أثارت الحلقة التي قدمها الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، في برنامجه "المسلمون يتساءلون" يوم الثلاثاء الماضي، على فضائية "المحور" جدلًا واسعًا على مستوي الأزهر الشريف، والبرامج الإعلامية، بالإضافة إلى استنكار بعضًا من رواد موقع التواصل الاجتماعي عما ورد من الشيخ، في وصفه للمسيحين أنهم يتبعون عقيدة مضللة.
وتضمنت الحلقة التي أثير حولها الجدل تفسير بعض آيات سورة آل عمران، حيث قال الشيخ أثناء تفسيره للآية رقم 90، أن المشايخ الذين يقولون للمسيحيين واليهود أنهم مؤمنون، يقع ذلك تحت مبدأ التضليل، وأكمل قائلًا: "اللي قالوا للمسيحين واليهود أنتم مؤمنين، ضللوهم، وبكده هيفرحوهم دلوقتي ولكن يوم القيامة هيقفوا على الصراط ويقولوا يارب دال قالوا أننا مؤمنين"، موضحًا أنه من المفترض أن نعيش بمحبة في المجتمع، ولكن عند النظر في العقيدة فأنهم مخطئين.
وهذا ما فتح النار على الشيخ عبد الجليل من جانب الأزهر الشريف وعدد من الإعلاميين، بالإضافة إلى اتهامه بازدراء الأديان من جانب المحامي نجيب جبرائيل، على خلفية تصريحاته الأخيرة بشأن الأقباط.
وظهر الهجوم على الشيخ من خلال تعليق الدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، الذي قال إن ما قاله وكيل وزارة الأوقاف الأسبق لا يعتبر فتوي ولا كلام يليق بالدين الإسلامي.
وأوضح أن الدين هدفه توحيد الناس على هدف واحد، ومن هنا لا يجوز لأحد أن ينتقد عقيدة الآخر، لأن الله عز وجل هو وحده من يفصل في أمر العقائد يوم القيامة، موضحًا أن الذي يهاجم عقيدة الآخر يضع نفسه مكان الله سبحانه وتعالي، وهذا خطأ كبير يقع فيه الكثير.
المنع من الوقوف على المنابر
ومن جانبه، منع القطاع الديني بوزارة الأوقاف، الدكتور عبد الجليل من صعود المنابر، وأرسلت منشورًا لجميع مديريات الوزارة بالمحافظات لإعلامهم بالأمر.
وكانت وزارة الأوقاف قد أكدت بالأمس، في بيان لها أن الدكتور سالم عبد الجليل مستقيل ولا علاقة له بوزارة الأوقاف، موضحة انها قررت منعه من صعود المنبر ما لم يصحح ما تسببت به تصريحاته من قلق وتوتر، ويتعهد صراحة بعدم التعرض لعقائد الآخرين مرة أخرى.
أما عن مجمع البحوث الإسلامية، فقد عقد اجتماعًا طارئًا اليوم الخميس، واستعرض فيه تصريحات الشيخ سالم عبد الجليل، وأوضح المجمع أن ما صدر عن الشيخ مجرد رآى شخصي، ولا يعبر عن الأزهر الشريف الذي لا يملك حق تكفير الناس.
وأكد المجمع على أن الشيخ الطيب هو وحده من يمثل الأزهر الشريف، مشيرًا إلى أن الذي تصدرها دار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، تكون فتاوي ضمن الأصول الإسلامية التي لا خلاف عليها في الأزهر وعلمائه.
تهمة ازدراء الأديان
أتهم المحامي نجيب جبرائيل، الشيخ سالم عبد الجليل بتهمة ازدراء الأديان بعد تصريحاته الأخيرة التي اتهم فيها الأخوة المسيحين بأنهم يتبعون عقيدة فاسدة.
وطالب المحامي بضرورة محاكمته بتهمة ازدراء الأديان، وتهديد الوحدة الوطنية، وزعزعة السلام الاجتماعي والتحريض على قتل المسيحيين، ومناهضة الدولة المصرية، وهذا ما جعل محكمة جنح أول أكتوبر تحدد يوم 24 يونيو المقبل، للنظر في القضية.
المحور تعتذر وتنهي التعاقد
قامت قناة المحور بإصدار بيان توضح فيه، انها تعتذر عما جاء على لسان أحد مقدمي برامجها الدينية من تراشق مع عقيدة الأخوة المسيحين، فيما تراه إدارة المحور غير معبر عن رسالتها بأي حال من الأحوال، وهي التي تتبنى منذ انطلاقها عام 2002 من الرأي والرأي الآخر دون مساس أو تجريح.
وأوضحت إدارة القناة، برئاسة الدكتور حسن راتب، قررت إنهاء التعاقد مع الشيخ سالم عبد الجليل، مع الحفاظ على برنامج "المسلمون يتساءلون"، احترامًا للمشاهدين، ولأن البرنامج علامة مضيئة على درب الإسلام السمح ورسالته المتوازنة الحاضنة لجميع الرسالات السماوية.
الشيخ عبد الجليل يرد على إنهاء تعاقده مع المحور
ورد الشيخ سالم عبد الجليل على ما أقدمت عليه قناة المحور من إنهاء التعاقد معه، بسبب ما قاله في البرنامج الذي يقدمه على القناة، موضحًا إن قناة المحور لا تتحمل المسئولية عن حديثه عن الأقباط والذي أثار جدلًا.
وأكمل عبد الجليل رده، قائلًا: " أنا اتحمل المسئولية وحدي والقناة تعرف هي جابية مين، أنا أستاذ جامعة وأنا أول من ألف كتاب في تجديد الخطاب الديني، ولم أترك مناسبة لتجديد الخطاب الديني إلا وتحدثت فيها".
الشيخ عبد الجليل يقدم اعتذار
أصدر الشيخ عبد الجليل، بيانًا توضيحيًا أمس الخميس، بشأن الخطأ الذي أثير عن تكفيره للمسيحيين، وقال خلال البيان " ما صدر مني في إحدى حلقات برنامجي اليومي المذاع على قناة المحور الفضائية كان في سياق تفسيرنا لسورة آل عمران (ضمن تفسير للقرآن بدأ منذ أكثر من سنة) وتحديدًا لقول الله تعالى في سورة آل عمران، "ومن يبتغِ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخسرين".
وحيث إن البعض اعتبر فيه جرحا لمشاعر الإخوة المسيحيين فأنا عن جرح المشاعر أعتذر، وأكمل تصريحه، قائلًا "وكيف يكون في القرآن إهانة لغير المسلمين وهو يجرم علينا سب أصنام المشركون، فكيف بالعقل والمنطق سيستخدم كلمة فيها إهانة وسب لإنسان فضلًا عن أنه من أهل الكتاب، وقال الله تعالي "وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ".
وأوضح عبد الجليل أن العلاقة بين بني البشر تقوم على احترام الآخر، والحفاظ له على دينه ونفسه وعقله وعرضه وماله، وهذه مقاصد جميع الشرائع السماوية، ومعاملة غير المسلمين بالبر والقسط والمعروف هي منهجنا كما قال تعالى في سورة الممتحنة: "لَّا يَنْهَاكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ".