يتوافد المئات على مدينة قنا، للاحتفال بمولد العارف بالله سيدي عبدالرحيم القنائي، في ليلة النصف من شعبان الجاري حيث يكتسى مقام القنائي بالورود والزينة والأنوار والبخور كما ينتشر الباعة الجائلون وبائعو الحلوي وألعاب الأطفال على جانبي الطريق بمدخل ساحة ومحطيط القنائي.
عادات اختفت
وهناك عدد من العادات التي اشتهر بها أهالي قنا منها خروج "التوب" في موكب يحضره عدد من أبناء الطرق الصوفية إلا أن هذا الأمر اختفى بسبب إجراءات أمنية، حيث شهدت مشاجرات مسلحة بين أبناء أحد القبائل بسبب خروج كل منهم "التوب" وأسفرت عن عدد من الضحايا والمصابين، وهو مادفع بعض أبناء الطرق إلى عمل مايسمي بهيكل التوب بأن يخرج مجموعة من أبناء الطرق حاملين هيكل يشبه الكعبة يرددون خلال مسيرتهم هتافات عديدة منها "أسد الصعيد ياقناوي، ولا الله إلا الله محمد رسول الله".
كشف ضياء قللي العلقاوي المؤرخ والباحث في علم الانساب بمحافظة قنا، عن وثائق ومدونات تؤرخ للاحتفال بمولد عبدالرحيم القنائي عبر الندوات الشعرية والدينية من مختلف المحافظات على مستوى الصعيد والتي كان يتباري فيها المبدعون في خيام كانت تقام بجوار ضريح القنائي.
وأضاف القللي،: كانت هناك ألعاب الفروسية وسميت "المرماح" التي وكانت تنظم بين أبناء الصعيد فضلًا عن لعبة التحطيب، وكانت خروج نقيب سيدي عبدالرحيم القنائي على ظهر حصان يتم بشكل يومي من ميدان النصاري بشارع النقيب حتى يصل إلى ميدان القنائي يرتدي زي مميز وبجواره عمدة بندر قنا وتخرج النساء لإلقاء الحلوي وإطلاق الزغاريد فرحًا.
وتابع: كان هناك أيضا كرنفال للحرف اليدوية والتراثية يتم خلاله استعراض على عربات صغيرة تجرها الخيول ومثيلاتها في إيطاليا حاليًا، وكانت قنا ومازالت تشتهر بفخار ايوضع في عدة اشكال لاستعراض أهم المنتجات الخاصة بالمحافظة ويرتدي منتجوه زي خاص، وهناك طوائف وأصحاب مهن أخرى كانوا يخروجون بادواتهم في هذا الاستعراض الجميل، الذي كان يجوب مدينة قنا بالكامل.
وأضاف القللي: كان يوجد في قنا 113 حرفة اندثرت، وجميع هذه المهن كان محترفوها يخرجون في كرنفال يجوب المدينة بالكامل ويتم تحيتهم بالورود والعطور الا أنه بسبب هذا الكرنفال كان يحدث احتكاك بين بعض القبائل مانتج عنها خصومات ثارية فرأت الحكومة إلغاء مثل هذه الكرنفالات حقنًا للدماء، وهذا القرار كان له ايجابياته وسلبياته لكن لم يتم استثمار تلك المظاهر التي كانت توضح العمق الاجتماعي والتقليدي الشعبي واصبح مولد القنائي عبارة عن مراجيح ومظاهر لاتمد له بصلة.
وكشف القللي عن تحقيقه لمخطوطة دونت عام 1215 ميلادي في أثناء الحملة الفرنسية تؤرخ لعدة زوايا كانت تقام في الاحتفال بمولد القنائي وبعض المظاره السياسية الاخري ومنها أن قنا كان بها شيخ مشايخ قبيل نظام العمد حيث أن نظام العمد كان في عام 1882 وانتهي عام 1962 وكانت قنا تدار من خلال قاضي الصعيد وتم تدوين الاحتفال والمراسم التي كانت تتبع في ذلك الوقت، مشيرا إلى أنه عازم على نشر تلك المدونات.
خدمة القنائي
ويتبرع عدد من أبناء الطرق الصوفية بخدمة زوار القنائي وتنظيم موائد للمترددين والمحبين ويوزعون الطعام والمياه المثلجة بسبب ارتفاع درجة الحرارة، وتظل هذه الخدمة طوال الـــ24 ساعة وعلي مدى الاحتفال الذي يبدأ من أول شهر شعبان وحتى منتصف الشهر، بالإضافة إلى توفير مأوى للمغتربين الوافدين من أبناء المحافظات المجاورة والدول العربية وأحيانا بعض الدول الأجنبية.
ليالي الذكر
تقيم كل طريقة من أبناء الصوفية سرادقا مخصصا لها يتم وضع لافتة عليها اسم الطريقة، لإقامة الذكر الذي يبدأ في الساعات الأخيرة من الليل ويظل حتى ساعات الفجر.
وتوفر الأجهزة التنفيذية بالمحافظة كافة الخدمات لزوار القنائي من خلال نظافة ساحة المسجد بشكل دائم مع التواصل بشكل مستمر مع التنفيذيين وغرفة عمليات المحافظة للإبلاغ عن أعطال الكهرباء أو المياه، مع رفع مخلفات الزوار لحظة بلحظة من ساحة وميدان الاحتفال.