عمق يستطيع أن يقف فيه الرجل يتم تركيب الونش ويوضع به البكارة وينزل الرجل علي "السلبة"ويقوم بتنضيف عروق المرو من الصخور والحجر ويتم الفصل في الحفرة رفع الصخور بالمقطف ويعبأ في شكاير ويذهب بها إلي المطحن وهناك من الدهابة من يقوم بإنشاء مطحن بالعلاقي ومنهم يذهب به إلي مطاحن بالمحافظة لافتا إلي إنه إذا وجد ذهب صافي يرفع من الحفرة لوحده.
وأضاف يتم إدخال "المرو" داخل المطحن وتتم عملية فصل الذهب عن المرو عن طريق الماء والزئبق.
ويتم بيع الذهب ولأن الذهب غير مسكوك يتم شراءه من الدهابة الكيلو ب240 ألف جنيه في حين أن سعر الكيلو ب600 ألف جنيه.
وقال بأن الدهابة السودانيون يقومون، ببيع الذهب من خلال مستثمر موجود "بكالة" في العلاقي يقوم بشراء الذهب وتحويل المال لأهالي السودانيين في بلادهم عن طريق الموبيل تفاديا لمخاطر التعرض لإطلاق النار عليهم من قوات حرس الحدود أو القبض عليهم ومصادرة الذهب مشيرا إلي أن الحساب بينهم يكون لصاحب السيارة الثلث والثلث لصاحب أجهزة الكشف والثلث لباقي الأشخاص "بالكالة".
ويضيف بأن كل شخص له مهمة معينة الونش يقف عليه شخصان وواحد لشد السلبة، وآخر يحمل المقطف وفي الحفرة شخصان وشخص علي الدقاق وأخر للتنظيف وتجهيز الطعام وخبز العيش.
والسائق يجب أن يكون محترف لأن سائق الأسفلت غير سائق الرمل ويجب أن يكون معه دليل لمعرفته بالدروب في الصحراء.
ويقول المهندس طارق محمود خيري، "جيولوجي" علي المعاش بهيئة الثروة المعدنية، إن منطقة وادي العلاقي غنية جدا ولم تستغل الاستغلال الأمثل حتي الأن وبها نسبة عالية من الذهب حيث يوجد بها جنايا يتم استخراج الذهب منها بال 5 كيلو في المرة الواحدة.
وعن الدهابة قال إن عمل الدهابة في العلاقي بدأ بعد الثورة في ظل غياب الأمن وتجاهل الأنظمة الحكومية وكانت قبل الثورة منسية ولا يعلم أحد عنها شيء وبدأت تنتشر الدهابة وتستخرج الذهب بالفعل.
وأشار إلي أن الدهابة، تمكنوا من استخراج الذهب من أماكن لم تكن هيئة الثروة المعدنية تعلم عنه شيء وبدأو في تكوين ثروات لافتا إلي أن تجار في الصاغة يقوموا بشراء هذا الذهب ويدمغوه بأسماءهم.
وأوضح بأن التنقيب عن الذهب انتشر على مجال واسع وأخذ صورة روتينية لدرجة أن قرية العدوة بادفو يطلق عليها مدينة إنتاج الذهب حيث انتشرت فيها طواحين التي تستخدم في طحن "المرو" لاستخراج خام الذهب ويقوم الدهابة باستيراد هذه الطواحين من الصين والتي تصل تكلفتها من 45 ألف جنيه إلي 50 ألف جنيه.