يعد مستشفي الميري الجامعي بالإسكندرية، أو كما يطلق عليه البعض "مستشفي الموت" و"مقبرة الغلابة"، من أهم المستشفيات بالثغر، حيث يخدم محافظات الإسكندرية ومطروح والبحيرة وكفر الشيخ، ويعد ملاذا للمواطن الفقير، أشتهر المستشفي بسوء الخدمة الطبية والإهمال الشديد، كما أنه يعد الأعلي احصائية في حالات الوفاة، وهو ما أثار غضب عدد كبير من المواطنين بالشارع السكندري.
وترصد "أهل مصر" بعض الحالات التي طالتها يد الإهمال داخل مستشفي الميري بالإسكندرية وقضي علي حياة بعضها وحول حياة البعض الآخر إلي جحيم.
"سوبر ماركت" داخل العناية المركزة
يقول بيومي عبدالمجيد شعبان، موظف بأحد الشركات الخاصة، إن والدته توفت نتيجة الإهمال الشديد داخل مستشفي الميري بالإسكندرية، حيث كانت والدته وتدعي "نعمات عبدالغني شحتيت" محتجزة داخل المستشفي لإجراء عملية إزالة ورم في المخ، وبعد أن أجرت العملية تم وضعها داخل غرفة العناية المركزة بالمستشفي وعلي الرغم من صعوبة حالتها المرضية وتحتاج إلي رعاية خاصة، إلا أنها تعرضت لكافة أنواع الإهمال من قبل الأطباء والعاملين بالمستشفي.
ويضيف شعبان، أنه كلما جاءت حالة تستدعي وضعها داخل غرفة العناية المركزة بالمستشفي يتم إخراج والدته رغم حالتها الخطرة من غرفة العناية إلي أي غرفة أخري عادية غير مجهزة ومهيأة لحالتها، وعندما لا يوجد حالات مرضية داخل غرفة العناية يقوموا بإرجاع والدته مرة أخري لغرفة العناية، وذلك طوال فترة تواجدها بالمستشفي ولمدة 25 يوما لتزداد حالتها سوء يوما بعد يوم إلي أن وافتها المنية بسبب إهمال المستشفي.
ويشير إلي أن غرفة العناية المركزة بالمستشفي هي عبارة عن مخزن أو منفذ لبيع السجائر وبعض السلع الغذائية، حيث يقوم بعض العاملين بالمستشفي بتحويل جزء منها إلي "سوبر ماركت صغير" لبيع السلع والمنتجات للعاملين داخل المستشفي، فضلا عن قيام البعض بالتدخين داخل الغرفة وعدم وجود رعاية كافية بالمرضي، بالإضافة لعدم وجود أطباء بشكل دائم، وأيضا استغلال بعض الأطباء للمرضي بجمع مبالغ مالية في مقابل نقلهم لعياداتهم الخاصة خارج المستشفي.
-دخل لـ"بتر إصبعين" وخرج بدون "ساقه"
ورصدت "أهل مصر" ضحية أخري من ضحايا الإهمال بالمستشفي الميري بالإسكندرية، حيث دخل محمد رمضان حسين، 56 سنة، كهربائي سيارات، المستشفي وهو يعاني من قصور مزمن بشرايين الساق اليمنى وقصور بوظائف الكبد، ويحتاج إلي توسع لشرايين الحوض وتركيب بالون، وإجراء عملية بتر لإصبعين من أصابع قدمه اليمني، وتم إحالته من إحدي العيادات الخاصة إلى المستشفي الميري نظرًا لتوفر الإمكانيات والأجهزة الطبية به.
وعلي الفور قامت أسرته الفقيرة بتحويله إلي المستشفي، لتناله يد الإهمال، حيث تركه الأطباء دون إجراء العملية له لما يقرب من 22 يومًا، مما أدي إلي ازدياد حالته سوءًا بعد سوء.
وقالت زوجته، إنه بعد ترك زوجها طوال هذه المدة دون إجراء العملية له، طلبت من الطبيب المشرف علي حالته توقيع الكشف عليه ففوجئت برده "لما تجيبي فلوس العملية الأول نبقي نعملهاله" فأحضرت لهم المبلغ المطلوب، إلا أنهم تركوه بعد ذلك ولم يتم إجراء العملية.
وأضافت "فوجئنا بعد ذلك بأنه يحتاج إلي بتر ساقه من الفخذ، وذلك بسبب إهماله وعدم إجراء عملية بتر الإصبعين له منذ أن تم تحويله إلي المستشفى، مما تسبب في إصابته بغرغرينا، فقمنا علي الفور بتحويله من المستشفي الميري إلي أحد المستشفيات الخاصة بمنطقة الهانوفيل بغرب المدينة لإجراء العملية وإنقاذ حياته، بعد عراكٍ مع العاملين بالمستشفي الميري وتوقيع إقرار بإخلاء المسؤولية عن الحالة بعد خروجها، فكل ما يهمهم هو ضمان عدم تعرضهم للمسائلة القانونية، أما صحة المواطن فلا مشكلة في ذلك".
