اعلان

الدولة تتراجع عن أكشاك جمع القمامة.. برلمانيون: أخطأنا بالموافقة عليه.. و"الزبالين": شخصيات هامة وراء "إلغاء الفكرة".. ومحافظة القاهرة: يصعب وقف المشروع

أكشاك جمع القمامة

على مدار عقود طويلة تعامل المصريون مع "القمامة" كما لو أنها "كابوس" صعب المفر منه، لتكدسها في الشوارع دون وجود حلولًا جذرية لها، ليأتي أحد المقترحات من قِبل النائبة شيرين فراج، متمثلًا في "أكشاك شراء المواد الصلبة من القمامة"، والذي شُرع في تنفيذها في بعض مناطق محافظة القاهرة.

بالرغم من الإشادات العديدة التي حظى بها هذا المشروع، إلاّ أنه تسبب في جدل وغضب شديدين من قِبل الزبالين ومتعهدي القمامة، الذين اعتبروه بمثابة "إثناء" لهم عن المهنة التي ورثوها عن آبائهم، لتقرر محلية البرلمان الخميس، إيقاف هذا المشروع لحين تقييمه.

"أهل مصر" تستعرض، خلال هذا التقرير، بداية القصة وما شابها من انتقادات وكيف تطورات إلى أن تم إيقافها.

◄ البداية ►

مطلع شهر مارس الماضي، قدمت النائبتان شيرين فرج ونادية هنري، مقترحهما لمناقشته في مجلس النواب، وذلك بالاتفاق مع المهندس عاطف عبد الحميد، محافظ القاهرة، والذي بدوره شرع في تنفيذ هذا المشروع بداية في حي "مصر الجديدة"، حيث تم إنشاء (8 أكشاك).

تمثلت فكرة هذه الأكشاك في أن يقوم المواطنون بجمع المواد الصلبة فقط من القمامة التي لديهم وبيعهم لها؛ وذلك لإعادة تدويرها في المصانع من جديد.

الفكرة سرعان ما انتشرت انتشار النار في الهشيم، إذ لاقت ترحيبًا كبيرًا من قِبل المواطنين، الذين باتوا يقومون بتجميع هذه القمامة بأنفسهم وبيعها لهذه الأكشاك.

عقب هذا الترحيب، أعلنت محافظة القاهرة عزمها على تعميم هذه الفكرة في معظم مناطقها وأحيائها، لتلتقط باقي محافظات مصر الفكرة بادية رغبتها في تطبيقها هي أيضًا.

◄ الخلاف ►

استقبل الزبالون، هذا المقترح بمزيد من الغضب، تمثل في اعتصامهم لبعض الأيام، فضلًا عن قيامهم بمقابلة بعض المسئولين في الدولة؛ لبحث هذه الأزمة، والتي من شأنها أن تؤثر على أعداد كبيرة منهم.

وصل التوتر بين البرلمان ونقابة الزبالين، إلى ذروته، عن طريق الحرب الكلامية التي نشبت بينهما في وسائل الإعلام، حيث اتهم شحاتة المقدس، نقيب الزبالين، مقترحي هذا المشروع بأنهم يسعون للتجارة من ورائه.

الأمر الذي جعل النائبة شيرين فراج ترد على هذه الاتهامات، قائلة إن الذين يعترضون على هذا المشروع "أعداء نجاح"، مستندة في ذلك إلى ما وصفته بـ"النجاح" الذي حظي بهذه الأكشاك وترحيب المواطنين بها.

◄ البرلمان يوقف المشروع ►

بشكل مفاجئ أوصت لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، بإلزام محافظة القاهرة بوقف تنفيذ فكرة أكشاك القمامة لشراء المخلفات الصلبة، لحين إعادة تقييمها وبحث دمجها في المنظومة.

يرجع المهندس أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، سبب اتخاذ هذا القرار إلى أن ثمة تسرع من قِبل محافظة القاهرة في إصدار التراخيص الخاصة بهذه الأكشاك، والتي من شأنها سمحت لها بمزاولة العمل داخلها.

أضاف السجيني، لـ"أهل مصر"، أنه بالرغم من موافقة الدولة مسبقًا على هذا المشروع؛ إلاّ أنها اكتشفت أنه لن يحل الأزمة بشكل جذري، إذ إنه يسمح بتجميع المواد الصلبة فقط من القمامة دون المواد العضوية، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء عقب تيقن المسئولين في الدولة أن اتخاذ هذا القرار كان خاطئًا للغاية.

