تحت رعاية الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، ينعقد يومي 15 و16 مايو الجاري في العاصمة أبوظبي "المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني"، والذي يهدف لإيجاد أرضية مشتركة لصياغة منظومة قوانين وتشريعات دولية تتصدى لجذور وامتدادات الظاهرة الإرهابية في الفضاء الرقمي.
ويكرس المؤتمر، الذي يعقد بحضور إقليمي ودولي رفيع المستوى، موقع أبوظبي كمنصة لإطلاق أفكار مبدعة في مجال التعاون الدولي، وتطوير فهم أعمق للتحديات الجديدة التي تواجه المشرعين والفاعلين الحكوميين والمنظمات الدولية في التعامل مع الاستغلال المتزايد للفضاء الإلكتروني من قبل الجماعات الإرهابية.
واعتبر الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني، أن المؤتمر هو الأول من نوعه بالنظر إلى طبيعة المشاركين فيه والقضايا المطروحة عليه، وكذا الأهداف المرسومة له. فالقائمون على المؤتمر لا يطمحون إلى تنظيم تظاهرة إعلامية عابرة، وإنما يسعون إلى تشريح دقيق لظاهرة الإرهاب الإلكتروني ووضع خطة عملية تهيئ لاستصدار تشريعات دولية كفيلة بسد الفراغ القانوني في مجال مكافحة الظاهرة، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب التي يتمتع بها اليوم كثير من الناشطين الإرهابيين على الإنترنت.
وأضاف النعيمي أن انعقاد المؤتمر سيشكل اللبنة الأولى في خطة العمل المتوخاة لتجريم الإرهاب الإلكتروني بما يتضمنه من جدول أعمال وورقات العمل التي سيتم طرحها، لوضع إطار قانوني دولي يحدد قواعد وأسس التعامل الجنائي مع الأعمال الإرهابية الإلكترونية، ويرسم جوانب التعاون المشترك بين المؤسسات المعنية بمكافحة هذا النوع من الأعمال الإرهابية، مؤكدا أن المؤتمر سيشكل دون شك إضافة نوعية للنقاش الدولي الدائر بشأن التوفيق بين التزام الدول باحترام مبادئ حقوق الإنسان وحاجتها الماسة إلى مكافحة الإرهاب في كل تجلياته، بما في ذلك الإلكترونيّة.
وأشار النعيمي إلى أن المؤتمر سيشهد مشاركة مجموعة من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية ومراكز البحث القانوني والأكاديمي في مجال مكافحة الإرهاب، وسيناقشون على مدى يومين "أنجع السبل لردم الهوة القانونية والتشريعية في تنظيم الفضاء الإلكتروني، والتي تستغل لتعبئة وتجنيد الشباب في التنظيمات الإرهابية، والتحريض على العنف، والترويج لخطابات التطرف والكراهية، والتمييز على أسس فكرية أو دينية أو عرقية".
وستتوزع أعمال المؤتمر على أربع جلسات رئيسة، تعقد أولاها تحت عنوان "الإرهاب الإلكترونيّ في سياق تضارب التّشريعات والانحسار الثّقافيّ والاجتماعيّ"، وتناقش تجارب الدّول في تشريعات مكافحة الإرهاب، وجغرافية الأزمات الدولية وأثر الإرهاب الإلكتروني عليها. كما تتناول أثر التحولات الاجتماعية وتراجع الأدوار الثّقافيّة في انتشار الإرهاب الإلكتروني وفي استراتيجيات جماعات العنف.
وتناقش الجلسة الثانية قضية "التوفيق بين مبادئ حقوق الإنسان والجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب الإلكتروني" من خلال التعرف على أفضل الممارسات في مجال مكافحة الظاهرة، والموازنة بين مطلبي تحقيق الأمن وحماية حقوق الإنسان، ودور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في هذا الباب. كما ستناقش الجلسة قضايا حرية الرأي والتعبير وازدراء الأديان، وحماية حقوق الطفل والحياة الخاصة للأفراد من الإرهاب الإلكترونيّ.
وستعقد الجلسة الثالثة للمؤتمر تحت عنوان "آفاق العمل المشترك بين المؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب الإلكتروني" وتهدف لملامسة معوقات التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال، وآليات تبادل المعلومات والتعاون بين المؤسسات المعنية بما فيها الأمم المتحدة، وسبل تعزيز الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب الإلكترونيّ.
وستختتم فعاليات المؤتمر بجلسة رابعة سيكون عنوانها "نحو إطار تشريعي شامل لتجريم الإرهاب الإلكترونيّ"، حيث سيناقش المتحدثون إمكانية إيجاد اتفاقية دولية ملزمة لتجريم الإرهاب الإلكترونيّ، وتفعيل دور التعاون القضائي الدولي في صياغة قوانين وطنية خاصة بتجريم هذا النوع من الإرهاب، وإيجاد إطار مؤسساتي لإقامة شبكة علاقات من القطاعين العام والخاص في العالم العربي لدعم جهود الحكومات في مجال الامن والسلامة المعلوماتية.