وتابعت الزوجة، "إحنا لو كنا سبناه في المستشفي كان هيموت بسبب إهمال حالته.. إحنا كنا داخلين المستشفي لإجراء عملية بتر لإصبعين في قدمه فقط ودلوقتي هيتم بتر ساقه من الفخذ.. ولما كنا بنتكلم مع الدكتور المشرف علي حالته بسبب تركه دون علاج وعدم إجراء العملية له، يقولي دا اللي عندي واللي عندكم اعملوه".
واستطردت الزوجة، والتي بدأ عليها حالة اليأس والحزن علي حال زوجها المسن، حيث تستاء حالته يومًا بعد يوم، " كل اللي يهم دكاترة المستشفي الميري إنهم يجيبوا طلاب الجامعة ويشرحلهم حالة المريض ويمْشُوا وخلاص علشان يدوا الطلبة الدرجة.. دا كل اللي يهمهم لكن المريض في داهية مش مشكلة.. حسبي الله ونعم الوكيل فيهم بسبب اللي عملوه في زوجي".
وما زاد من معاناة الأسرة الفقيرة ما اكتشفوه بعد إجراء تحاليل وفحوصات طبية له من إصابته بـ "فيروس C" خلال فترة إهماله داخل المستشفي، وهنا تكشف زوجته السبب حيث تقول "كان هناك حالة مرضية على السرير المجاور لسرير زوجي مصابة بفيروس C، وتوفيت الحالة بعد 3 أيام من دخولها المستشفي، وكنت قد طلبت من الدكتور بأن يتم نقل الحالة المصابة في غرفة خاصة بعيدًا عن حالة زوجي والحالات الأخري الموجودة في الغرفة وذلك لعدم انتقال الفيروس إليهم عن طريق العدوي، إلا أنهم رفضوا نقلها مما تسبب في إصابة زوجي بفيروس C بسبب الإهمال وعدم الحرص علي حياة المواطنين".
وطالبت الزوجة جميع المسؤولين بإرجاع حق زوجها قائلة "بطالب المسؤولين بإنهم يشوفوا إيه اللي يرضيهم ويعملوه المهم حق زوجي يرجعلي، بعد رجليه ما راحت، من رئيس القسم بالمستشفي الميري، ونائبه، ومن رئيس قسم الأوعية الدموية وهو المتسبب الرئيسي فيما آلت إليه حالة زوجي، وهو أيضًا من طلب بتحويله من عيادته الخاصة إلي المستشفي الميري ومعايا تقرير طبي منه بحالته قبل إحالته للمستشفي، وهو من طلب مني تحضير ثمن العملية 17 ألف جنيه ولم يقم بعمل شئ".
-"إقرار الموت"
"لا يوجد دكاترة ولا عناية وكل اللي فيها طلبة بيتدربوا علي المرضي ولا يوجد علاج متوفر داخل المستشفي"، يقول المهندس هاني ناصف، الأمين العام المساعد لشؤون العضوية بحزب حماة الوطن بالإسكندرية، مضيفا أن أهل المريض المتقدم لإجراء أي عملية جراحية داخل المستشفي فيطلبون من زويه التوقيع علي إقرار طبي لإخلاء مسؤولية المستشفي عن الحالة، وهو في الحقيقة إقرارا بالموافقة علي جعل مريضهم حقلا لتجارب الأطباء بالمستشفي.
وأضاف ناصف، أن شقيقته كانت تجري عملية جراحية داخل المستشفي وعاني كثيرا بسبب عدم وجود أطباء يشرفون علي المرضي بشكل دائم، فضلا عن سوء معاملة المواطنين، وعدم توافر الأدوية، مضيفا أن حالة شقيقته ازدادت حالتها سوءًا بعد إجراءها العملية وبسبب إهمال المستشفي مما أدي إلي وفاتها.
وأشار إلي أن هناك العديد من الحالات المرضية أجرت عمليات داخل المستشفي وتوفت أو خرجت مصابة بعجز نتيجة الإهمال الطبي بالمستشفي، مستغلين في ذلك عدم امتلاك أهل المريض للمال ليلجأ إلي مستشفي خاص لعلاجه، ولا يملكون سوي اللجوء إلي مستشفي الميري ويسلمون أمرهم إلي الله، فيقع مريضهم فريسة سهلة ومحل تجارب لطلبة كليات الطب بالجامعة.