أوضح رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، أن سبب عدم جدوى هذا المشروع أن مقترحي هذا المشروع فكروا في مصالحهم فقط، فيما من حق الدولة أن تفكر في مصلحتها وتعيد النظر فيه مرة أخرى، لاسيما وأن هذا المشروع طُبق دون الرجوع إلى وزارة البيئة أو شركات المتعهدين.

◄ سبب وقف المشروع ►

من جانبه، كشف نقيب الزبالين شحاته المقدس، سبب وقف هذا المشروع إلى قيام مسئولين ذوي مناصب عليا داخل الدولة بإصدار أوامرهم لإغلاق هذه الأكشاك، وذلك عقب اجتماعه بهم، حيث وعدوه باتخاذ هذا القرار.

قال المقدس، لـ"أهل مصر"، إن هذا المشروع كان محكومًا عليه بالفشل من البداية؛ نظرًا لأنه كان تجارة لصالح بعض الشخصيات في البرلمان وفي المحافظة، موضحًا أن هذه الأكشاك تقوم بشراء طن "الكانز" بـ(9آلاف جينه) بينما يقومون ببيعه بـ (17 ألف جنية)، وطن "الكرتون" يشترونه بـ(1000 جنيه) ليقوموا ببيعه بـ(2000جنيه)، متسائلًا:" أين تذهب هذه الأموال ولصالح من".

وتشمل أسعار المخلفات الصلبة :9 جنيهات لكيلو "علب الكانز الفارغة" و3 جنيهات لكيلو "أطباق الفويل الحراري، فيما وصل سعر كيلو زجاجات المياه المعدنية وزجاجات البلاستيك وأي نوع من البلاستيك إلى 150 قرشا، وكيلو الورق والكرتون بكل أنواعه إلى (50 قرشًا)‘ وكيلو الخشب إلى (20 قرشًا). كيلو الألمونيوم بـ12 جنيهًا، وكيلو الصفيح بـ25 قرشًا وكيلو القمامة العضوية بـ10 قروش.

على الصعيد ذاته، أشار نقيب الزبالين، إلى أنه حال تطبيق هذا المشروع سيودى بمصير (300 زبال) في محافظة القاهرة أدراج الرياح، والذين لا يملكون عملًا آخرًا لهم؛ نظرًا لأنهم يمارسون هذه الأعمال منذ عقود.

بحسب التقديرات، فإنه يتولى القطاع غير الرسمي، المتمثل بشكل أساس في "الزبالين" البالغ عددهم 70 ألف، العبء الأكبر من عملية جمع المخلفات وإعادة تدويرها، وذلك إلى جانب القطاع الحكومي الرسمي المتمثل في الهيئة العامة للنظافة والتجميل.

◄ رد المحافظة ►

على الجانب الآخر، استنكر اللواء محمد الشيخ، سكرتير عام محافظة القاهرة، إصدار محلية البرلمان قرارها الذي بمقتضاه أن يوقف عمل هذه الأكشاك، وذلك لما تحظى به من نجاحات كبيرة وإشادات عدة من قِبل أهالي القاهرة الذين يعانون من تكدس القمامة في الشوارع.

حسب التقديرات، فإن العاصمة القاهرة تنتج 15 ألف طن من المخلفات الصلبة كل يوم، فيما يُجمع منها بين 40-60% فقط.

قال الشيخ، لـ"أهل مصر"، إن التجربة -إلى الآن- حققت نجاحًا كبيرًا بشهادة المواطنين، وإبداء العديد من المحافظات رغبتها في تطبيق هذه التجربة للقضاء على القمامة بشكل نهائي، معتبرًا الاعتراضات التي تعرض لها هذا المشروع أمرًا طبيعيًا.

وأشار الشيخ، إلى أنه من الصعب للغاية أن يتم وقف هذا المشروع بشكل نهائي؛ نظرًا للتعاقدات التي تمت بين المحافظة وبين الشركات المتخصصة والمتعهدين، متسائلًا:" لماذا اعترض البرلمان على هذا المشروع وهو من اقترحه؟".

واعتبر سكرتير عام محافظة القاهرة، تبرير شيرين فراج لوقف هذا المشروع بأنه "مجتزئ"، أمرًا غير مفهوم: "قالت المشروع مجتزئ ومن ثم همت بالانصراف دون توضيح أيّ شيء آخر".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً