كشفت صحيفة "ذا ميل آند جارديان" أهمية المستعمرات السابقة في إفريقيا لفرنسا؟فهي بالنسبة للفرنسيين شريان حياة، ورغم وعود الرؤساء والمرشحين الرئاسيين بإصلاح سياسة فرنسا بشأن إفريقيا، والانتقال من وضع الهيمنة إلى وضع شريك، غير أن هذه الوعود سرعان ما تبخرت.
المرشحون للرئاسة في فرنسا يدركون تمامًا الأهمية التي يوليها بلدهم لأفريقيا والمستعمرات السابقة، وفى منتصف الحملة الانتخابية، زارت ماريان لوبان تشاد غربي إفريقيا، وذهب إيمانويل ماكرون إلى الجزائر.
وتختلف الآراء حول آفاق ومواقف فرنسا في إفريقيا اختلافًا كبيرًا، حيث يؤكد الرئيس الفرنسي الحالي "فرانسوا هولاند" أن باريس لا تتدخل في إفريقيا لتحقيق مصالحها الخاصة، كما لا تسعى إلى تغيير قواعد السياسة الإفريقية أو إحداث تغيير في النظام.
وجود فرنسا في إفريقيا يتركز على مستعمراتها السابقة، وخلال عملية إنهاء الاستعمار في الستينيات والسبعينيات، لم تفقد باريس أبدًا مصالحها الخاصة.
لا يزال استخدام اللغة الفرنسية في المستعمرات السابقة إلزاميًا، كما لا تزال تستخدم تلك المستعمرات عملة فرنسا، كما تحتفظ تلك المستعمرات بجزءٍ من احتياطها النقدي في البنك المركزي الفرنسي، وهو ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان ذلك يوفر مزايا لفرنسا أم للدول الإفريقية.
الشركات الفرنسية مثل شركة البناء "بولوري"، وعملاق النفط "توتال" ومجموعة الاتصالات "أورانج" يحافظون على وجود كبير في المستعمرات السابقة.
ويعتقد "ستيفان برون" الخبير في العلاقات الفرنسية - الأفريقية في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية :" أن النفوذ الفرنسي في أفريقيا قد يتضاءل قليلًا، لكنه لا يزال مؤثرًا إلى حد كبير".
وتستورد الشركات الفرنسية السلع من العديد من بلدان غرب ووسط إفريقيا، مثل خام "اليورانيوم" من النيجر والجابون، أو الكاكاو من ساحل العاج، ويتمركز حوالى 9 آلاف جندى فرنسى فى تلك الدول، وتتمثل مهمتهم فى محاربة الإرهابيين، وتدريب القوات الإفريقية.
وقال" فرنسا أصبحت أقل انخراطا فى التجارة والتمويل والاستثمار، ولكنها تحتفظ بنفوذها على السياسة النقدية ووجودها العسكري".
ومع ذلك، فإن الفرنسيين يواجهون منافسة متزايدة، خاصة مع محاولات الصين إقامة علاقات وثيقة مع العديد من الدول الإفريقية، وإظهار الولايات المتحدة اهتمامًا أكبر بإفريقيا فى السنوات الأخيرة.
وتدفع فرنسا الكثير من المال للحفاظ على دورها في إفريقيا باعتبارها لاعبًا رئيسيًا، التدخلات العسكرية ليست رخيصة، ولا المساعدات الإنمائية التي ترسلها إلى إفريقيا.
ولدى فرنسا مشاكل اقتصادية كثيرة، لذلك تجد صعوبة متزايدة في تمويل عملياتها الإفريقية، وثمة عامل آخر هو أن الاتحاد الأوروبي، أصبح أكثر نشاطًا في أفريقيا.
وقال "ستيفان برون": التأثير على سياسة فرنسا الوطنية الخاصة بإفريقيا يمكن أن يكون عميقًا.. وذلك يعني أن جزءًا من النخبة السياسية الباريسية ستفقد وسائل ممارسة النفوذ، ولا أعتقد أنهم مستعدون لقبول ذلك".
العديد من الرؤساء والمرشحين الرئاسيين وعدوا بإصلاح سياسة فرنسا بشأن إفريقيا، والانتقال من وضع الهيمنة إلى وضع شريك، غير أنّ هذه الوعود تغيرت من الناحية العملية.
ويمكن في الوقت نفسه سماع صوت السياسيين الأفارقة يخبرون مواطنيهم بأن بلدانهم تحتاج إلى أن تكون أقل اعتمادًا على فرنسا، السلطة الاستعمارية السابقة، مثل الرئيس "ألفا كوندي" من غينيا - الذي يتولى حاليًا رئاسة الاتحاد الإفريقي.
وأضاف "أننا ما زلنا على علاقة وثيقة بالقوة الاستعمارية السابقة، دعونا نقطع الحبل السري "، ولكن بعد أسبوعين، زار كوندي باريس وشكر الرئيس هولاند على قيامه بالكثير من أجل إفريقيا.
وكان "إيمانويل ماكرون" خلال الحملة الانتخابية الفرنسية، يعطي الانطباع مرارًا وتكرارًا إنه يريد تغيير سياسة فرنسا تجاه مستعمراتها السابقة.
وخلال زيارته للجزائر في فبراير، قال: الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، وهو جريمة ضد الإنسانية .. ويجب أن نواجه هذا الجزء من تاريخنا ونعتذر للذين كانوا ضحاياه فى النهاية".