في مفاجأة أثارتها عدة صحف عالمية، حول وجود 5 آلاف صيني يقاتلون في تنظيم داعش الإرهابي بسوريا، إلى جانب انضمام عدد كبير من المقاتلين ذات الأصل الشيشاني إلى التنظيم ذاته، مما يطرح تساؤلات عدة حول السر وراء اعتماد الأخير على هؤلاء المقاتلين، فضلا عن مهامهم في تنفيذ خطط التنظيم.
السفير السوري في بكين قال في تصريحات صحفية له، إن العناصر التي انضمت من الصين لداعش هي من الأويجور الذين يسكنوا في منطقة شينجيانج التي تشوبها الاضطرابات غربي الصين، مؤكدا أنه على الرغم من بعد المسافة الجغرافية التي تربط الصين بسوريا واختلاف البيئة، لكن يبدو أن تنظيم داعش تخطى كل هذه الصعوبات، وذلك اعتمادًا على تقارب الإيدلوجية الفكرية المتشددة وانتشار أفكاره بطرق سهلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الأويجور هم شعوب تركية ويشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية. بشكل عام يتركزون في منطقة تركستان الشرقية ذاتية الحكم والتي تعرف باسم "شينجيانغ" أيضا، على مساحة تعادل 16 مساحة الصين ويتواجدون في بعض مناطق جنوب وسط الصين، ويتخذون الإلحاد منهجا لهم، ويدينون بالإسلام.
ولم تكشف الصين أبدا عدد من تعتقد أنهم يقاتلون في الشرق الأوسط وعبر الجماعات الإرهابية، لكنها حذرت مرارا من أنهم يشكلون خطرا كبيرا على بلدهم، إلا أن مثل توجيه تنظيم داعش تهديدًا غير مسبوق إلى الصين في الشهر قبل الماضي رسالة تحذيرية واسعة، وهددت أقلية الأويجور من العراق للدولة الآسيوية بـ "سفك الدماء كالأنهار".
وكان التهديد الذي انتشر على نطاق واسع في المواقع والصحف المتشددة مدته 28 دقيقة، أظهر بما لا يدع مجالا للشك اختراق تنظيم داعش المتطرف للمجتمع الصيني عبر عدد من المتشددين من الأقلية المذكورة، وبحسب مراقبون دوليون فأن الاويجور، الذين يتحدثون التركية عددهم نحو 10 ملايين، ينحدرون من منطقة شينجيانج في شمال غرب الصين المحاذية لآسيا الوسطى، ويقولون مراقبون أن البيئة التي يتواجد فيها هذه الآقلية تنمو فيها أفكار الجماعات المتشددة فهي الأكثر احتضانًا لهؤلاء الذين يحملون الأيدلوجية المتطرفة، لكن يؤكد هؤلاء أنهم يتعرضون لتمييز ديني، وهو ما أدى إلى انتشار الفكر المتطرف في هذه المنطقة.
وحذرت الصين مرارا من أن قوى متطرفة من الخارج تقف وراء فكرة تنفيذ عمليات إرهابية في شينجيانج وغيرها من مناطق البلاد، ما دفع السلطات إلى شن حملة واسعة ضد المتطرفين، وعن الطرق التي يسلكها هؤلاء للوصول إلى تنظيم داعش، كشفت جماعات مدافعة لحقوق الإنسان في فترة سابقة إن كثيرا من أفراد الأقلية الإويجور فروا إلى تركيا هربا من الحملة الصينية.
وبهذا العدد الضخم الذي كشفه السفير السوري، ستكون الصين من أكثر الدول المصدرة لمقاتلوا تنظيم داعش في العالم، وعلى الرغم من ذلك إلا أن دمشق أبعدت المسئولية عن الإدارة الصينية بقول السفير السوري بأن بكين لم تأخذ جانب جماعات معارضة بعينها مثلما فعلت دول غربية، وإن سوريا والصين تتعاونان على مواجهة التهديد الإرهابي، مضيفًا إن الصين تفهم الطبيعة الحقيقية لعقيدة التشدد لهذه الجماعات، ونحن نتبادل المعلومات وما يزيد قليلا عن المعلومات فيما يتعلق بهذه الجماعات.
وأشار إلى أن هناك معلومات رسمية خرجت من الدول العربية التي تحارب نفس الجماعات الإرهابية، تؤكد أن هناك أسلحة صينية تم العثور عليها بعد طرد التنظيم من المناطق التي كان يسيطر عليها، فمؤخرًا قال المتحدث باسم الجيش الليبي العميد احمد المسماري، أنه تم العثور على صاروخ جو في مدينة درنة وهو صناعة صينية حديثة.
ويبدو أن لتصريحي متحدث الجيش الليبي والسفير السوري في الصين ارتباط مهم، فمن ناحية ساعدت البيئة الصينية على نشوء متشددين كانوا خط الدفاع الأول لبقاء التنظيم المتطرف، من ناحية أخرى كانت الأسلحة التي تستوردها الدول من الصين بمليارات الدولارات بشكل رسمي ويتم تسليمها للإرهابيين زادت من قوة داعش، حيث يؤكد المسماري أن الخطير أن هناك دول تستورد أسلحة شديدة التطور ومن ثم يتم توزيعها وضخها للجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن هذا الأمر يبعث للقلق.
وكان قد أعلن الرئيس الشيشاني رمضان قديروف الأحد أن قواته اعتقلت أكثر من 50 متمردا مرتبطين بتنظيم داعش، في استكمال لعملية أمنية كبيرة. وقال قديروف ان قوات الامن اعتقلت في امكنة عدة السبت عناصر جماعة مسلحة تابعة لمقاتل شيشاني اسمه عمران دتساييف موجود في سوريا. لافتا الى ان الاخير القى قنبلة يدوية اثناء اعتقاله الا ان الشرطة تمكنت من القبض عليه حيا.
وقال "شلت حركة كامل المجموعة الاجرامية واقتيد أكثر من 50 من افرادها إلى مخافر الشرطة". ونشر الزعيم الشيشاني فيديو يظهره متحدثا إلى المعتقلين. واعتبر زعيم الجمهورية القوقازية ان العملية التي تم التخطيط لها منذ الصيف الماضي شكلت "نجاحا كبيرا لاجهزة تنفيذ القانون".
ويتحدر عدد كبير من المتشددين الاجانب الذين يقاتلون في سوريا والعراق من منطقة شمال القوقاز. واوضح قديروف ان الشرطة اعتقلت السبت عددا من افراد المجموعة المسلحة بينهم "ارهابي خطير" قال ان اسمه عمران دتساييف، لافتا الى أن الأخير القى قنبلة يدوية اثناء اعتقاله الا ان الشرطة تمكنت من القبض عليه حيا.
وتابع أن دتساييف اعترف بتلقيه اوامر من داعش لقتل ضابط في الشرطة، وقتل رقيبا في الشرطة نوفمبر الماضي، وخاضت روسيا حربين خلال العقدين الماضيين ضد الانفصاليين في الشيشان إلا أن قديروف تمكن منذ تسلمه الحكم عام 2004 من اعادة الاستقرار الى الجمهورية الصغيرة.